لغة الأرقام تؤكد أن المصريين باتوا يفضلون الموت على الحياة في عهد عسكر 30 يونيو، فقد أقدم 6 مواطنين على الانتحار بمحافظة الجيزة وحدها خلال أسبوع واحد، بينما كشفت دراسات ميدانية عن حدوث أكثر من 4200 حالة انتحار في 2016م. وشهدت مناطق الدقي والعجوزة والحوامدية والهرم و6 أكتوبر وإمبابة الحالات الست، بينما تؤكد التحريات عدم وجود شبهة جنائية وراء هذه الوقائع، بحسب صحيفة "المصري اليوم" في عدد اليوم الخميس 28 ديسمبر 2017م، وأن هؤلاء فضلوا إنهاء حياتهم لأسباب «نفسية واقتصادية»!. والراصدون لهذه الحالات يؤكدون أن معظم من يقدمون على الانتحار يعانون من أزمات نفسية حادة جراء الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وتآكل دخول المواطنين، والتي تتزامن مع موجات متواصلة من الغلاء الفاحش وغير المسبوق طال كل السلع والخدمات. إحصائيات مخيفة وكشفت إحصائية صادرة عن المركز القومي للسموم التابع لجامعة القاهرة، عن تزايد أعداد المنتحرين بسبب العنوسة والبطالةمن الشباب، حيث أقدمت حوالي 2700 فتاة على الانتحار سنويًا بسبب العنوسة، فضلا عن إقدام العديد من الشباب على الانتحار أيضا بسبب البطالة وصعوبة الزواج، خصوصًا ممن يعيشون قصصا غرامية. في عام 2007: أظهرت دراسة مصرية أن هناك 3708 حالات انتحار وقعت في مصر خلال العام، وأن نسبة المنتحرات من الإناث كانت أكثر من الذكور لتصل إلى 68 في المئة للإناث مقابل 32 في المئة للذكور، وسبق أن سجلت إحصائيات المركز القومي للسموم التابع لجامعة القاهرة وقوع 2355 حالة انتحار بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 22 و23 عامًا خلال عام واحد طبقا للإحصائيات الرسمية. عام 2009: تزايدت محاولات الانتحار لأكثر من 100 ألف حالة، تمكن 5 آلاف شخص منهم من التخلص من حياتهم. وتقول الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إن جريمة الانتحار في مصر، أصبحت ظاهرة خطيرة تتصاعد يوما بعد يوم. صعوبة الحصول على أرقام وفي تقرير نشرته شبكة (BBC) البريطانية، عام 2015م، تؤكد فيه صعوبة محاولة الحصول على أرقام رسمية بشأن أعداد المنتحرين في مصر، ونقلت عن المتحدث باسم وزارة الصحة حسام عبد الغفار، أنه "ليس لدينا أرقام بشأن حالات الانتحار، ونتعامل معها كحوادث عادية مثلها مثل حوادث الطرق". لكن تقرير الأمن العام الذي تصدره وزارة الداخلية المصرية سنويا ذكر أن عام 2011 شهد 253 حالة انتحار وشروع في الانتحار، زادت لتصل إلى 310 حالات في 2012. وفي عام 2012، صنفت منظمة الصحة العالمية مصر من بين أقل الدول في معدلات الانتحار، بأقل من خمس حالات بين كل 100 ألف شخص. ووفقا لبي بي سي فإن خبراء يشككون في مدى مصداقية هذه الأرقام في تعبيرها عن الواقع. ويقول الدكتور أحمد أبو الوفا، أخصائي الطب النفسي بوزارة الصحة: "هناك صعوبة شديدة في تحديد أرقام حالات الانتحار، لأن أهل الشخص المنتحر يرفضون الإعلان عن ذلك، وبالتالي لا يتم توثيق أغلب الحالات". ويضيف أبو الوفا "ليس هناك وسيلة تؤكد أو تنفي زيادة معدلات الانتحار، لكن كل ما تغير هو أن الاهتمام الإعلامي بهذه القضية قد زاد". أسباب الانتحار من جهة أخرى، يقول الدكتور أحمد عبد الله، مدرس الطب النفسي بجامعة الزقازيق: إن "كل أسباب الانتحار موجودة في مصر، فالانتحار هو نوع من أنواع العنف، لكنه موجه ضد النفس، وقد يرجع لأسباب بيولوجية ونفسية واجتماعية، بداية من التلوث مرورا بالضوائق الاقتصادية، ووصولا إلى القمع وكبت الحريات". ويضيف عبد الله "في الغالب لا توجد حالة انتحار لها سبب واحد، وزاد من تلك الأسباب في الفترة الأخيرة الإحباط الشديد عند الشباب، بسبب ركود الاقتصاد وتعثر الحياة السياسية، وغموض المستقبل وصعوبة الزواج، هذا فضلا عن المشاكل الأسرية والخواء الثقافي والديني". تزايد حالات الانتحار بعد الانقلاب وكان المركز القومي للسموم ووزارة الداخلية بحكومة الانقلاب قد كشفا عن أن عدد المنتحرين سنويا تجاوز 4250 منتحرا، أغلبهم تترواح أعمارهم بين الثلاثين والأربعين، فضلا عن عشرات الآلاف من محاولات الانتحار التي تشهدها بيوت وشوارع مصر كل عام، وتظهر آخر إحصائيات المنظمة حول مصر، احتلالها المركز 96 على مستوى العالم من حيث عدد الأفراد المقبلين على الانتحار. وتأتي هذه الأرقام المفزعة في ظل الأوضاع الاقتصادية المزرية تحت حكم النظام العسكري, حيث تجاوزت نسبة الفقر في مصر حاجز ال45% من الأسر تحت الخط, بينما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي "إنفوجراف"، يوضح حالات الانتحار في مصر خلال عام 2016. وتداول نشطاء "إنفوجراف" حول ارتفاع حالات المنتحرين بسبب الأعباء الاقتصادية التي أقرها النظام العسكري في مصر إلى 4000 شخص, وبلغ عدد المنتحرين باستخدام العقاقير السامة إلى حوالي 2400 حالة, وأشار الإنفوجراف إلى أن 53% من بين تلك الحالات من فئة الشباب. وتسببت الأوضاع المعيشية المتردية في ظل الانقلاب العسكري أيضا، في لجوء أعداد كبيرة من الشباب للهجرة غير الشرعية بحثًا عن لقمة العيش، ما تسبب في وفاة المئات منهم غرقا في البحار.