ربما تفاجأ البعض حين خالف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عقودا من السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي باعتبار القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني لكن أحدا لن يفاجأ لاستخدام واشنطن الفيتو ضد مشروع قرار يبحثه مجلس الأمن يطالبها بالتراجع عن خطوتها تلك. بدعم عربي ودولي وبطلب من السلطة الفلسطينية تقدمت مصر بمشروع قرار صيغ بناء على خصوصية مدينة القدس في مفاوضات التسوية النهائية القائمة على حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويدعو مشروع القرار كل الدول إلى الالتزام بقرارات مجلس الأمن السابقة والمتعلقة بمدينة القدس ويلغي أي تدابير تهدف إلى تغيير هوية المدينة المقدسة أو وضعها ويطالب جميع الدول بالامتناع عن إقامة بعثات دبلوماسية لها في القدس تطبيقا لقرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980 والذي ينص على عدم الاعتراف بالقانون الإسرائيلي بشأن القدس ودعوة الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة. وعلى الرغم من أن هذا التحرك العربي يأتي ردا على الإعلان الأمريكي بشأن القدس فإن نص مشروع القرار لم يشر إلى الولاياتالمتحدة أو الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. ويرى خبراء قانونيون أن تجنب ذكر الولاياتالمتحدة بالاسم ثغرة سمحت لواشنطن استخدام حق الفيتو ضد مشروع القرار فبحسب العرف الممارس بمجلس الأمن لا يحق للدولة العضو في المجلس التصويت حين تكون الشكوى أو الطلب المقدم ضدها وهو ما سبق وأكده الرئيس الفلسطيني في كلمته أمام قمة التعاون الإسلامي في إسطنبول. تثير هذه المعطيات تساؤلات عما حدث كي تتبدل الموازين ويصبح بإمكان واشنطن التصويت وبالتالي الحيلولة دون إجازة القرار في ظل تصريحات لمسئولين فلسطينيين عن محاولات من بعض الدول لابتزاز صيغة القرار أو لإسقاط بعض عناصره. وللمفارقة كان مجلس الأمن الدولي قد تبنى نهاية العام الماضي قرارا بعدم الاعتراف بأي تعديلات على خطوط 4 يونيو 1967 بما في ذلك القدس اختارت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما حينها الامتناع عن التصويت لإجازة القرار 2334. مرتكزة على الإجماع الدولي الرافض لقرار ترمب تتحرك السلطة الفلسطينية خطوات يقول وزير الخارجية رياض المالكي إنها بداية مسار بديل إذا حال الفيتو الأمريكي دون تبني مشروع قرار جديد بشأن القدس. تهدد السلطة الفلسطينية باللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ودعوتها إلى جلسة طارئة تحت عنوان الاتحاد من أجل السلام وهو إجراء يتم اللجوء إليه حين يخفق مجلس الأمن في القيام بما يلزم للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ورغم أن قرارات الجمعية العامة لا تعتبر ملزمة إلا أنها تصلح أساسا قانونيا لأي خطوات لاحقة.