تغير كبير حدث في الموقف السعودي الذي أسس منظمة المؤتمر الإسلامي في 1969 عقب حريق المسجد الأقصى، ثم تحولت المنظمة لاحقا إلى "التعاون الإسلامي"، إذ كان على رأس الوفد الممثل للسعودية اليوم في مؤتمر هذه المنظمة والتي يشغل منصب أمينها العام السعودي محمود العثيمين بإسطنبول، وزير الأوقاف السعودي، في أدنى درجات التمثيل المطلوبة من واحدة من أكبر الدول الإسلامية في مناقشة وبحث عن قرار لقضية من أشرف وأعدل قضاياها "القدس الشريف". حتى أن بعض المحللين رأوا أن الموقف السعودي الداعم لترامب من زيارة محمد بن سلمان لتهنئته بجلوسه على رئاسة الولاياتالمتحدة ثم مقدم ترامب للرياض في مايو الماضي؛ هو الدافع الأكبر وراء قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها. وتمسك الولاياتالمتحدة بتلابيب المملكة ومن ذلك مواقفها ولا مجال أمام من فقد الاحتياطي النقدي ببنوك الولاياتالمتحدة 750 مليار دولار، و460 مليار دولار أخرى اتفاقات عسكرية قبض منها ترامب 100 مليار دولار بشكل مبدأي لحماية ظهر المملكة من إيران. وتمتلك الولاياتالمتحدة العديد من أوراق الابتزاز منها؛ قانون جاستا، وشرركة أرامكو التي باتت الصحف الامريكية تشكل عائقا أمام دخول أي طرف غيرها على خط الشراء بثمن بخس. ابتزاز مالي الأكاديمي أستاذ العلاقات الدولية أيمن عبد الشافي صرح لوكالة سبوتنيك الاستخبارية الروسية قبل يومين أن الولاياتالمتحدة مستمرة في العمل على جلب الأموال من مختلف الجهات، ومن بينها بالطبع السعودية. وتوقع أستاذ العلاقات الدولية أن تكون المملكة العربية السعودية المحطة المقبلة لترامب، حيث من المحتمل أن تكون هناك إجراءات داخل الكونجرس الأمريكي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون ضد المملكة، من بينها تقديم مشروعات قوانين مماثلة لقانون "جاستا"، يمكن من خلالها الحصول على إدانات داخلية. وأردف "الولاياتالمتحدةالأمريكية يحكمها في الوقت الحالي رجل أعمال كبير، وهدفه الأساسي هو تعويض واستعادة كافة الأموال التي دفعتها بلاده في حروبها الخارجية وتمويلاتها للتنظيمات الإرهابية خلال السنوات الماضية، وبالتالي لن يوفر أي جهد في العمل على جلب الأموال من مختلف الجهات، ومن بينها بالطبع السعودية، التي تورط بعض مواطنيها في عمليات إرهابية ضد أمريكيين". عنصر اليمن ونسب موقع "بيلومبيرج" إلى كبير الباحثين بمركز دراسات الشرق الأوسط بمعهد بروكنغز "تامارا كوفمان ويتس" أن الولاياتالمتحدة تدفع بالملف اليمني في وجه السعودية لتحصل على أكبر المستحقات المالية، لا فرق في ذلك بين تصريحات ترامب ووزير خارجيته تيلرسون أو وزير الدفاع جيمس ماتيس. فعقب مطالبة ترامب للسعودية بوقف حصارها لليمن، صدرت نسخة أخرى من البيت الأبيض الجمعة الماضي تطالب الرياض بالسماح بالدخول الحر لكل البضائع عبر الموانئ اليمنية والرحلات التجارية لمطار صنعاء. وعلق الموقع بأن هناك خلف نغمة واشنطن الجديدة شعورا متزايدا بالحذر داخل خارجيتها من القيادة السعودية الشابة الذي يراها تيلرسون والكثير من الدبلوماسيين الأمريكيين تفتقر للخبرة المطلوبة. وأضاف بلومبيرغ أن تحذيرات تيلرسون مما تقوم به الرياض تزايدت بعد أن بدأ يشك في أن ولي العهد ومستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر يتكتمان على تفاصيل تتعلق بخطة سلام للشرق الأوسط تعتقد الخارجية الأمريكية أن لها عواقب كارثية. هدية كوشنر بعد ذلك يضع الملك سلمان وولي عهده فلسطين بل والقدس على طبق من فضة أمام سيد البيت الأبيض -ولعله يشبع- حيث حذرت صحيفة الجارديان البريطانية من خطورة ما يفعله كوشنر؛ وقالت "يبدو أن الشرق الأوسط بأكمله من فلسطين لليمن سينفجر، فالمنطقة كانت على الحافة، ولكن الأحداث الأخيرة جعلت الأمور أكثر سوءا، وبينما الفوضى واضحة لأي مراقب، ما هو أقل وضوحا دور “جاريد كوشنر” المتهم بجمع أموال للمستوطنات الإسرائيلية، وبصفته مستشارا خاصا للرئيس، يستطيع إعادة تشكيل الشرق الاوسط مع صديقه الجديد، ولي العهد السعودي. وزار كوشنر الرياض بحسب الجارديان سرا، والتقى القيادة السعودية وبقيا معا لفترة طويلة، ونحن لا نعرف بالضبط على ماذا كان يتآمران. لكن تحالف "كوشنر-الرياض" يتحرك إلى أبعد من المملكة، لان السعوديين والأمريكيين يخططون الآن لصفقة "سلام" جديدة لعرضها على مختلف القادة الفلسطينيين والعرب. أوراق الضعف من هنا صرح المحلل السياسي الأردني حسن أبو هنية لتلفزيون "دويتشه فيله" قبل ايام إن الضغط على المملكة تشكل ورقة جاستا الورقة الأقوى فيه ونقطة الضعف الأعلى حيث لوبي ضحايا هجمات سبتمبر قوي داخل الولاياتالمتحدة بكل تأكيد بحيث أن هناك إجماعا أمريكيا على هذا الموضوع ولا أحد يريد أن يزايد على أسر الضحايا. ويرى أبوهنية أن السعودية لن يكون بمقدورها التصعيد وإدارة ظهرها لواشنطن فهذا "سيجعلها عارية في مواجهة إيران، وبالتالي لا يوجد أمام السعودية سوى دفع التعويضات حسب (جاستا)". أما ما تملكه السعودية من أوراق فهي عديدة للضغط على الولاياتالمتحدة ومنها؛ الضغط المالي، بسحب الأرصدة المالية في البنوك الأمريكية وتقدر بنحو 750 مليار دولار، والضغط الأمني بوقف التعاون الاستخباراتي كما سبق فعلا وأن هددت هذه الدول، بالإضافة إلى الضغط العسكري من خلال إغلاق المجال الجوي السعودي أمام النشاط العسكري الجوي الامريكي ووقف شراء الأسلحة الأمريكية إلى جانب الضغط السياسي من خلال تخفيض التمثيل الدبلوماسي، وسلاح النفط. إلا أنها -كما يشير الخبير الأردني- أن مشكلة الرياض ليست في دفع المال، فهي سبق ودفعت مليارات للإدارة الأمريكية ولكن في شكل صفقات شراء سلاح أو استثمارات أو غيرها ولكن ليس باعتبارها راعية للإرهاب فهذا يضرب سمعتها في الداخل والخارج، وهي التي تسعى إلى ترويج نفسها كمركز لمحاربة الإرهاب في العالم.