أكثر من أربعة أعوام مرت على الانقلاب العسكري يمكن تلخيصها بثلاثة أقوال للسفيه عبد الفتاح السيسي، من "مصر أم الدنيا وحتبقى قد الدنيا" مع بداية الانقلاب، إلى صرخته القامعة "أنا مش قادر أدّيك، احنا فقرا أوي"، وصولًا إلى تصريحه بأن "مصر شبه دولة والمصريين معاهم فلوس كتير". والمدقق في المشهدين الإعلاميّ والسياسيّ يكتشف أن السفيه السيسي ونظامه باتا يفتقدان إلى الهالة السحريّة التي أحيط بها الانقلاب في 3 يوليو 2013، ووصلت حد الادعاء بأنه "قابل الله مرّتين" (جريدة الفجر، عادل حمّودة)، و"نساؤنا حبالى بنجمك" (الوطن الكويتيّة، مختار عيسى)؛ قد تلاشت، وأصبح يتعرّض للانتقاد علنًا من قبل الكثير من الإعلاميين والسياسيين الذين غادروا سفينه نظامه. انفض الانقلاب ومن الانتقادات التي تعرّض لها السفيه السيسي من مؤيدي الانقلاب، كانت من الإعلامي يسري فودة، الذي وجّه أسئلة سبعة للسفيه السيسي متهمًا إيّاه بتحويل "الدستور المصريّ إلى حبر على ورق" و"بمصادرة المجال العام كلّه من حياة سياسيّة أو مدنيّة أو إعلاميّة ‘لا في ما يوافقه". لم يكن يسري فودة وحده القادم من صفوف 30 يونيو الذي انقلب على السفيه السيسي، بل فعل ذلك من قبل عدد كبير من رفاق 30 يونيو، منهم محمّد البرادعي، والمتحدّث باسم حزب الدستور خالد داوود، والإعلامي باسم يوسف، والحقوقي خالد علي، إضافة إلى عدد كبير من شباب ثورة يناير، الذين استفاقوا من سُكر الثلاثين من يونيو إلى سوأة انقلاب الثالث من يوليو، ناهيك عن عدد كبير من السياسيين الذين لم يتخذوا موقفًا معارضًا صراحةً، لكنّهم انفضّوا عن السفيه السيسي وتأييده، ومنهم الكومبارس الرئاسي الدائم، حمدين صباحي، الذي سبق أن وصف السفيه السيسي بالقول "يا سيدي بدلًا من يا سيسي"، والإعلامي محمود سعد، الذي أوقف العسكر برنامجه الحواري نهاية العام الماضي. الحصاد الأسود وفي التطرق إلى حصاد حكم العسكر طوال أربع سنوات، لا يمكن أن تجدّ إلا السجن والقتل والتعذيب واستباحة أموال الدولة لمشاريع لا تؤتي أكلها، فتحت عناوين وهميّة ضخمة اتضّح، في ما بعد، زيفها، أعلن السفيه السيسي عن افتتاح قناة السويس الجديدة بأرباح متوقعة تصل إلى 200 مليار دولار سنويًا، لكن على أرض الواقع تبيّن أن القناة الجديدة ليست سوى تفريعة وأن ال200 مليار دولار انقلبت خسائرَ وتراجعًا في عائدات قناة السويس لأول مرّة منذ افتتاحها. وعلى ذلك يمكن القياس على فناكيش أخرى، كالمليون وحدة سكنيّة والعاصمة الجديدة والمؤتمر الاقتصادي، الذي يلهي السيسي بها الرأي العام المصريّ أسابيعَ، ومن ثم يعود لسيرته الأولى، اعتقال وتنكيل وقتل، وأخيراً تسخير الجيش في القتل على خطوط أسماك البلطي والجمبري. ومع فشل هذه الفناكيش، تبرز إلى الواجهة الصفقات العسكريّة الضخمة التي أبرمها السيسي مع فرنساوروسيا لشراء معدّات وأسلحة وعتاد لمحاربة الإرهاب، كان من الممكن أن تُخصّص لتنمية سيناء والمناطق المنسيّة الأخرى، وتأجير قواعد مصر العسكرية إلى روسيا والإمارات وربما "إسرائيل" في الخفاء. نجاحات السفيه ورغم ذلك، فقد حقق السفيه السيسي نجاحات عديدة بعد الانقلاب، لم يسبق لها مثيل، فقد منح ضبّاط الجيش من أجساد الغلابة علاوةً في المعاشات الشهريّة تبلغ قرابة ال200%، وكذلك، ولو بنسبة أقلّ، للقضاة؛ والنجاح الباهر في بناء السجون وهذا العدد الضخم جدًا من المعتقلين، الذين يقدّره مراقبون بأكثر من 60 ألف معتقل سياسيّ. ورغم أن السفيه السيسي جاء من المؤسسة العسكريّة ، التي دافعت عن أرض سيناء بدمها في الحروب المتعاقبة مع كيان العدو الصهيوني قبل كامب ديفيد، إلا أن لم يقم اعتبارًا لدماء شهداء مصر، حين تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير المصريّتين لصالح السعوديّة، في مشهد قلَّ نظيره، وينوي التنازل عن مساحة شاسعة من سيناء لتوطين الفلسطينيين بدلا من عودتهم للقدس، تحت ما يسمى ب"اتفاق القرن". أكثر من أربعة أعوام مرّت على الانقلاب العسكري، بدأت بجريمة خيانة رئيس منتخب، ومصادرة الدستور والقمع، ومن ثم مجزرة رابعة المريعة، تلاها قمع في الحريات ومهانة في القرار وعبث في مقدّرات مصر.. لكن الأخطر هو التنازل عن الأرض المصريّة، الذي فتح السيسي بابه، ولن يغلقه إلا ومصر تحت الاحتلال والمندوب السامي.