* "عربيات الخضار" علاج السيسي السحري لحل أزمة البطالة * الإحصاء يزيف أعداد العاطلين.. وحقوقيون: 45% بلا عمل * إغلاق 8 آلاف مصنع ومشروع.. تشريد 500 آلف عامل * هروب الشركات الأجنبية من جحيم السيسي.. تشريد آلاف الموظفين * السياسات الإجرامية حاصرت مليون عامل مصري في ليبيا
5 يونيو ليست ذكرى "النكسة" التي عاشها الشعب المصري في ستينيات القرن الماضي على وقع الاحتلال الصهيوني وحسب، وإنما ذكرى «النكبة» التي يعيشها الجيل الحالي بعد الانقلاب العسكري على ثورة 25 يناير ومرور 365 يومًا على وصول دبابة عبدالفتاح السيسي إلى القصر الرئاسي.
عام بالتمام والكمال مر على احتلال قائد الانقلاب العسكري لمقعد الرئيس، ليقود البلاد نحو الانهيار في شتى المجالات الأمنية والاقتصادية والخدمية والاجتماعية والسياسية، ويعود بالبلاد إلى حقب الظلام الفاشية، ويعيد الدولة البوليسية في أقبح صورها القمعية، وترجع مصر في عهد السيسي إلى 24 يناير 2011.
"الحرية والعدالة" تقدم الحصاد المر لعام "رسمي" من اغتصاب السيسي، سبقه عام "فعلي" لإدارة البلاد من خلف الكواليس في مشهد تصدره "الطرطور" ومر عليه مرور الكرام، وتفتح في أولى حلقات الحصاد ملف البطالة، الذي أتى على رأس أولويات قائد الانقلاب قبيل هزلية الانتخابات الرئاسية.
سوق العبور
البطالة التى تضرب المجتمع المصري فى مقتل، توقفت أرقامها عند قائد الانقلاب عند حاجز 3000 عاطل في بر مصر، وهو دفع الرجل العسكري للتفكير خارج الصندوق وطرح مشروع خيالي من أجل استيعاب تلك الطاقات المهدرة في واحد من أكثر المشروعات القومية في سوق العبور.
وكشف السيسي عن ملامح هذا المشروع الناجع بتسليم ألف سيارة "نصف نقل" للشباب من أجل نقل الخضراوات والفاكهة من سوق العبور بالقليوبية إلى كافة مدن ومحافظات الجمهورية، ويعمل على كل سيارة إلى جانب السائق اثنين من الشباب ما يعني استيعاب هذا المشروع إلى قرابة 3 آلاف عاطل فى حل سحري.
أرقام حكومية
ومع انقضاء العام الأول لم يوفر السيسي سيارات الخضار، ولا يزال ال3000 شاب ينتظرون تنفيذ وعد قائد الانقلاب، إلا أنه من بين تلك الأجواء السلبية بشرت حكومة العسكر الشعب المصري بأن البطالة في طريقها إلى زوال مع مشروعات "فناكيش" الانقلاب، وأكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر عن انخفاض معدل البطالة إلى 12.8% خلال الربع الأول من العام 2015، مقابل 12.9% خلال الربع السابق عليه، وكان قد سجل 13.4% خلال الربع ذاته من العام 2014.
وأرجع الجهاز - في بيان له - الانخفاض خلال الفترة من شهر يناير إلى شهر مارس من العام الجاري إلى التحسن الذي طرأ على الأنشطة الاقتصادية، وارتفاع حجم قوة العمل لتبلغ 27.7 مليون فرد خلال الربع الأول بزيادة قدرها 36 ألف فرد بنسبة 0.1% عن الربع الرابع من العام الماضي، وبزيادة قدرها 149 ألف فرد بنسبة 0.5% عن الربع ذاته من العام 2014.
وأشار إلى انخفاض عدد العاطلين ليبلغ 3.5 ملايين متعطل من إجمالي قوة العمل بانخفاض قدره 21 ألفًا عن الربع السابق وبانخفاض قدرة 152 ألفًا عن نفس الربع للعام 2014.
أرقام الحكومة التي بطبيعة الحال تختلف عن أرقام السيسي، كذبتها الإحصاءات التي صدرت عن جهات دولية وإقليمية ومحلية، حيث أكدت "يونيسيف" أن البطالة في مصر تتجاوز المعلن ب13.4%، وهو ما أكده هاني توفيق رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر بأن البطالة في مصر لا تقل عن 45%عند إضافة البطالة المقنعة.
واعتبر أحمد حسن البرعي وزير القوى العاملة والهجرة السابق أن نسبة البطالة في مصر بين الشباب دون التعليم الجامعي تتراوح بين 9% إلى 10%، بينما ترتفع بين خريجي الجامعات إلى ما يقرب من 45%، مضيفًا أنه لا بد من توفير 10 ملايين فرصة عمل بحلول عام 2020، وذلك لمواجهة أزمة البطالة التي تعانيها مصر.
مصانع "مفيش"
أكاذيب السيسي حول علاج البطالة من خلال المشروعات التي رفض الكشف عنها "عشان خايف من الأشرار"، فضحتها بيان أصدره الاتحاد المصري للعمال والفلاحين في أكتوبر الماضي، عن إغلاق 4 ألاف و500 مصنع حتى الآن، ما أسفر عن تشريد 250 ألف عامل مصري عدد كبير من هذه المصانع يتواجد في الأقاليم والباقي يتوزع على المدن الصناعية الكبرى.
وأكد د. رشاد عبده رئيس المنتدى الاقتصادي المصري أن معدل البطالة يتفاقم بسبب إغلاق هذه المصانع أبوابها، موضحًا أن هذه المصانع أجبرت على إغلاق أبوابها بسب تردي الوضع الاقتصادي والأمني؛ حيث إن كثير من منتجاتها حدث لها ركود، وازدادت مديونيات تلك المصانع، الأمر الذي جعلها مضطرة لوقف نشاطها، فلم يكن هناك مساندة من الدولة وقتها. وزاد محمود برعي - أمين عام جمعية مستثمري 6 أكتوبر- من الشعر بيت، مشيرًا إلى أن هناك مصانع على وشك أن تغلق هي الأخرى، بخلاف 670 مصنعًا مغلقًا في أكتوبر وحدها، وذلك بسبب تفاقم الديون عليها، مما يهدد بكارثة حقيقية في الصناعة المصرية، موضحًا أنه لا يصح أن تتحدث الدولة عن جذب الاستثمارات ونحن في نفس الوقت نغلق المصانع على مواطنيها.
وكشف الاتحاد العام لنقابات عمال مصر أنه تم إغلاق 3500 شركة صغيرة ومتوسطة، من هذه الشركات شركة أسيك للتعدين "آسكوم"، حيث شهدت توقفًا للأعمال في بعض القطاعات، وبالأخص مشروع الشركة في شمال سيناء، فضلًا عن تعثر أعمال الإنتاج والبيع، كما تأثرت حركة البيع والإنتاج في شركة الكربونات بمحافظة المنيا، غيرها من مشروعات الشباب الصغيرة ومتناهية الصغر.
مرسيدس وأخواتها
ومع مرور 365 يومًا من اغتصاب السيسي للسلطة، ساهم هروب رأس المال الأجنبي خارج اقتصاد القمع فى تفاقم أزمة البطالة، حيث أعلنت شركة "مرسيدس" الألمانية للسيارات انسحابها من الشركة المصرية الألمانية للسيارات (إجا) في مايو الماضي بعد تردي الأوضاع.
وتوقعت غرفة الصناعات الهندسية خروج شركة «بى إم دبليو» الألمانية من السوق المصرية، بسبب الاضطراب الذي تشهده صناعة السيارات في مصر في عهد الانقلاب، وعدم وجود رؤية واضحة لتلك الصناعة في المدى القريب أو المتوسط.
وتراجعت مجموعة «هوندا» العالمية لتصنيع السيارات عن فكرة إنشاء مصنع لتجميع السيارات فى مصر مؤخرًا، وأبلغت «الغرفة» بتراجعها عن إنشاء مصنع لها، مبررة ذلك بأن الأفضل لها إدخال سياراتها لمصر دون رسوم جمركية.
وأغلقت شركة "باسف" الألمانية للكيماويات أبوابها، كما أعلنت شركة "جنرال موتورز الأمريكية" أنها أوقفت الإنتاج في مصنعها لتجميع السيارات بمدينة السادس من أكتوبر بمصر، وذكرت أنها أغلقت مكتبها المحلي هناك بعد استخدام القوى الأمنية المصرية الذخيرة الحية والجرافات والقنابل المسيلة للدموع بمجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة، ما أدى لمقتل مئات.
وأعلنت "رويال داتش شل"، أكبر شركة نفط أوروبية، غلق مكاتبها في مصر فى أكتوبر قبل الماضى، وأوقفت شركة يلدز التركية للصناعات الغذائية إنتاجها في مصر بسبب الاضطرابات التي شهدتها البلاد بعد الانقلاب العسكري، لتلحق بها عشرات الشركات التركية. وتضم قائمة الشركات العملاقة الراحلة من مصر، "إنتل Intel العالمية"، التي أغلقت مكاتبها العاملة بقطاع التدريب والتطوير الهندسي، وسرحت العاملين، ولحقت بها شركة "ياهو" العالمية بعد أيام معدودات من الانقلاب العسكري.
وقررت شركة "توماس كوك" الألمانية للسياحة والسفر-أحد أكبر الشركات السياحية العاملة فى مصر- وقف النشاط، ورحلت «tui» الألمانية إلى غير رجعة، قبل أن يفقد سوق العمل 7 آلاف مصرى كانوا يعملون في مصانع "إلكترولوكس" السويدية للأجهزة المنزلية وظائفهم، بعد أن حذا هذا المصنع حذو جنرال موتورز وتويوتا ومرسيدس وغيرهم.
السياحة تنقذ "السيسي"
ومع اتجاه السيسي لحل أزمة البطالة، حركة مدرعاته ومقاتلاته من أجل ضرب توتير الأجواء في شبه جزيرة سيناء تحت مزاعم الحرب على الإرهاب، رغم ما تمثله تلك المنطقة من أهمية سياحية للدخل القومي، وفي ظل الفشل المتوالي في ملف السياحة كشف تقرير صادر عن القطاع السياحي في 2014 الاستغناء عن 90%من العمالة المؤقتة وهي عمالة موسمية لا يتوافر لها شروط تعاقد قانوني، و20% من العمالة المنتظمة.
وأعلن الاتحاد المصري للغرف السياحية عن إغلاق 190 فندقًا، منها نحو 97 فندقًا في محافظة البحر الأحمر و47 فندقًا ومنتجعًا في جنوبسيناء بسبب توقف السياحة، والتي شهدت انخفاضًا شديدًا فيما تواجه الشركة الروسية للسياحة فى مصر شبح الإفلاس والتي تمثل أهم الروافد السياحية. سد النهضة وعلى وقع الجهل الذي يسيطر على قائد الانقلاب وافتقاد الرؤيا، لم يتوقف توقيع اتفاقية سد الخراب مع الجانب الإثيوبي عند حد التنازل عن حصة مصر التاريخية فى مياه النيل، وإنما ساهمت النكبة التي جرها السيسي على مصر في مضاعفة أرقام العاطلين في السنوات القادمة بدلا من تخفيض الأرقام كما زعمت حملة السيسي.
الدكتور أحمد فوزي دياب خبير المياه والأراضي بالأمم المتحدة وأستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء أكد أن سد النهضة سوف يؤثر على الزراعة المصرية بشكل كبير جدًّا، وسيتسبب في وجود حالة من نقص الغذاء لدى المصريين؛ الأمر عند هذا الحد معلوم للجميع. إلا أن دياب كشف عن تهديد نحو 8 ملايين مصري يعملون في قطاع الزراعة بالبطالة، لافتًا إلى أن جميع المنظمات الدولية لا تستطيع بأن تقدم أي تمويل مادي أو فني لأي من دول حوض النيل، خصوصًا في حالة النزاع. حفتر والحوثي ودفع الانقلاب ثمن الوقوف إلى جانب الانقلاب الدموي في ليبيا غاليًا من دماء المصريين أولاً، ومن تفاقم أرقام العائدين دون عمل من بلد الجوار المتوتر لينضموا إلى قافلة العاطلين على مقاهي مصر دون عمل، في رقم مهدد بالزيادة مع تواصل توافد المصريين هربًا من جحيم مليشيا حفتر.
وكشفت بيانات الوصول والسفر الرسمية بمنفذ رفح، في أبريل الماضي، عودة 35 ألفًا و439 مصريًا، منذ 16 فبراير الماضي، عقب توجيه سلاح الجو المصري الضربات الجوية ضد المدنيين في مدينة درنة الليبية. وأكدت المنظمات الحقوقية في بيانات عدة، أن حجم العمالة المصرية في ليبيا يتجاوز مليونًا ونيفًا في مختلف التخصصات، وهو الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقية على الاقتصاد المصري؛ بسبب توقف ضخ العملة من جانب هؤلاء العاملين، فضلاً عن تفاقم أزمة العاطلين في ظل مطالب العائدين بتعويضات مالية وتوفير فرص عمل.
وتوقع مصدر دبلوماسي عودة نحو 70% من العمالة المصرية في ليبيا خلال الأسابيع القليلة القادمة، مشيرًا إلى أن عدد المصريين الفارين من ليبيا خلال الأسابيع القليلة الماضية يقدر بحوالي 200 ألف عامل منذ انقلاب حفتر، ليزيد العدد إلى ما يقرب من 500 ألف عامل آخر عادوا بالفعل إلى القاهرة منذ الانقلاب.
ومن ليبيا إلى اليمن ومنها إلى سوريا، لا تبدو الأمور مغايرة خاصة فيما يتعلق بتوتر الأوضاع في البلدين الخليجي والشامي، خاصة بعد قرار موقف القاهرة من الحوثي الذي هدد آمن المصريين في صنعاء وتراخيها من المشاركة في عاصفة الحزم ما جعلهم في مرمي غضب أهل الجنوب، كما يعاني المصريون من غضب شعبي عارم في سوريا على خلفية موقف الانقلاب من اللاجئين وحملات التشويه الإعلامي بحق السوريين؛ ما يفتح الباب أمام استقبال الآلاف من العاطلين الجدد.
الباعة الجائلون
يدخل "الباعة الجائلون" ضمن أعداد العاطلين، إلا أنهم قرروا أن يبحثوا عن لقمة عيش في الشوارع بعد أن يأسوا من الحكومات المتعاقبة، وفي ظل ملاحقات البلدية الدائم للباعة وفرض إتاوات، قرروا أن يدعموا العسكر في الانقلاب وملاحقة الثوار حتى يأمنوا مكر البيادة، وواجهوا المتظاهرين العزل في رمسيس بالسلاح والقتل فى مجرزتي "رمسيس الأولي والثانية"، إلا أن الانقلاب دار دورته لينقلب على حلفاء أمس وقرر أن يطرد البائعين من الميادين.
عبد الرحمن محمد -أمين عام نقابة الباعة الجائلين- أكد أنه تم حصر عدد الباعة الجائلين بميدان رمسيس، وذلك بمعرفة خمس لجان وجاء العدد 1150 بائعًا متجولاً، مضيفًا أن ما تم إنشاؤه كمكان مرخص للباعة هو 600 كشك فقط وتم تجاهل باقي أعداد الباعة. وأشار أن الأكشاك الجديدة مجرد باكيات ولا يوجد لها أبواب تغلق، مضيفا أن الأكشاك هذه ليست مرخصة ولم يعطوا للباعة رخصة للعمل بها، بل مجرد رقم مثلما حدث في مجمع الترجمان الذي أصبح الآن «مقبرة»، وهو الأمر الذى ينسحب بالتبعية على الباعة الجائلين فى الجيزة وحلون ومدينة نصر، وسائر ميادين الجمهورية في ظل غياب الرؤساء وعشوائية القرارات. ومن الترجمان إلى مرسيدس إلى إثيوبيا إلى ليبيا، تكشف الأرقام النجاح الساحق الذي حققه قائد الانقلاب لعلاج أزمة البطالة خلال عام من الاستيلاء على السلطة، وتوثق صحة الأرقام التي ساقتها حكومة العسكر عن تراجع أعداد العاطلين في مصر، ويتواصل الحصاد المر لعام من حكم ال"السفاح".
وشهد الربع الأول من العام الجاري مواصلة الحراك النضال العمالي في كافة محافظات البلاد ضد سياسات حكومة السيسي الفاشلة ب 393 احتجاجا عماليا خلال الربع الأول فقط من 2015، فيما أكد مركز المحروسة للبحوث والسياسات الاقتصادية أن عدد الاحتجاجات العمالية خلال عام 2014 بلغ 2274 احتجاجا عماليا ضمت كافة المهن والحرف وتنوعت بين مختلف عناصر المجتمع.