إغلاق 855 مصنعا وتسريح آلاف العمال من بدء الانقلاب الانقلاب أجهض مشروعات قومية كبرى كانت ستوفر الآلاف من فرص العمل وفق آخر تقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن نسبة البطالة في مصر بلغت 13.4% بزيادة قدرها 1 من عشرة خلال فترة الانقلاب، وهو ما يقدر ب33 ألف شخص انضموا إلى قائمة البطالة خلال الستة شهور الأولى من عمر الانقلاب العسكري الذي استطاع في غضون شهور قليلة أن يقفز بأزمة البطالة بمعدلات غير مسبوقة؛ فبحسب التقرير زادت نسبة البطالة لدى الذكور من 9.6% في نهاية يونيو الماضي إلى 10% بنهاية ديسمبر الماضي، كما زادت نسبة البطالة لدى الإناث من 24.7% إلى 25% خلال الفترة نفسها حيث أسهمت حالة الركود وحالة الاضطراب الأمني المصاحبة للانقلاب العسكري في تراجع معدلات التشغيل للعمالة في القطاعات المختلفة، وأغلقت بعض المنشآت أبوابها لظروف تتعلق بصعوبات في التمويل أو التسويق أو تدبير الطاقة، كما خفضت منشآت أخرى نشاطها لظروف مشابهة، وعاد آلاف العاملين من السعودية في إطار ترحيلها لنحو مليون من العمالة لديها، كما تسببت الاضطرابات في ليبيا في إيجاد صعوبات أمام استمرار عمل المصريين بها، كما تراجع النشاط السياحي بما فيه من إرشاد سياحي وفندقة ونقل سياحي، كما تأثر نشاط الطيران والتشييد والبناء والوساطة بالعقار والنشاط الإعلاني والإنتاج الفني.
اعتراف الانقلابين بالأزمة وأمام التقارير الرسمية حول ارتفاع معدلات البطالة لم يستطع المسئولون في حكومة الانقلاب تجاهلها؛ حيث صرح مؤخرًا وزير مالية الانقلاب أن معدل البطالة يزيد على 25% وعجز الميزانية لن يقل عن 12% من الناتج القومي.
حصاد الانقلاب ويذكر أن الشهور الأربعة الأولى من عمر الانقلاب شهدت إغلاق مئات المصانع وتسريح آلاف العمالة؛ فقد بلغ عدد المصانع التي أغلقت 855 مصنعًا وذلك وفقا للخطابات المقدمة من أصحاب تلك المصانع لمركز تحديث الصناعات، هذا فضلًا عن الأزمات الطاحنة التي يمر بها العاملون في العديد من المصانع نتيجة توقف العديد من خطوط الإنتاج وتقليل عدد الورديات إلى جانب اتجاه عدد مستثمرين إلى تسريح العمالة لعدم قدرتها على الوفاء بالالتزامات المطلوبة منها.
التعبئة والإحصاء: معدل البطالة زاد بعد انقلاب يوليو إلى 13.4% من أبرز المصانع ومكاتب الشركات العالمية التي أغلقت عقب انقلاب يونيو شركة (باسف) الألمانية للكيماويات حيث أغلقت جميع مكاتبها ومصانعها في مصر، وكذلك أغلقت شركة (رويال واتي شل) أكبر شركة نفط في أوروبا مكاتبها في مصر وقيدت أنشطتها للسفر إلى مصر.
كما أغلقت شركة (جنرال موتورز) مصانعها لتجميع السيارات، كما توقف إنتاج شركة "إلكترولكس" السويدية والذي يعمل بها 7000 عامل مصري، كما توقفت العديد من شركات النسيج، والصناعات الغذائية التركية منها شركة يلدز ويعمل في هذه الشركات آلاف العمال المصريين. وبجانب توقف نشاط الشركات العالمية وإغلاق مئات المصانع وما ترتب عليه من تسريح آلاف العمال لينضموا إلى طابور العاطلين فإن العديد من الشركات التي لا تزال تعمل بعد الانقلاب تعاني من حالة من التعثر الشديد، وحذر العديد منها من أن استمرار الوضع الحالي ينذر بخطورة عدم القدرة على دفع رواتب عامليها، نتيجة انكماش السوق بسبب تدهور الوضع الأمني، والتوقف عن الإنتاج حيث أسهم تراجع إنتاجية الشركات ومن ثم تراجع الأرباح في تعثرها وعدم قدرتها عن الوفاء بالتزاماتها المالية للعمال، ومن ثم اتجه أغلبها إلى تخفيض العمالة لديها، مما أسهم في زيادة معدل البطالة خلال هذه الفترة، من هذه الشركات شركة أسيك للتعدين "آسكوم"، حيث شهدت توقفا للأعمال في بعض القطاعات، وبالأخص مشروع الشركة في شمال سيناء، فضلًا عن تعثر أعمال الإنتاج والبيع، كما تأثرت حركة البيع والإنتاج في مصنع الكربونات بمحافظة المنيا، ومصنع الصوف والصخر الزجاجي بمدينة السادات، وذلك بسبب عدم تمكن هذه الشركات من نقل مدخلات الصناعة أو المنتج التام بسبب سوء الموقف التمويلي لها والذي تأثر بشدة بسبب الأحداث التي تشدها البلاد بعد انقلاب يونيو، نتيجة وجود صعوبة في التحصيلات.
وفي السياق نفسه تعرضت شركة الحديد والصلب المصرية منذ بداية الأحداث للعديد من المشاكل والتي أثرت سلبًا على موقفها التشغيلي والتمويلي، أبرز هذه المشكلات انخفاض الإنتاج نتيجة تأخر وصول الخامات، ونقص شديد في المبيعات.
العمالة السياحية كما كان العاملون في القطاع السياحي أكثر المتضررين من الأوضاع بعد انقلاب يونيو حيث استغنى القطاع السياحي عن 90% من العمالة المؤقتة، وهي عمالة موسمية لا يتوافر لها شروط تعاقد قانوني.كما تم الاستغناء عن نحو 20% من العمالة المنتظمة من خلال منحها إجازات مفتوحة دون أجر، وهذا بحسب تصريحات صحفية للمسئول بوزارة السياحة في حكومة الانقلاب، كما أعلن الاتحاد المصري للغرف السياحية، عن إغلاق 190 فندقًا، منها نحو 97 فندقًا في محافظة البحر الأحمر و47 فندقًا ومنتجعًا في جنوبسيناء بسبب توقف السياحة، والتي شهدت انخفاضًا شديدًا منذ مجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة بلغ 80% بحسب تصريح وزير السياحة نفسه هشام زعزوع.
في المجال السياحي.. الاستغناء عن 90%من العمالة الموسمية و20%من العمالة المنتظمة كما أعلنت العديد من الشركات السياحية عن التراجع الشديد الذي تشهده فنادقها وقراها السياحية بعد الانقلاب حيث أعلنت شركة بيراميزا للفنادق والقرى السياحية، عن تراجع نسبة الإشغالات بصورة كبيرة مقارنة بالشهور السابقة منوهة إلى أنه تم إلغاء كافة الحجوزات وإقفال قاعات الأفراح والمؤتمرات بالفنادق، وأضافت أن تحصيلات القيمة الإيجارية للفنادق المؤجرة غير منتظمة بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده البلاد، كما قالت شركة رواد السياحة: إن استثماراتها العاملة في مجال السياحة تعرضت لخسائر كبيرة بسبب انخفاض نسبة التشغيل بالفنادق والبواخر العائمة لانعدام السياحة الوافدة، ولم تحقق أي إيرادات تذكر، كما لفتت إلى أن استثماراتها في محفظة الأوراق المالية، تعرضت لخسائر بلغت خلال نهاية شهر يونيو نحو 1.9 مليون جنيه.
ولم تقتصر مشكلة تسريح العمالة على العاملين في القطاع الرسمي فحسب بل انضم إلى طابور العاطلين الآلاف من العاملين في القطاع غير الرسمي بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار، كما تأثر المئات من الذين يقتصر مصدر رزقهم على البيع في القطارات والتي أوقفها الانقلابيون لمدة تزيد عن شهرين.
جهود الرئيس الشرعي لحل الأزمة وإذا حاولنا مقارنة هذا التفاقم الذي تشهده أزمة البطالة في ظل الانقلاب العسكري، بما حققه الرئيس الدكتور محمد مرسي في خلال عام واحد من الحكم من نجاح في مواجهة هذه الأزمة نسبيًا على الرغم من التحديات الاقتصادية الكبيرة التي واجهته، نجد أن حكومة الدكتور هشام قنديل قد أعطت الأولوية لحل مشكلة البطالة من خلال إقامة مشاريع ومصانع في مصر لزيادة حجم الاستثمارات والنقد الأجنبي، فضلا عن توفير فرص عمل. كما استقبلت حكومة هشام قنديل في عهد الرئيس الشرعي محمد مرسي الكثير من الوفود الأجنبية، وأقامت عدة زيارات للتباحث بشأن إنشاء مشروعات جديدة في مصر من شأنها توفير آلاف من فرص العمل.
كانت الصين لها النصيب الأول في تاريخ العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين؛ حيث تم الاتفاق على مساهمة الصين في المشاركة بمشروع تنمية غرب خليج السويس، ما يوفر نحو 40 ألف فرصة عمل باستثمارات 1.5 مليار دولار كما تم توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي بين مصر والصين تضمنت تقديم الصين منحة لا ترد لمصر قيمتها 70 مليون دولار لإقامة مشروعات مشتركة في مجالات البنية التحتية بمصر، وتقديم قرض ميسر تبلغ قيمتها 200 مليون دولار لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمصر.
وفي قطر تم توقيع اتفاقيات على مشروعات قطرية في مصر ب 18 مليار دولار لتنفيذها في منطقة بورسعيد وساحل البحر المتوسط تتضمن مشروعات سياحية وفي مجال بناء السفن، كما تم إيداع مليارَي دولار من قطر كوديعة لدى البنك المركزي المصري كدعم للنظام المصرفي المصري. وفي تركيا تم التوقيع على تقديم مليار دولار كاستثمارات في مشروعات البنية التحتية في مصر، واتفاقية أخرى للاستثمار بقيمة 160 مليون دولار، كما تم تقديم مليار دولار أخرى من تركيا لمصر على هيئة قرض مدته خمس سنوات بشروط ميسرة للغاية. ويقدر عدد الشركات التركية في السوق المصرية ب20 شركة، وهي تعمل باستثمارات تبلغ مليارا وثلاثمائة مليون دولار، وتم الاتفاق على زيادة هذه الاستثمارات، كما تم تفعيل مذكرة التفاهم التي وقعت بين البلدين في إبريل الماضي والتي تسمح بمرور الشاحنات التركية عبر الأراضي المصرية مما يسهم في زيادة حجم التبادل التجاري الذي يبلغ حاليا خمسة مليارات. وفي إيطاليا تم التوقيع على سبع اتفاقيات للتعاون بين الحكومتين المصرية والإيطالية, منها الإعلان المشترك حول الشراكة الشاملة بين مصر وإيطاليا، في قطاع السياحة والتعليم الفني والتقني، ودعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر بما يسهم توفير القدر الأكبر من فرص العمل من أجل المساهمة في الحد من مشكلة البطالة.. ولكن جاء الانقلاب العسكري ليقضي على كل هذه الخطوات التي بدأت بها الحكومة الشرعية، ويدخل البلاد في نفق مظلم جديد ليدفع البسطاء والشباب فاتورة أحلام السيسي بتولي منصب الرئاسة.