على خطى رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، يمضي وزير التعليم بحكومة العسكر الدكتور طارق شوقي، حيث يمهد الأجواء نحو إلغاء مجانية التعليم، وإلزام أولياء أمور التلاميذ والطلاب بدفع آلاف الجنيهات سنويًا مقابل تعليم أبنائهم. ورغم أن كل دساتير مصر تضمنت مادة تؤكد مجانية التعليم «التعليم حق لكل مواطن، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقا للقانون» بحسب المادة رقم 19 من دستور العسكر والمنقولة عن دستور الثورة 2012م؛ إلا أن وزير التعليم بحكومة الانقلاب يصدر تصريحات من وقت لآخر تخص المجانية، كان آخرها أمس خلال ندوة مجلس الأعمال الكندى، حيث قال: "إن هناك فرقا بين مجانية التعليم وتكلفة الخدمة التعليمية"، وقال سابقًا: "مفيش حاجة ببلاش والدولة عليها التزامات كبيرة"، و"لست ضد مجانية التعليم لكن علينا مراجعة كلمة المجانية بما يتفق مع موارد الدولة". وتأتي هذه التصريحات متسقة تمامًا مع توجهات جنرال العسكر عبد الفتاح السيسي، والتي يؤكد فيها مرارًا أنه "مفيش حاجة اسمها ببلاش"، وأن الحصول على أي خدمة يجب أن يكون بعد الدفع. جريمة في حق الوطن ويؤكد الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، وجود توجه لدى الحكومة لإلغاء مجانية التعليم، وهذا يتضح من تصريحات وزير التربية والتعليم في الفترة الأخيرة. ووصّف مغيث إلغاء مجانية التعليم ب«الجريمة التي ترتكب في حق الوطن»، مضيفًا أن مجانية التعليم حق ناضل المصريون من أجل إقراره منذ 50 عاما، وليس من حق أحد العبث بها، ومن المفترض أن التعليم ليس خدمة تقدم للفقراء، ولكنه استثمار في البشر من أجل مستقبل بلادنا. وتابع: «50% من المصريين تحت خط الفقر، ولن يكونوا قادرين على دفع مقابل مالي لتعليم أبنائهم، إذن سيكون هؤلاء مواطنين على الهامش، ليس لهم الحق في التعليم». ويتهم طارق نور الدين، معاون وزير التعليم الأسبق، وزير التعليم بحكومة الانقلاب بمخالفة الدستور، وهو ما يستوجب عزله ومحاكمته، مؤكدًا أن «مجانية التعليم خط أحمر». ويضيف أن إلغاء مجانية التعليم تتطلب تعديل الدستور أولا، مطالبًا حكومة الانقلاب بتخصيص 4% من الناتج القومى الإجمالى للتعليم طبقا للدستور، ولا نريد أكثر من ذلك، مؤكدا أن ما تصرفه الحكومة على التعليم لا تصل نسبته إلى 3%. يشار إلى أن التعليم في مصر كان مجانيا عبر التاريخ، حتى جاء الاحتلال البريطاني عام 1882 وألغى المجانية؛ لتكريس سيطرته على الشعب والأرض عبر نشر الجهل والأمية، واستمرت الأوضاع على هذا النحو حتى تمكن الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، من إقناع حكومة الوفد برئاسة مصطفى النحاس باشا، ووزير التعليم أحمد نجيب الهلالي في عهد الملك فاروق "ملك مصر والسودان"، بمجانية التعليم والتي تقررت على التعليم الأساسي «الابتدائي والإعدادي» سنة 1944م. وفي عام 1950، تمكن طه حسين من إقناع الحكومة والبرلمان بإقرار المجانية في التعليم الثانوي، وبعد انقلاب 23 يوليو 1952 أصدر جمال عبد الناصر عام 1962، قرارًا بمجانية التعليم العالي "الجامعي". شاهد: وزير التعليم ينتقد مجانية التعليم