تتزامن هذا العام مئوية وعد بلفور مع 40 عامًا على زيارة السادات لإسرائيل، والتقاء الأعداء في مقر برلمانهم؛ اعترافًا منه بالدولة اليهودية، فضلا عن العصابات الأوروبية والروسية والتي أطلقت على نفسها "شعبًا" لاحقا. وكما رفض الرأي العام العربي والإسلامي الاتفاقيات المذلة في فلسطين وأكنافها في الشام ومصر، يقّر بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الصهيونية، بأن الرأي العام والشعوب العربية ما زالت – وإن شاء الله تبقى- عصية على الانكسار. إقرار رئيس حكومة الاحتلال، كان في خطابٍ له أمام الكنيست الثلاثاء، في نفس المكان، حيث وقف فيه أنور السادات الذي مجده اليوم "نتنياهو" ومتحدثه الإعلامي أوفير جندلمان، في تغريدات متلاحقة عبر عن امتنانه بلقاء السفير المصري لدى إسرائيل حازم خيرت، بمناسبة إحياء ذكرى مرور 40 عاما على زيارة الرئيس السادات إلى إسرائيل. الرسائل التي حملها حازم خيرت– إعادة العسكر بعدما سحبت الثورة السفير من تل أبيب وهاجمت سفارة الأعداء على النيل– يبدو أنها كانت مقصودة في ظل حديث بنيامين نتنياهو عن اطمئنانه من جانب "القادة"، حيث نقل الصحفي الصهيوني شمعون آران، بهيئة البث العبرية، أن "رئيس الكنيست يولي إدلشتين التقى السفير المصري حازم خيرت، وبحث معه تنشيط التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة والزراعة والأمن، وبحث الاثنان استئناف المفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين". ويرى مراقبون ومنهم المحلل الأردني ياسر الزعاترة، أن اليهود يصرون على هذه الأجواء المدعاة من قبلهم، في الوقت الذي ينكدون فيه عيش الفلسطينيين في القدس والضفة المحتلة بالاستيلاء على بيوتهم واعتقال أبنائهم وقتلهم وحصار مساجدهم ومقدساتهم، إضافة لما يعيشه الغزاويون من استهداف يومي للأرواح ومراقبة يومية للأحوال وتدمير سبل العيش، ينقل الزعاترة عن وزير الحرب الصهيوني "ليبرمان" قوله: "بعد مرور 40 عاما على زيارة السادات لإسرائيل، أدعو زعماء المنطقة إلى السير على خطاه، والقدوم إلى القدس (..) الشرق الأوسط يحتاج أكثر من أي شيء إلى تحالف من الدول المعتدلة ضد إيران". وأضاف الزعاترة معلقا "لا يواجه عدوانا جديدا بمصافحة عدو تاريخي إلا أرعن". رسولا الخراب وتدفع الإدارات الأمريكية، على اختلاف مشاربها وتوجهاتها في منطقة الشرق الأوسط، لصالح الكيان الصهيوني، وليست زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للمملكة العربية السعودية وحلب مدخراتها، ثم لقاء نتنياهو وبعدها إلى حائط البراق المغتصب هو وزوجته وابنته وزوجها اليهودي جاريد كوشنير، ليس بمحض الصدفة وليس بلا دلالة أيضا. ولعلمهم مدى ضغط الرأي العام العربي ومعرفتهم بمزاجية الشعوب العربية تجاه الكيان الصهيوني المحتل، كُشف النقاب في نهاية أكتوبر الماضي، عن زيارة سرية قام بها "كوشنير"، مستشار وصهر دونالد ترامب، إلى السعودية، برفقة المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، ونائبة رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي، دينا باول. ولم ينشر عن هذه الزيارة، التي جرت الأسبوع الماضي، والتي كشف عنها موقع "بوليتيكو" الإلكتروني الأمريكي، الذي قال إنه جرى خلال هذه الزيارة السرية البحث مع المسئولين السعوديين في مبادرة ترامب. وأقر البيت الأبيض بهذه الزيارة في أعقاب النشر في "بوليتيكو". وكان المستشارون الأمريكيون الثلاثة قد قاموا بجولة مشابهة في دول في المنطقة بادعاء محاولة دفع محادثات سلام. مزاعم "النتن" وزعم نتنياهو، في كلمة له أمام الكنيست بمناسبة 40 عاما على زيارة الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، لإسرائيل وإلقائه خطابا أمام الكنيست، أن "الشعوب العربية والرأي العام العربي تعرضت على مدار سنين طويلة لعملية غسيل دماغ وتشويه صورة إسرائيل، إلى درجة بات وكأن هناك حاجة لإزالة طبقات جيولوجية من الوعي العربي لتحسين صورة إسرائيل، وللوصول إلى سلام بين الشعوب". وادعى رئيس حكومة الاحتلال أن "التضليل وتشويه صورة إسرائيل في المخيلة العربية هو السبب وراء السلام البارد مع مصر، لكن السلام البارد أفضل من الحرب الساخنة". واعتبر نتنياهو أن "زيارة السادات لإسرائيل غيّرت وجه الشرق الأوسط، وأثبتت أن العرب سيجنحون للسلام فقط عندما تكون إسرائيل قوية، لأنه في منطقة الشرق الأوسط تُعقد اتفاقيات السلام فقط مع الأقوياء". ولفت نتنياهو إلى أن "السلام مع مصر استراتيجي ويخدم مصالح الأمن للدولتين"، مضيفا أن "العلاقات بين مصر وإسرائيل تحسنت كثيرا في الأعوام الأخيرة بعد تولي عبد الفتاح السيسي للحكم، حيث تحافظ الدولتان على قنوات اتصال مفتوحة بينهما".