ظهرت فى الأعوام الأخيرة، فى دول شمال إفريقيا، وبالأخص مصر، ظاهرة ما يعرف بالألتراس. وانحصرت الظاهرة فى مجال الرياضة فقط، مع أنه وفقا لرؤيتى المختلفة فالألتراس قد يوجد فى كل مناحى الحياة التى تحتاج إلى الدعم الجماهيرى. يظن كثيرون، كما كنت أظن، أنها ظاهرة جديدة. وهذا صحيح فيما يخص مصر وبعض الدول العربية، لكن الألتراس بالأساس ظاهرة قديمة تعود إلى عام 1940م. والألتراس كلمة لاتينية تعنى "الشىء الفائق أو الزائد عن الحد". وهى فئة من مشجعى الفرق الرياضية والمعروفة بانتمائها وولائها الشديد لفرقها. ظهرت فى بداياتها فى البرازيل، ثم انتقلت الظاهرة إلى أوروبا، وبالتحديد يوغوسلافيا، ثم كرواتيا، وانتشرت انتشارا قويا وكبيرا فى أوروبا وأمريكا الجنوبية، وانتقلت حديثا إلى دول شمال إفريقيا، وخصوصا مصر وتونس والمغرب. تميل هذه المجموعات إلى استخدام الألعاب النارية والغناء وترديد الهتافات الحماسية لدعم فرقهم، كما يوجهون الرسائل إلى اللاعبين. وكل ذلك يضفى مزيدا من البهجة والحماس على المباريات الرياضية خاصة كرة القدم. دعونا نركز هنا على عدة نقاط يمكن الاستفادة منها وتوجيه تلك الظاهرة إلى ما يفيد المجتمع: - يتميز الألتراس بالولاء والانتماء الشديد للفريق الذى يشجعه. وهذا يجرنا إلى أهمية تزكية روح الولاء لمصر بين المواطنين عامة والشباب خاصة. - من الملاحظ أن الألتراس جميعهم فى عمر الزهور وريعان الشباب، ومن ثم نحن بحاجة ملحة إلى الاستفادة من هذه الطاقات التى ستقود مصر فى غصون عشرين عاما؛ منهم قادة المستقبل. لا بد من حسن توجيههم وإقامة برامج تربوية ومهنية لتطوير الأداء وتحسين المهارات الخاصة بهم وإيجاد فرص عمل وتمكينهم من الحياة الكريمة. - وينبغى كذلك أن يؤدى الإعلام الرياضى دوره فى نشر الوعى الرياضى وتنمية الأخلاق الرياضية وبث مفاهيم التسامح والعمل بروح الفريق ومعاقبة أى إعلامى رياضى يحرض على الفتنة والإيقاع بين هؤلاء الشباب بعضهم وبعض. - فما حدث فى الجزائر والسودان وبورسعيد من أحداث مأساوية كان السبب الرئيسى وراءها جنود الإعلام الرياضى الذين لا يهمهم سوى تصفية الحسابات عبر الفضائيات. وليذهب الشباب إلى الجحيم. - وليأت بعد ذلك دور أجهزة الدولة، وعلى رأسها وزارة الشباب التى يتعين عليها فتح الأبواب الموصدة فى وجه هؤلاء الشباب الذين لا يعمل أغلبهم فى مهنة تؤهله لإقامة حياة كريمة. لقد قامت ثورة 25 يناير لتؤكد روح مصر الشابة الولادة التى تنجب هؤلاء الفتية الأقوياء. لا بد أن تؤدى وزارة الشباب دورها الفاعل فى استيعاب طاقة هؤلاء الشباب وتبنى مشروعات قومية لدمجهم بها؛ إذ يرى الكل أنه يجب تمكين هؤلاء من العملية التنموية وإدارة مشاريعها ودمجهم فى الحياة العملية؛ لذلك أهمس فى أذن وزير الشباب من أجل إجراء دراسة مسحية لشباب مصر لجمع معلومات دقيقة عنهم من حيث مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم العملية وتقييم مهاراتهم الخاصة، ومن ثم استيعاب هؤلاء الشباب فى القطاعات التى تناسبهم. - إن الأمم القوية تبنى باستثمار شبابها باعتبارهم المورد الأهم فى بناء أى أمة؛ فهل يعقل أن يكون لدينا هؤلاء الملايين من الشباب ولا نستفيد منهم؟!