الراصدون لوضع المنطقة العربية، يدركون أن ثمة تحولات جوهرية خطيرة، تستهدف بالأساس إعادة رسم المنطقة من جديد، فالحروب والأزمات لا تتوقف بل على العكس، هناك إصرار من جانب عدة جهات على إشعال المنطقة بمزيد من الأزمات، ربما تمهد لحرب كبيرة تستنزف أهم القوى الإقليمية في المنطقة ما عدا "إسرائيل". هذه الأزمات ستشعل في النهاية حربا شاملة، تأكل ما تبقى من القوى الإسلامية والعربية، فيتم استنزاف أموال الخيج وحلبها كما حدث في صفقة الأسلحة التي بلغت 460 مليار دولار بين السعودية والولايات المتحدةالأمريكية، وكذلك إضعاف واستنزاف قوى أخرى لها نفوذ وتأثير كبير مثل إيرانوتركيا، لا سيما بعد أن تلاشى دور مصر, التي دخلت في بيت الطاعة الإسرائيلي الأمريكي منذ عقود طويلة، وعندما هبت من جديد بعد ثورة يناير، جاء الانقلاب العسكري المدعوم خليجيا وغربيا ليعيدها إلى حظيرة إسرائيل من جديد. تصور تركيا لتطورات المنطقة يعزز من هذا التصور تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أول أمس الثلاثاء 7 نوفمبر2017م، حيث قال إن التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعالم ليست عشوائية، وإنها تشير إلى عملية إعادة هيكلة جذرية، من شأنها تشكيل معالم القرن المقبل. وأضاف- خلال كلمته الأسبوعية أمام كتلة حزبه في البرلمان التركي- أن بلاده تمر بمرحلة هي الأكثر حساسية منذ حرب الاستقلال التي خاضتها ضد قوات الغزاة التي احتلت مساحات من الأناضول عقب الحرب العالمية الأولى. ولفت أردوغان إلى أن كل حادثة من الأحداث التي وقعت في بلاده- خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية- تظهر أنها فصل من فصول المؤامرة التي تستهدف تركيا. وذكر أنه جرى استخدام ما وصفها بالمنظمات الإرهابية خلال تلك الفترة؛ بهدف إخضاع بلاده من خلال مشروع يبدأ بمحاولات إثارة فوضى اجتماعية في تركيا، ويستمر عبر استهدافها بهجمات إرهابية. توقعات بصدام عسكري بين إيران والسعودية من جانبها، توقعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حدوث صدام عسكري وشيك بين السعودية وإيران. واعتبرت تهديدات ابن سلمان لإيران مؤخرا بالتصعيد الأكبر في العقود الثلاثة الأخيرة التي شهدت عداءً متزايدا بين الخصمين الإقليمين. وقال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إن "ضلوع إيران في تزويد الميليشيات الحوثية التابعة لها بالصواريخ يعد عدوانا عسكريا ومباشرا، وقد يرقى إلى اعتباره عملاً من أعمال الحرب ضد المملكة"، بحسب ما نقلت "بي بي سي" عن وكالة الأنباء السعودية الرسمية. وأضاف ولي العهد، في مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، أن مدّ إيران بالصواريخ لحلفائها من الحوثيين "يعد حربا على المملكة". وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في مقابلةٍ مع شبكة سي إن إن الأمريكية: "لا يمكن أن تقذف إيران المدن السعودية بالصواريخ، وتتوقع منَّا عدم اتخاذ خطوات". جاء ذلك الاتهام، الذي أنكرته إيران، بعد يومٍ من موجة اعتقالات بالمملكة، بدا أنها تهدف إلى استكمال توطيد سلطة ولي العهد محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 عاما، وفقا لنيويورك تايمز. وبالنظر إلى الأمرين معا، بحسب الصحيفة الأمريكية، نجد أنَّهما يشيران إلى سياسة عدوانية جديدة من قبل الأمير محمد بن سلمان داخل السعودية وخارجها، ويشير ذلك أيضا إلى مرحلةٍ جديدة وأكثر خطورة من الحرب الباردة بين السعودية وإيران، من أجل الهيمنة على المنطقة. وتزيد هذه الاتهامات- بحسب الصحيفة الأمريكية- من خطر اندلاع صراعٍ عسكري مباشر بين القوتين الإقليميين، وذلك في الوقت الذي يتقاتلان فيه بالفعل في حروبٍ بالوكالة في اليمن وسوريا، وينخرطان في معارك على السلطة السياسية في العراق ولبنان. ترامب يسكب الزيت على النار ويبدو- وفقا لنيويورك تايمز- أنَّ موقف محمد بن سلمان المتشدد تجاه إيران شكَّل أساسا لعلاقةٍ وثيقة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي زار الرياض هذا العام وظلَّ صامتا بوضوح إزاء حملة الاعتقالات التي قام بها ولي العهد. وفى يوم الثلاثاء أثناء جولته إلى آسيا، أشاد ترامب بالاعتقالات قائلا، إنَّ الملك وولي العهد "يعرفان بالضبط ما يفعلانه". وكتب ترامب على تويتر أيضا: "بعض هؤلاء الذين يعاملونهم بقسوة كانوا "يحلبون" دولتهم لسنوات". وكان جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، قد غادر الرياض مؤخرا بعد زيارته الثالثة لها هذا العام. ووفقا لمسئولٍ أمريكي مُطلِّع على تفاصيل الزيارة، ظلَّ الأمير محمد بن سلمان وكوشنر يتحدثان معا حتى الساعات الأولى من الصباح في مزرعةٍ في الصحراء. وقال كيشيشان: إنَّ الاعتقالات والمواجهة مع إيران مثَّلت تقاربا لجدولي أعمال طويلي المدى، يسعى لتنفيذهما الأمير محمد بن سلمان. «شر قد اقترب» بدوره، توقع الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمود خليل- في مقاله بصحيفة الوطن في عدد اليوم الخميس- أن الحرب قد أوشكت، وعنون مقاله ب"شر قد اقترب". ويستبعد خليل احتواء الأمر قبل اندلاع شرارة الحرب، ويعزو ذلك إلى سببين أو حائلين: الأول الافتقار إلى الحسابات السياسية الدقيقة، والثاني تحرك عدد من اللاعبين الذين يُشبهون «السماسرة» على مستوى المنطقة. ويتهم خليل المملكة بعدم الدقة فى الحسابات السياسية، وأنها قد غابت عن القرار الذى اتخذته «المملكة»، حين قررت الدخول فى المستنقع اليمنى، بمزاملة الإمارات، من خلال العملية التى أطلق عليها «عاصفة الحزم»، وأعقبتها عملية «إعادة الأمل». ويلمح خليل إلى أن سبب أزمات المنطقة يعود إلى وجود لاعبين- فى سن الشباب- داخل مطابخ صناعة القرار بالمنطقة، في إشارة إلى محمد بن سلمان ومحمد بن زايد.