ما بين ساعة وضحاها اكتشف الآلاف من طلاب الثانوية العامة، أنهم مهددون بالسجن، وأصبحوا سوابق ومسجلين سرقة بأحكام قضائية رسمية، بعد أن قامت وزارة التعليم في حكومة الانقلاب بالتخطيط لأكبر عملية نصب ضدهم ورفع قضايا سرقة تجاههم. القصة بدأت حينما أرادت سلطات الانقلاب شراء ذمم أهالي الملايين من طلاب الثانوية العامة، وفتح شهيتهم على دعم قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي والترويج له، من خلال توزيع آلاف الأجهزة اللوحية على طلاب الثانوية، إلا أن الأهالي والطلاب استيقظوا فجأة على كارثة حينما وجدوا أنهم مطالبون برد ال"تابلت" أو الكمبيوتر اللوحي، الذي وزعته وزارة التعليم عام 2014 على طلاب الثانوية العامة، ظنا منهم أن التابلت تم توزيعه على سبيل "الهدية" مقابل التفوق. ولم يفرح طلاب الثانوية العامة كثيرا بالهدية المغلفة بالخديعة والمكر، حتى أصدرت سلطات الانقلاب أوامرها برد الطلاب للتابلت الذي تم توزيعه عليهم، أو رد حقه كاملا بالسعر الجديد، أو تحرير محاضر سرقة ضد الطلاب الذين لم يقوموا برده، فضلا عن ابتزازهم بتدمير مستقبلهم من خلال وقف كتابة استمارة الثانوية العامة لأي طالب لم يقم برد "التابلت". والمفاجأة كانت حينما ذهب آلاف الطلاب لرد التابلت، إلا أنهم اكتشفوا الكارثة، وهي أن التابلت التي قاموا بردها لم توافق اللجان المختصة بتلقيها واستردادها بدعوى أن بها خدوش وكسور وبعض الأعطال، وكان البديل أن طالبوهم برد المبالغ المستحقة لثمن التابلت بالسعر الجديد، أو تحرير محاضر ضدهم ووقف كتابة استمارة الثانوية العامة. وانتشرت الفضيحة التي أكدت رفض التعليم لكتابة استمارة أي طالب بالثانوية العامة حال عدم رد ثمن التابلت، والتعامل مع الطلاب الذين تخرجوا من الثانوية العامة وأصبحوا طلابا في الجامعة من خلال تحرير محاضر ضدهم واستصدار أحكام قضائية بحبسهم 3 شهور بتهمة السرقة والتبديد، ليصبحوا بين ساعة وضاحها "مسجلين خطر وسرقة". وعلى الرغم من إصدار طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، كتابًا دوريًا لجميع المديريات التعليمية، شدد خلاله على عدم جواز ربط تحرير استمارات التقدم لامتحانات الصف الثالث الثانوي بتسليم أجهزة الحاسب الآلي اللوحي (التابلت) الخاصة بالوزارة والتي سلمتها للطلاب منذ 3 سنوات، إلا أن الوزير شدد على عدم التهاون في رفع أي قضية ضد أي طالب لم يرد ثمن التابلت، أو يقوم برده جديدا كما هو وفي علبته دون خدش سواء كان في التابلت أو الكرتونة. وأكد الوزير، على عدم جواز الإعفاء من رد الجهاز أو قيمته. ونص الكتاب على ضرورة إخطار أولياء الأمور، وطلابهم برد أجهزة الحاسب الآلي اللوحي (التابلت) أو القيمة المحددة الواردة بكتاب الوزارة رقم 16341 الصادر بتاريخ 11 أغسطس 2016، مع إعلامهم بخطورة عدم رد الجهاز أو عدم سداد قيمته، حيث أن ذلك من شأنه تعريض الممتنع عن التنفيذ للمساءلة القانونية، استيفاءًا لحقوق الدولة التي تعد مالًا عامًا لا يجوز التفريط فيه. وشدد الوزير على ضرورة التنسيق مع الإدارات التعليمية والمدارس بشأن حصر أسماء وعناوين الطلاب وأولياء الأمور الممتنعين عن السددا أو التسليم، وإبلاغ النيابة العامة المختصة، ومخاطبة هيئة قضايا الدولة لاتخاذ اللازم، على أن يتم هذا الإجراء بمعرفة الإدارة التعليمية كل فيما يخصها وتحت إشراف المديرية التعليمية المختصة. فيما قال اللواء محمود عشماوي محافظ الوادي الجديد، إنه خاطب الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بشأن القرار الصادر بخصوص رد الطلاب لجهاز التابلت عند استلامهم شهادة الثانوية العامة من مدارسهم. وأضاف عشماوي أن وزير التعليم أكد له أن التابلت عهدة للطالب وليس هدية، وكلف الوزارة 1480 جنيها، ووزع على 10 محافظات، مشيرًا إلى أنه في حال فقدانه أو تعرضه للتلف خلال فترة سنوات الدراسة الثلاث، يقوم الطالب بسداد ثمنه. وأشار المحافظ إلى أن وزير التعليم أكد له أن التابلت كلف الدولة الكثير، خاصة أنه سلم لعدد كبير من طلبة المدارس في 10 محافظات، الأمر الذي يشكل عبئا ثقيلا على الوزارة في حال عدم استرداده مرة أخرى. وكانت وزارة التربية والتعليم، وزعت عددًا من أجهزة التابلت المدرسي على طلاب الصف الأول الثانوي منذ 3 سنوات، وقت أن كان محمود أبوالنصر وزيرًا للتربية والتعليم، بمحافظات شمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر ومرسى مطروح وأسوان والوادي الجديد والسويس والإسماعيلية وبورسعيد ودمياط وسوهاج وقنا والأقصر. أهالي الطلاب يهددون فيما هدد أولياء أمور عدد من الطلاب بإدارة فارسكور التعليمية، بدمياط، الصادر ضدهم حكم بالحبس شهرين بسبب تبديد التابلت المدرسى، بالتصعيد، مطالبين بسرعة التدخل لإنقاذ مستقبلهم، وقدم محامو الطلاب معارضة فى الحكم. وقال عماد مراد -أحد الطلاب المحكوم عليهم، والذى يدرس حاليًا بالفرقة الثانية بجامعة دمياط- "فوجئت أنا وباقى زملائى بصدور حكم قضائى بحبسنا لمدة شهرين عقابا لنا على عدم تسليمنا (العهدة)، المتمثلة فى جهاز التابلت، الذى تسلمناه من وزارة التربية والتعليم، والغريب أننا سبق أن توجهنا لتسليم الجهاز وفقا للتعليمات، إلا أن إدارة المدرسة رفضت بحجة تعرضه لخدوش وكسور، ورفضت أيضًا تسلم أجهزة تابلت سليمة تمامًا ومصحوبة بالعلبة الأصلية، إضافة إلى ملحقات الجهاز الخاصة به". وأضاف: "أصبحنا بين يوم وليلة مسجلين خطرين وهاربين من أحكام قضائية، على الرغم من أننا لم نُثِرْ أى مشكلات وقت دراستنا، وليس من طبعنا مخالفة القانون"، متسائلا: "إيه منظرى قدام أهلى وقرايبى وجيرانى فى المنطقة التى أسكن فيها، وبرضه قدام زمايلى فى الكلية، خصوصًا أن بعض زملائى دخلوا كليتى الطب والهندسة، وده معناه إننا متفوقين دراسيا ولسنا مجرمين؟!". وقال زميله، حسن الغريب، الطالب حالياً بالفرقة الثانية بكلية التجارة، أحد المحكوم عليهم، قائلا: "يعنى نروح ضحية تصرف مدير مدرسة حاول إرضاء رؤسائه بتصرف يمكن أن يضيع مستقبل شباب كتير ملهومش ذنب، هل كل الطلاب على مستوى الجمهورية سلموا التابلت؟!، ولمصلحة مَن نصبح مُطارَدين بهذه الصورة؟!". وناشد حمزة بشتو، أحد أقارب الطلاب المحكوم عليهم، سرعة التدخل لإنقاذ مستقبل هؤلاء الطلاب بإلغاء الحكم الصادر ضدهم، وكذلك محاسبة مدير المدرسة عن هذا التصرف، الذى سبّب أزمة كان من الممكن حلها.