توفي جمال عبد الناصر، في 28 سبتمبر 1970، بعد سلسلة من الانتكاسات والمرارات التي زيّنها إعلام "أحمد سعيد" في حلق المصريين. ولد عبد الناصر في حارة اليهود، وتربّى على يد اليهودية مدام يعقوب فرج شمويل، وزوّج عبد الناصر ابنته من أكبر جاسوس في مصر وهو أشرف مروان. ومن ضمن إنجازاته التي لا يذكرها إعلام الستينيات الذي عاد بقوة مع الانقلاب العسكري الحالي، أن خسائر مصر من الحروب في عهده بلغت 16 مليار جنيه، بينما مكاسب الشركات لم تتعدَ 800 مليون جنيه فقط. ولعلّ من ضمن المحطات المثيرة لسجل ناصر، والتي لا يمكن تجاوزها، أنه وافق على 3 شروط إسرائيلية للخروج من مصر بعد العدوان الثلاثي 1956، وهي ضمان مرور السفن الإسرائيلية في خليج العقبة، ومنع الفدائيين من مهاجمة اليهود، ووضع قوات دولية بين البلدين، كما أنه رفض أن ينفذ الضربة الأولى في حرب 1967، رغم علمه المسبق بميعاد الحرب. كما وصل عدد المعتقلين في عهده إلى40 ألفًا من أصل 40 مليون مصري، بل يُحسب عليه أيضا أنه أول من أدخل فكرة الرذيلة في الحصول على المعلومات المخابراتية. وهذا الأمر يتكرر اليوم بصورة مقاربة في عهد عبد الفتاح السيسي، حيث يدار الوطن بالشعارات وتقاد الحروب بالحناجر. مضحكات مبكيات في 5 يونيو ويتذكر مراقبون، أنه صباح 5 يونيو 1967، عندما تم إبلاغ عبد الحكبم عامر خلال رحلة طيرانه إلى سيناء، أن الطائرات الإسرائيلية تضرب المطارات المصرية فأمر بالرجوع، ثم عند وصول الطائرة لمطار القاهرة لم يجد سيارات موكبه، فأخذ (تاكسى) هو وشمس بدران حتى يتمكنوا من الوصول للقيادة العامة، وعند وصول (التاكسى) لمركز القيادة العامة للقوات المسلحة، كان قد تم تدمير معظم المطارات والطائرات الحربية المصرية. بل إن ما حدث من هزيمة نكراء ومذبحة للأبرياء من أبناء هذا الشعب، لم يكن هزيمة لجيش لم يحارب أو هزيمة للوطن، بقدر ما هو هزيمة وتعرية تاريخية لعصابة تولى أفرادها الحكم، فتسلطوا على الشعب وأداروا الحكم دون كفاءة أو حتى حد أدنى قدر من الحكمة أو العلم، حتى وصل الأمر إلى إدارة عبثية تامة وشاملة خلال كل مراحل الحرب. كما لا تخطئ الذاكرة المصرية، أن عبد الناصر برغم كل تصريحاته وتهديداته الحنجورية لإسرائيل وإجراءات التصعيد، مثل حشد 80 ألف جندي في سيناء، وطرد قوات الطوارئ الدولية، وإغلاق مضايق تيران، كان يصرح لمن حوله وفى اجتماعاته الميدانية المغلقة- مثل اجتماعه مع الطيارين- أنه لن يكون هناك حرب مع إسرائيل . وأمر عبد الناصر أن تمتص مصر الضربة الأولى من إسرائيل، فقدّر قائد القوات الجوية الفريق صدقي محمود، بأن هذا قد يؤدي إلى "تكسيح" قواتنا الجوية. لكن عبد الناصر أصر على تلقي الضربة الأولى، حسب (شهادة اللواء جمال حماد). بل إنه مع بدء إسرائيل الهجوم على مصر، لم يكن هناك أى تعليمات للقادة الميدانيين في سيناء، حتى إنهم اعتمدوا على سماع الإذاعة الإسرائيلية من الراديو، لمعرفة أى معلومات عن تطور الأحداث، بحسب شهادة الفريق سعد الدين الشاذلى. كما وصل العبث ذروته فى صباح 5 يونيو 1967- الموعد الذى تأكد فيه قيام إسرائيل بالهجوم- أن يترك القائد العام للقوات المسلحة عبد الحكيم عامر، مركز القيادة الرئيسى ويذهب فى طائرة ليتفقد القوات في سيناء ومعه شمس بدران، وما صاحب ذلك من تقييد الدفاع الجوى المصرى، الذى لم يستطع أبدا الرد على هجوم الطائرات الإسرائيلية حتى بعد هبوط طائرة المشير عامر. ومن ضمن المبكيات المضحكات، أن الانسحاب العشوائى للقوات البرية من سيناء أدى إلى تعاظم الخسائر فى المعدات والأرواح، وفق شهادة صلاح نصر، بأن قرار الانسحاب فى الأصل كان قرار عبد الناصر. التلاعب بالشعب المصري في خطاب تنحى جمال عبد الناصر، والخروج الفورى لطلائع الاتحاد الاشتراكي، ويتبعهم جموع من الشعب، ووفود من المحافظات، مطالبين بعدوله عن التنحى. والحقيقة أن عبد الناصر كان قد اتفق مع المشير على التنحي، وأن يستمر حكم الثورة من خلف ستار، وفكر عبد الناصر في تولية زكريا محيي الدين- أُبعد بعد ذلك من دوائر الحكم- وكان موجز الخطة أن يقوم عبد الناصر بالتنحي، ويعين شخصا مكانه، ثم يتحرك الجهاز السياسي، وخلفه الشعب، مطالبا بعودة الزعيم باسم الشعب. وبعد ترشيح اسم زكريا محيي الدين، كان عبد الناصر يخشى أن تفلت منه الفرصة، فألمح إلى "الاتحاد الاشتراكي" كي يقود التظاهر ويحرك الجماهير. والواقع أن هناك جموعا كثيرة خرجت وراء عبد الناصر من تلقاء نفسها، ولكن الأمر الذي لا جدال فيه أن التنظيم السياسي كان لديه في اليوم ذاته تعليمات من رئاسته بالخروج والمناداة بعودة عبد الناصر، وفق شهادة صلاح نصر فى مذكراته. ومن الأمور المضحكة المبكية أيضا، أن بعض وحدات الاتحاد الاشتراكي التابعة للأقاليم أخطأت التقدير في الوقت، فوصلت إلى مشارف القاهرة قبل إعلان التنحي، مساء التاسع من يونيو بساعة أو أقل، فتجمعت بعرباتها ولافتاتها في مداخل القاهرة، ووصل فوج بني سويف قبل إلقاء البيان بساعة، وفق شهادة صلاح نصر فى مذكراته . وبنفس الخداع يستمر عبد الفتاح السيسي في التعامل مع الشعب المصري، عبر تمثيليات ومسرحيات هزلية، من باب التأثير على الشعب المصري الذي يعاني الفقر والاستبداد والقمع.