بعد تكتم العسكر على جولة المفاوضات ال15 في مدينة عطبرة بالسودان، فاحت رائحة الفشل المتواصل بصور لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، الأمر الذي انعكس على تصريحات مسئولين بحكومة الانقلاب يؤكدون خلالها على فشل المسار التفاوضي وسط مطالب من وزراة الخارجية باجتماع لبحث الخلافات الفنية دون أن تفصح عن بدائل النظام حال توقف المفاوضات العبثية التي وصفوها بالميتة. بل إن رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي عبر عن هذا الفشل والقلق من نتائجه خلال كلمته بالأمم المتحدة الثلاثاء الماضي.
المفاوضات ماتت وكشف مصدر بحكومة الانقلاب أن المسار الفنى لسد النهضة الإثيوبى «أصبح ميتا»، مشيرا إلى أنه يتم حاليا دراسة كل التحركات الدبلوماسية والسياسية في محاولة لضمان الحقوق المصرية فى مياه النيل وفقا لمبادئ القانون الدولى.
وقال المصدر الذى فضل عدم ذكر اسمه بحسب مانشيت صحيفة "الشروق" الأحد الماضي 24 سبتمبر، إن الاخفاقات المتتالية للمسار الفنى يدفع الإدارة السياسية للبحث عن بدائل على المسارات السياسية والدبلوماسية والقانونية لحماية المصالح المصرية فى مياه النيل. ويشدد المصدر أن «المسار الفنى أصبح ميتا»، مشيرا إلى أن «هناك توافقا شبه كامل داخل الفريق المصرى الذى يدير ملف سد النهضة، على أنه لا يمكن انتظار نتائج اجتماعات اللجان الفنية أو توقع الوصول إلى أى نتائج مثمرة للتوافق على الشواغل المصرية بخصوص التخزين وتشغيل السد».
وحول مباحثات عطبرة الأسبوع الماضي، يؤكد المصدر أن :«القاهرة كان لديها حرص دائم على إنهاء الخلافات الفنية والتوصل إلى صيغة تفاهم فنية مع الشركات الاستشارية، ايمانا منها بأهمية المسار الفنى لحسم مسألة التخزين والتشغيل فى سد النهضة وفق ما ورد فى اتفاق المبادئ الذى وقعه الرئيس السيسى فى 2015، إلا أن استهلاك وضياع الوقت فى ظل استمرار البناء فى موقع السد بمعدلات مرتفعة لم يكن مؤشرا على إمكانية التوصل لاتفاق».
ويتفق مع هذا الرأي، الدكتور نادر نور الدين، خبير الموارد المائية، حيث يرى أنّ الأوضاع وصلت إلى مرحلة السكتة الدماغية، والمفاوضات مع الجانب الإثيوبي بلغت منحى الموت الإكلينيكي، في إشارة إلى تجميد كل المفاوضات مع الجانب الإثيوبي، وتوقف عمل اللجنة الفنية الثلاثية لدراسات سد النهضة.
وقال نور الدين، في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء، إن تقرير المكتب الاستشاري كان من المفترض صدوره خلال الشهر الماضي، وذلك وفقًا للموعد الذي أعلنه المكتب في أنه سوف يستغرق 11 شهرا لإنجاز تقريره الفني بشأن السد، ولكن بدلاً من إصدار التقرير اشتكى المكتب في نهاية المدة وخلالها من عدم تعاون الجانب الإثيوبي معه، والامتناع عن تزويده بالدراسات والمعلومات الفنية المتعلقة بالسد.
أثيوبيا تتلاعب بالسيسي من جانبه، اتهم نائب رئيس مركز دراسات حوض النيل بجامعة القاهرة، الدكتور أيمن شبانة، أديس أبابا بالتلاعب برئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي في الوقت الذي أبدى فيه الفريق المصري مرونة كبيرة في مسار المفاوضات.
ويضيف أن أثيوبيا لم تثبت ذلك في المقابل، مؤكدًا أن أديس أبابا خاضت المحادثات بنوع من المراوغة والتضليل.
وأضاف شبانة خلال لقاء له ببرنامج "ساعة من مصر" على فضائية "الغد" الاخبارية، مع الإعلامي محمد المغربي، أن الموقف القانوني في صالح مصر، وإذا حدث انتقال لخطوة تالية فسيتفهم الجميع الموقف المصري، مشيرًا إلى أنه يجب التقدم باحتجاج ضد أثيوبيا في المحافل الأممية.
وأوضح شبانة، أن مصر كان بإمكانها استغلال الملف الاقتصادي في أثيوبيا، خاصة أن 40% من شعبها تحت خط الفقر، ورأى أن أثيوبيا تفاوضت بنوع من التعنت وسياسة فرض الأمر الواقع بسبب موقف القاهرة باستبعاد الحل العسكري، مشدد على ضرورة الاستعداد لجميع الحالات، قائلا إنه ما لم تستعد مصر عسكريا فإن أثيوبيا ستستمر في بناء السد، إلا أنه شدد على أن الحل العسكري ليس حلا ولكن لتأجيل المشكلة.
وأشار نادر نور الدين، إلى أن مصر لم تفطن إلى مراوغة الجانب الإثيوبي خلال الأعوام الماضية، وهو ما أوصل الأمور إلى التعقيد التي توجد عليه في الوقت الحالي، ومن يدري ما سيحدث خلال الفترة المقبلة.
واستطرد خبير الموادر المائية، أن مصر أهدرت الكثير من الفرص سعيا خلف مفاوضات واهية مع إثيوبيا، منذ أن وافقت على أن يكون تقرير المكتب الاستشاري غير ملزم لأي طرف، ومنذ أن وافقت على تشكيل اللجنة الثلاثية من خبراء محليين، وليسوا دوليين كما كان في السابق، حيث انتهت من قبل إلى إدانة الجانب الإثيوبي.
مطالب باجتماع وزاري ورغم عبثية المسار التفاوضي ووصفه بالمسار الميت وفقا لخبراء؛ إلا أن أحمد أبوزيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية بحكومة الانقلاب، كشف أن وزير الخارجية سامح شكري تحدث مع نظيره الأُثيوبي عن آخر ما توصلت إليه اللجنة الفنية المشكلة حول سد النهضة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أعرب شكري عن قلقه من جمود المسار الفني في المفاوضات".
وقال "المتحدث باسم وزارة الخارجية"، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "كلام تاني"، المذاع على فضائية "دريم"، مساء الخميس 21 سبتمبر، إن هناك اتفاق بين وزارتي الخارجية المصرية والأثيوبية على تنظيم اجتماع بين الوزارتين كل شهرين منوهًا إلى أن هناك خلافًا بين مصر والسودان وإثيوبيا حول تقرير أثار سد النهضة إلى الآن.