بالتزامن مع حملة تكميم الأفواه بالسعودية التي وصلت لتحريم حتى "الصمت" عن التحريض على قطر والتآمر على الشعوب الإسلامية، واعتقال عدد من دعاةٍ سعوديين بتهمة رفض المشاركة في حملة التحريض ضدّ الدوحة، تتزايد الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتجمع يوم 15 من هذا الشهر في السعودية للتعبير عن المعارضة الشعبية للأسرة الحاكمة التي يقودها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد تحت ظل أبيه الملك سلمان. واعتبر خبراء وإعلاميون عرب أنه من الصعب على أي متابع أن يتنبأ بحجم هذا الحراك في داخل المملكة على أرض الواقع، على الرغم من أن الحراك والدعوات إليه تبدو كبيرة جدا في الفضاء الالكتروني، إلا أنهم اعتبره بمثابة إلقاء حجر في المياه الراكدة، رغم القبضة الحديدية التي يحكم بها ابن سلمان. جس نبض أم حجر في المياه الراكدة وقالت صفحات التواصل الاجتماعي إن مطالب الداعين والمتحمسين للمشاركة في الحراك الشعبي ليست موحدة، فهي متفاوتة بين إنهاء حكم الأسرة السعودية للمملكة، وبين مطالب معيشية تتعلق بالسكن والتوظيف ومستوى المعيشية، إلا أنها أكدت أنها تشهد حراكا كبيرا بين المغردين على موقع "تويتر" محل اهتمام السعوديين من بين مواقع التواصل. وأشار مغردون سعوديون إلى أن خبر عزل ولي العهد محمد بن نايف ومن ثم وضعه في الإقامة الجبرية كان خبرا صادما للشارع السعودي، إلا أنه يؤكد أن هناك حالة غليان في الشارع السعودي، ورفض بين العائلة المالكة للإجراء الأخير من انقلاب سلمان على محمد بن نايف لصالح ابنه محمد بن سلمان، الذي تحدثت الصحف الإسرائيلية عن عمله تحت مظلة العمالة الصهيونية، وأكدت خبر زيارة محمد بن سلمان إلى إسرائيل خلال الأسبوع الماضي. وقال المغردون أن انقلاب القصر على بن نايف وأنباء زيارة بن سلمان لإسرائيل، ومداهمة قصر الأمير محمد بن فهد في جده واعتقاله بأمر من محمد بن سلمان ، بينما تحدثت تسريبات عن استعصاء قائد الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز في منصبه بعد تردد أنباء عن محاولات عزله، كلها تؤشر على احتمالية نجاح حراك 15 سبتمبر، ولو بإلقاء حجر في المياه الراكدة، وجس نبض الشارع السعودي، ودفعه لرفض ديكتاتورية بن سلمان، وعمالته، خاصة بعد علاقاته المشبوهة بأبناء الشيخ زايد في الإمارات، وزيارته لتل أبيب. كما أن الفضائح الإعلامية على مستوى الوطن العربي التي تناولت الإتاوة (450 مليار دولار) التي دفعها الملك سلمان للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للموافقة على انقلاب القصر ضد ابن نايف وتصعيد محمد بن سلمان، واستقبال ترامب بحفاوه مع ابنته، أثارت سخط كثير من السعوديين الذين يلمسون حالة التقشف في معيشتهم بينما تذهب مليارات إلى جيب الرئيس ترامب. وبعدها جاءت الأزمة مع قطر لتفتح على المملكة حملة إعلامية شرسة قادتها أمبراطورية قطر الإعلامية وأذرعها، لم تترك خلالها ما هو مستور. بالتوازي مع كل ذلك تطول حرب اليمن وتكثر التساؤلات عن جدواها ونتائجها على المملكة، وتكثر معها الصور الصادمة لضحايا العدوان من أطفال ونساء وصور الجوع والمرض الذي يفتك بشعب عربي مسلم، فضلا عن خسائر السعودية لحربها في سوريا، ورمت بكل ثقلها في صراعها مع إيران دون نتائج. ورغم كل المليارات التي دفعتها السعودية لواشنطن، مازالت أمريكا تلوح بقانون ”جاستا” الأمريكي، والذي ينذر بتعويضات تقدر بمئات المليارات من الدولارات حال وافق الكونجرس الأمريكي على القانون الذي يتهم السعودية بتفجيرات 11 سبتمبر، ويدعو للمطالبة بتعويضات هائلة من السعودية لأسر ضحايا هذه التفجيرات. وبالرغم من أن تجربة دعوات الحراك السابقة في المملكة لم يكن لها رصيدها في الشارع السعودي، وظلت كل المحاولات تسبح في العالم الافتراضي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، كما تفتقر تلك المحاولات لقيادة تنظيم عملية التحرك و مطالبه وأهدافه وبرنامج عمله ليس ثمة زعماء شعبيين أو رموز معارضة يهتدي بهم النشطاء والمتحمسون للتغيير، إلا أن حراك القطيف وغليان الشارع السعودي بسب انتشار الفقر، ينذر بأن تكون هناك خطوات مختلفة، من شأنها أن تهدد وجود النظام السعودي الحالي على المستوى البعيد. المؤسسة الدينية بين الاعتقال والرفاهية ولم يعول المغردون السعوديون على المؤسسة الدينية صاحبة النفوذ في المجتمع السعودي المتدين، خاصة وأنها تعمل في أغلبها لصالح النظام السعودي، حيث تقتسم معه السلطة الدينية، ويعيش أغلب علماء السعودية في رغد من العيش، باستثناء بعض المشايخ الذين تم اعتقالهم بدعوى انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين. كما دفع إلقاء القبض على الدعاة سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري بردود فعلٍ رافضة إلكترونياً، بعد 3 أشهر شهدت حملاتٍ داعمة للقرارات السعوديّة على المنصّات نفسها. وكتب تركي شلهوب "كان الناس يطالبون ب(حرية التعبير) واليوم لا يريدون أكثر من (حرية الصمت)! إلى أين ياوطني! #اعتقال_الشيخ_عوض_القرني #اعتقال_الشيخ_سلمان_العوده". وسم "#اعتقال_الشيخ_سلمان_العوده" لا يزال يحظى بتغريداتٍ كثيفة منذ الاعتقال أمس الأحد، على خلفيّة "الصمت ورفضهما المشاركة في الحملة الإعلامية التي رافقت حصار قطر، عقب اختراق دول الحصار موقع وكالة الأنباء القطرية". كما أتى الاعتقال بعد تغريدة، اعتبرها المغردون سبباً رئيسياً في القبض على الداعية، قال فيها "ربنا لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.. اللهم ألف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم". وسم "#اعتقال_الشيخ_عوض_القرني" انتشر بكثافة أيضاً. وقال أحد المغردين "#اعتقال_الشيخ_سلمان_العوده #اعتقال_الشيخ_عوض_القرني الاسم: سلمان العوده - عوض القرني. التهمه: دعاء!" فيما غرّد ناشطون عن اعتقال #علي_العمري. وقالت مغرّدة "اللهم استودعناك مشايخنا، الشيخ #سلمان_العودة الشيخ #عوض_القرني الشيخ #علي_العمري اللهم بعهدتك وتحت رعايتك فلا تكلهم لأحد من خلقك طرفة عين". وقد تتّسع الحملة لتشمل دعاة آخرين. إذ أطلقت الأذرع الإلكترونيّة وسماً ضدّ الشيخ محمد العريفي. وكتب المغرد مجتهد "خدمة الذباب الالكتروني لهذا الهاشتاج #العريفي_يتاجر_بالدين ليس إلا تهيئة لاعتقال العريفي". وقال مغرّد على الوسم "#العريفي_يتاجر_بالدين هذا أول واحد المفروض يعتقل". وكان مجتهد قد غرّد، منذ يومين، عن اعتقال الأمير السعودي عبدالعزيز بن فهد ووضعه تحت الإقامة الجبريّة. وقال "تأكد الآن أن عبدالعزيز بن فهد دُهم في قصره في جدة يوم الأربعاء الماضي واعتقل من قبل قوة تابعة لمحمد بن سلمان وهو في مكان غير معروف حتى الآن"، مضيفاً "وقد حاولت والدته (الجوهرة) تتبع خبره فلم تحصل على أي معلومة كما حاولت الاتصال بالملك ولم تفلح ويقال أنها لم تذق طعاما منذ يوم اعتقاله". وأكّد مجتهد أنّ "خطة محمد بن سلمان أن لا تساهل مع المعارضين في الأسرة والجميع إلى السجون ولا حصانة لأحد حتى لو كان المعارض ممن تبقى من أبناء عبدالعزيز". وأتت تلك التغريدات بعدما نشر ابن فهد، الأسبوع الماضي، تغريدةً قال فيها إنّه مهدّد بالقتل، قبل أن يحذفها ويُعلن أنّ حسابه تعرّض للقرصنة.