أكد الكاتب الصحفي فهمي هويدي أن من أهم المفارقات الثقافية في الحياة المصرية أن الذين يلاحقون الإخوان ليل نهار بتهمة "الاستحواذ" على مفاصل الدولة المصرية، هم أنفسهم يمارسون الاستحواذ على قائمة من القيم والشعارات التى لا يريدون لأحد أن يشاركهم فيها. وقال هويدي، في مقالة بجريدة الشروق المصرية: النخب في الفضاء السياسي المصري قررت أن تحتكر وتصادر لحسابها المدنية والديمقراطية والليبرالية، بل والتقدم أيضا، فى حين اعتبروا أن كل من عداهم مطرودون من تلك الساحات ومحظور عليهم الانتساب إلى أى منها، وهو ما يعد نهجًا فى الإقصاء أقرب إلى التكفير. وأشار هويدي إلى أنه لو كان بعض المتطرفين الإسلاميين يعتبرون أنهم الفرقة «الناجية» وأن جنة الله لا تسع غيرهم، ولذلك فإنهم يسارعون إلى إخراج غيرهم من الملة الدينية، فإن إخواننا هؤلاء باحتكارهم القيم السياسية الإيجابية يفعلون نفس الشيء، إذ يعتبرون أنفسهم الفرقة السياسية الناجية التى ينبغى أن يعهد إليها دون غيرها تولى زمام الأمور، ولذلك فإنهم ينفون عن غيرهم أية صفة إيجابية ويخرجونهم من الملة الوطنية بضمير مستريح. وأوضح هويدي أن هذه النخب دائمي الحديث عن التسامح والقبول بالآخر والاحتكام إلى الصناديق فى نهاية المطاف، لكنهم فى الوقت نفسه يقسمون المجتمع إلى معسكرين أحدهما مدنى والآخر دينى، فى استعادة لفكرة «الفسطاطين» وقسمة العالم إلى أخيار وأشرار. وأضاف هويدي، أن القوى المدنية لا تعارض القوى الأخرى سياسيا، وإنما تخاصمها لأنها دينية، وإذا شاع ذلك الانطباع بين عامة الناس، وسئلوا هل تصوتون للقوى الدينية أو المدنية فإن الأغلبية الساحقة سوف تجد فى العنوان الدينى عنصر جذب تصعب مقاومته، وستكون النتيجة أن تفقد القوى المدنية أصواتا كثيرة كان يمكن أن تكسبها لو أنها قدمت نفسها بصيغة أكثر قبولا. وأشار هويدي إلى أن العلمانيين وحدهم أرادوا الاستحواذ على صفات الديموقراطية والليبرالية والمدنية لتقبيح غيرهم، داعيًا أن يكون الجميع صفًا واحدًا لأن مصر بحاجة إلى الجميع من إسلاميين وليبراليين ويساريين وغيرهم، فليتنا نتحدث عن ديمقراطيين وغير ديمقراطيين، أو وطنيين وغير وطنيين أو ليبراليين ومحافظين، وهكذا، ذلك أن هؤلاء وهؤلاء موجودون على الجانبين.