كانت "رابعة" ميدان جهاد كلمة ودفاع عن النفس بالحق، ولم يكن فيها سلاح، فالمعتصمون استخدموا الحجارة دفاعا عن النفس، وسقط أكثر الشهداء وهم صائمون أيام الستة من شوال، وعرض على أكثرهم شربة ماء فأبى قائلا إنه سيفطر بين يدي الله.. وقد كان. وبالنظر إلى النتائج على المدى البعيد خسر العسكر المعركة في رابعة وربحوا وزر القتل، حيث قدمت "رابعة والنهضة" قبل فضهما صورة للمجتمع الإسلامي الفاضل، الذي يعيش فيه جميع الأطياف والتيارات السياسية والاجتماعية في أجواء توقير الكبير والرفق بالصغير واحترام اختلاف الثقافات. اختلف القادمون إلى رابعة والنهضة على تفاصيل كثيرة، إلا أنهم اتفقوا في الميدان على التمسك بالكرامة والحرية وشرعية الرئيس محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب لمصر، وكانوا يقضون ساعات اعتصامهم في استقبال القادمين إلى الميدان. كرامة امرأة كرامات رابعة والنهضة لا تكاد تنتهي، فلدى كل شاهد عيان قدر الله له النجاة ألف قصة، منها تلك المعتصمة التي نالت الشهادة، والتي وقفت بشموخ أمام آليات الجيش والشرطة والمدرعات والقناصة، صابرة مقبلة غير مدبرة محتسبة نفسها عند الله، تتلو آية من كتاب الله لمدة 9 ساعات حتى عاجلها قناص برصاصة ارتقت روحها بعدها للسماء، وفي يدها المصحف وعلى لسانها بشرى المؤمنين. يتذكر الحاج "محمد نجيب"، أحد الذين اعتصموا في الميدان وشهد المجزرة، وعاش كل تفاصيل الاعتصام الشهير في ميدان "رابعة العدوية" امرأة قال إنها ظلت منذ التاسعة صباحا ترفع المصحف وتتلو منه آية "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه" حتى قضت نحبها عند الرابعة عصرا وهي تتلو هذه الآية. وأخرى شقها الرصاص ويستمر الحاج "محمد نجيب" في روايته، فيتحدث عن امرأة أخرى نالت الشهادة فانكفأت على وجهها بجانب طفلها الذي ظل يبكي، حتى قام المتواجدون بقلبها على ظهرها ليلقي الطفل عليها نظرة الوداع، لكنهم تفاجئوا بأن أحشاءها قد خرجت من بطنها الذي شقه الرصاص. ويتذكر كيف اقتحمت قطعان الجيش والشرطة مستشفى الاعتصام وأحرقوها، قبل أن يضيف "ولو لم يتم إجلاء الجرحى لكانوا اُحرِقوا داخله أيضا، وقد أحرقوا أرض المسجد وهي من الرخام بالنابالم كما أكد البعض". مضيفاً أن الجنود والضباط كانوا يتمركزون فوق الأسطح لقنص الجرحى أثناء نقلهم للعلاج، ويقسم قائلا "رأيت بأم عيني سائق عربة إسعاف تم قنصه وتعطيل السيارة كي لا تنقل المصابين". ينتظرون القصاص من جانبها تقول الناشطة السياسية "هالة سمير"، إن ذكرى رابعة تعيد للأذهان قصص مدينة فاضلة، عمتها القيم الإنسانية النبيلة. وذكرت أن إحياء الذكرى لا يعني تذكر ما جرى برابعة لأنه "لن ينسى أحد"، وأكدت أن مشاركتها في فعاليات إحياء الذكرى الرابعة لفض اعتصام رابعة تحمل التأكيد على أن المصالحة مع القتلة غير ممكنة، وأن كافة المصريين ينتظرون القصاص.