في واحدة من فصول الخيانة والعمالة والتدخل السافر في شؤون الدول، تسعى الإمارات للسيطرة على مصر ليس فقط كرها في جماعة الإخوان المسلمين، التي تمثل الوعي الجمعي للأمة في الوقوف أما م سعى عيال زايد لأجل التحكم في مصر الإمارات، ورغم ذلك فإن قدر تلك الدويلة مرتبط بالفضائح، فلا تكاد تستفيق أبو ظبي من تداعيات فضيحة، حتى تفاجئها أخرى أكثر قوّة وأشدّ وطئا عليها. وهو ما اتضح بتقديم الإمارات نظام مراقبة إلكترونية فرنسي إلى مصر لمعاضدتها في مجهودات القاهرة في قمع المعارضة وضرب حرية التعبير وانتهاك خصوصية الحياة الشخصية للأفراد معارضة ومولاة على حدّ السواء.
فضيحة حديثة
وضمن تسريبات يوسف العتيبة السفير الإماراتي في واشنطن المؤرَّخة في الفترة بين فبراير ومارس 2013، تطلب ميشيل فلورنوي، المرشحة لمنصب وزيرة الدفاع في حال نجحت هيلاري كلينتون في الانتخابات الأخيرة، مساعدته في الترويج لبيع تكنولوجيا مراقبة إلكترونية من شركة مقرَّها في الولاياتالمتحدة إلى الإمارات.
وعبرت "ميشيل" عن إحباطها من أنَّ شركة (دو)، وهي شركة اتصالات رئيسة بالإمارات، اختارت عدم شراء تكنولوجيا خدمات تحديد الموقع الجغرافي من شركة بولاريس وايرلس، وهي شركة مُتخصِّصة في أجهزة التتبُّع الإلكترونية.
وعلى موقعها، تروِّج الشركة لتكنولوجيا "استخبارات لا سلكية لتحديد الموقع" بالإمكان استخدامها ل"تحديد وتتبُّع مشتبه فيهم معروفين"، و"كشف ومراقبة الحشود"، والسماح للمستخدمين ب"البقاء مُتقدِّمين على أولئك الذين يُشكِّلون تهديداً". وتمتلك شركة بولاريس وايرلس مكتباً بدبي. وفي عام 2012، عزا مدير الشركة التنفيذي نمو عائدات الشركة إلى عمليات بيعٍ في المنطقة.
وطلب ميشيل من العتيبة التدخُّل لدى وزارة الداخلية الإماراتية والمساعدة على ترتيب اجتماعٍ بين مسؤولٍ تنفيذي كبير بالوزارة وشركة بولاريس.
فردَّت ميشيل: "إذا ما أمكنك المساعدة للحصول لهم (شركة بولاريس) على فرصة لشرح الوضع الحالي والقدرات الأمنية لنظامهم ببساطةٍ لقيادي كبير في وزارة الداخلية، فسيضمن ذلك على الأقل أنَّ الأشخاص المناسبين على إدراكٍ بالفرصة التي قد تُفوَّت هنا.
وأورد موقع "ذا إنترسبت" في أكتوبر 2016، أنَّ الإمارات تُجنِّد جيشاً صغيراً من المُخترِقين الغربيين، الذين يسهمون في تحويل الإمارات إلى البلد الذي يحتوي أكثر نظم المراقبة تعقيداً في العالم.
المستهلك الشره
وتُعَد حكومة الإمارات مستهلِكاً شَرِهاً لتكنولوجيا المراقبة، واشترت مِراراً أدوات تجسُّس إلكترونية من شركاتٍ غربية؛ بهدف التجسُّس على معارضين سياسيين، حسب موقع ذا إنترسبت.
وقال نيكولاس ماك جيهان، وهو باحثٌ في شؤون الإمارات لدى منظمة "هيومان رايتس ووتشط: إنَّ نشطاء في الإمارات لديهم قناعة بأنَّ الحكومة تستخدم مراقبة إلكترونية لتتبُّعهم. وقال: "في آخر مرة كنا قادرين فيها على دخول الإمارات -في يناير 2014- كان النشطاء الذين قابلناهم يتركون هواتفهم الجوالة بالمنزل كلما سافروا، ولم يرغبوا في أن تعلم السلطات أين يتوجَّهون. لقد كانوا على ثقةٍ بأنَّ السلطات تستخدم هواتفهم الجوالة من أجل تتبُّعهم".
"العزيزة" مصر
ورغم تعهدات رسمية فرنسية بعدم السماح ببيع معدات إلكترونية مدنية يمكن للأنظمة القمعية أن تحوّلها لاستخدامها في قمع شعوبها، كشفت تقارير إعلامية فرنسية عن تصدير شركة "أماسيس" التي يلاحقها القضاء بتهمة تصدير أجهزة مراقبة إلى نظام دكتاتوري، أجهزة رقابة رقمية إلى مصر بتمويل إماراتي.
ويدعى نظام الرقابة الذي دفعت فيه الإمارات 10 ملايين يورو لإهدائه لمصر "سيريبر" ويوفر مراقبة حية للمستخدمين عبر أجهزتهم اﻹلكترونية ويمكن من معرفة المواقع التي يتم تصفحها، وتعقب المكالمات التليفونية والرسائل النصية والبريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي.
تخضع شركة "أمسيس" الفرنسية إلى تحقيق قضائي في فرنسا منذ العام 2011 لإمكانية تورّطها في أعمال التعذيب التي تعرض إليها الناشطون في السجون الليبية.
ويعتبر نظام "سيريبر" الذي من المنتظر أن يبدأ العمل في مصر التي تسعى دومًا إلى إحكام الرقابة على مواطنيها على الانترنت قبل نهاية العام الجاري، مجرّد اسم جديد لنظام "إيقل" الذي كانت شركة "أماسيس" الفرنسية قد طورته وباعته سنة 2007 للعقيد الليبي الراحل معمر القذافي الذي استخدمه لملاحقة معارضيه والتنكيل بهم.
وتخضع شركة "أمسيس" الفرنسية إلى تحقيق قضائي في فرنسا منذ العام 2011 لإمكانية تورّطها في أعمال التعذيب التي تعرض إليها الناشطون في السجون الليبية، وبحسب وسائل إعلام فرنسية، وُضعِت الشركة التي فتحت لها فرعًا في المنطقة الحرة بدبي على اللوائح السوداء ضمن الدوائر الاستخباراتية والتجسسية الفرنسية، منذ فضيحة ليبيا.
تعاون صهيوني
وكشفت "ميدل إيست آي" في ديسمبر 2015، عن تفاصيل طائرة سرية، شركة الخطوط الجوية السويسرية برايفيت إير، تطير ما بين تل أبيب وأبو ظبي، وذلك من خلال تحليل بيانات متاحة للعموم تتعلق بحركة الطيران في الأجواء، وكشفت صحيفة هآرتس اليومية كانت قد أشارت إلى أن التكليف ربما صدر عن رجل الأعمال اليهودي ماتي كوتشافي التي يُعرف عن شركته الأمنية المعروفة باسم إيشيا غلوبال تكنولوجي (إيه جي تي) التي تتخذ من سويسرا مقرًا لها في عام 2007 وفازت بأول عقد له مع حكومة أبو ظبي في 2008.
وبحسب صحيفة هآرتس العبرية كُلفت شركته بموجب هذه الاتفاقية التي تقدر قيمتها بما يقرب من 3 مليار درهم إماراتي للقيام "بحماية كافة المرافق الحيوية داخل إمارة أبو ظبي"، بحسب تقرير نُشر في نفس ذلك العام في صحيفة الاتحاد، التي تصدرعن أبوظبي.
وبموجب الصفقة قامت الشركات بتوفير "كاميرات المراقبة والسياجات الإلكترونية والمجسات لرصد ومراقبة البنى التحتية الإستراتيجية وحقول النفط"، بما في ذلك تأمين حماية الحدود الإماراتية بالنيابة عن السلطة الوطنية للبنى التحتية الحيوية في أبو ظبي.