رغم التحذيرات المتواصلة من جانب المتابعين والصراخ الدائم من جانب الفلاحين؛ إلا أن حكومة الانقلاب لا تبالي، وتركت الفلاحين بين نيران الجفاف الذي ضرب معظم المحافظات المصرية وأحال آلاف الأفدنة إلى بوارٍ، واختفاء الأسمدة التي حولت المحاصيل إلى هشيم تذروه الرياح في يوم عاصف. دموع الفلاحين لا تجدي، وتوسلاتهم تذهب أدراج الرياح؛ أمام نظام استأسد على مواطنيه ونهب ما بجيوبهم، بفرض مزيد من الضرائب وجمع الكثير من الجباية، والعصا لمن عصى، والموت أو الاعتقال مثواه. كل هذه الكوارث التي بدأت تطفو على السطح، تأتي قبل حجز المياه أمام بحيرة سد النهضة بإثيوبيا، والتي ترددت أنباء عن بدء التخزين مطلع يوليو الجاري، ويهدد- بحسب خبراء- ببوار أكثر من 5 ملايين فدان. استغافات بلا جدوى ويؤكد حسين عبدالرحمن أبوصدام، النقيب العام للفلاحين، في تصريحات صحفية الخميس 27 يوليو 2017م، أنه تلقى العديد من شكاوى الفلاحين، من تلف محاصيلهم الزراعية وتضرر الأراضى الزراعية بسبب نقص مياه الرى، ما يهدد ببوار آلاف الأفدنة بمحافظات منها الشرقيةوالدقهليةوكفر الشيخوالمنيا، التى يعيش أكثر من 70% من سكانها على الزراعة، برغم وجود 3 مصارف رئيسية تمر بزمام المحافظة هى نهر النيل وترعة الإبراهيمية وبحر يوسف، إلا أن منسوب المياه انخفض بنسبة كبيرة مع بداية فصل الصيف، ولا تصل مياه الرى إلى نهايات الترع، خاصة مزارعى قصب السكر والذرة الشامية والخضراوات والعنب والموالح. وطالب نقيب الفلاحين، الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والرى بحكومة الانقلاب، فى بيان له اليوم الخميس، بضرورة تحرك المسئولين وتوفير مياه الرى اللازمة؛ حفاظًا على الرقعة الزراعية بمصر، ومكافحة نبات ورد النيل الذى تسبب فى إعاقة تدفق المياه إلى المجارى المائية والترع، خاصة وأن هناك بعض الفلاحين قاموا باستخدام مياه الصرف الصحى التى تحتوى على مواد كيمائية صلبة فى رى محاصيلهم، الأمر الذى يهدد صحة المواطنين بالفشل الكلوى والأمراض السرطانية، بجانب تدمير آلاف الأفدنة؛ بسبب عدم وصول مياه إلى أراضيهم الزراعية، وجفاف الترع والمجارى المائية المغذية لأراضيهم، ويؤثر على خصوبة التربة، ويهدد بتلف المحاصيل. خوف من بطش العسكر «أرض عطشانة.. ومحصول مهدد بالبوار.. ومزارعون تبخرت أحلامهم وتحولت إلى كابوس، وترع جفت منها المياه، وحكومة «ودن من طين وأخرى من عجين».. واقع مؤلم.. ومأساة يعيش فيها مزارعو عدد من المحافظات، الذين وقعت أراضيهم فى أسر العطش. تحول الواقع المؤلم إلى «حياة أو موت»، بعد أن وجد المزارعون أنفسهم تحت حصار الإهمال وخراب الديار نتيجة تحول الترع إلى مقالب للقمامة وجفاف آلاف الأفدنة، وسط اتهامات للحكومة بالفشل فى تطبيق منظومة الرى المطور». كانت هذه الكلمات الدالة مقدمة لملف كبير نشرته صحيفة "المصري اليوم"، في عدد 13 يوليو 2017م، إلا أن الصحيفة لم تجرؤ على أن تشير إلى هذا الملف الكبير بمانشيت عريض على صدر غلافها رغم أنه يستحق؛ خوفا من بطش العسكر وجلاديهم. البوار يحاصر المحافظات «الترع جافة، والزرع بيموت، والفلاح بيبكى على تعبه»، بهذه العبارة لخص فلاح أزمة الجفاف التي تضرب معظم مراكز وقرى محافظة الدقهلية، وهي "الجمالية، والمنزلة، وطلخا، وأجا، والسنبلاوين، وتمى الأمديد"، وتهدد ببوار عشرات الآلاف من الأفدنة. أما في محافظة الشرقية فالأزمة مختلفة، فارتفاع منسوب المياه فى الأرض منذ 5 سنوات أدى إلى توقف المحصول وقلة الإنتاج؛ بسبب انسداد مواسير شبكات الصرف المغطى، والتى تم تنفيذها منذ 20 سنة بإهمال كبير من المسئولين، ولم يتم متابعتها أو عمل صيانة دورية لها. والنتيجة واحدة هي بوار الأراضي وهلاك المحصول، فضلا عن معاناة عدد من المراكز من الجفاف ونقص المياه. وضربت أزمة مياه الرى مراكز الأقصر، وسط شكاوى واستغاثات من المزارعين؛ خوفا من بوار آلاف الأفدنة، وتلف المحاصيل وإصابتها بالأمراض، ويشكو المزارعون من ضعف المياه اللازمة لرى العديد من المحاصيل، ومن بينها "القصب، والموز، والذرة الشامية، والخضراوات"، مؤكدين أنهم رفعوا العديد من الشكاوى لجميع الجهات دون جدوى. وتشتد أزمة مياه الرى فى غالبية قرى محافظة كفر الشيخ، خاصة أنها من أكبر المحافظات الزراعية، ورغم تخفيض مساحات الأرز بجميع المراكز بصورة لافتة للنظر، إلا أن هناك مناطق لا تصلها المياه نهائيا، وتعرضت مساحات كبيرة للبوار بسبب نقص المياه، ما يهدد بتلف الزراعات المختلفة، فضلا عن اعتماد مركزى الحامول والبرلس على رى زراعاتهم من مياه مصرف «كوتشينر» المليئة بمخلفات الصرف الصناعى والمواد الثقيلة الملوثة. ويؤكد عدد من المزارعين بمركز العدوة، شمال المنيا، تعرض قرابة ال10 آلاف فدان من زراعاتهم الصيفية من «الذرة الشامية، والرفيعة» للتلف، بسبب العطش وغياب مياه الرى، وعدم انتظام المناوبات فى مواعيدها، بترعتى سبع «غرب» والتى تروى مساحات قرى القايات وبرمشا، وسرى باشا «شرق»، والتى تروى أراضى قرى مجلس قروى صفانية، ما أدى إلى لجوء المزارعين للرى بمياه الصرف الصحى، فضلا عن عدم استجابة مسئولى الرى لشكواهم، مطالبين وزير الرى بالتدخل لحل المشكلة وتتواصل أزمة نقص مياه الرى بمحافظة بنى سويف، ويؤكد المزارعون عدم وصولها إلى نهايات الترع؛ نتيجة ارتفاع درجة الحرارة فى شهور الصيف، ما يؤدى إلى تبخر كميات كبيرة من المياه أثناء وجودها بالترع، إضافة إلى عدم تحديد مناوبات الرى للفلاحين. واستغاث فلاحو قرية كفر الحمادية، التابعة لمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، من تجاهل مسئولى الرى لشكواهم من جفاف الترعة المسئولة عن رى أكثر من 250 فدانا، وتعرض الزراعات للتلف بسبب العطش، إثر زيادة التعديات على مجرى الترعة من قبل القرى المجاورة لها.