جاءت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين 3 يوليو 2017، حول عزم تركيا صناعة حاملة طائرات في المرحلة المقبلة، ليستعيد بها ذكريات جميلة حول اتفاق الرئيس التركي مع الرئيس محمد مرسي، في أواخر عام 2012، على إطلاق مشروع حربي ضخم لصناعة طائرة حربية صناعة إسلامية 100%، والذي توقف بعد انقلاب 30 يونيو 2013م، إلا أن تركيا مضت في المشروع بمفردها، والذي سيدفع أنقرة نحو الدول العظمى التي لا تعتمد على استيراد السلاح مثل كل البلدان الإسلامية. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها أردوغان خلال حفل إنزال السفينة الحربية التركية "قينالي أدا" من طراز "كورفيت"، إلى مياه البحر في ولاية إسطنبول. وشدد الرئيس التركي على أنّ بلاده لن تتسامح مع المواقف التي تحاول إعاقة انطلاق تركيا قدما في تعزيز صناعاتها العسكرية. وذكر أردوغان أن خيارات الدولة ستكون دائما إلى جانب الشركات التركية في مجال الصناعات العسكرية، حتى لو ضحّت بالمال والوقت من أجل ذلك. وبين أنّ تركيا لو لم تعتمد على صناعاتها العسكرية في الفترة الأخيرة، لما استطاعت شن عمليات عسكرية ضد الإرهاب داخل البلاد وخارجها، مع وجود "حظر خفي" (على توريد الأسلحة) على تركيا من قبل بعض الدول. وقال أردوغان: "نحن دولة تعمل من أجل إلغاء الاعتماد على الخارج في مجال الصناعات العسكرية مع حلول عام 2023، ومن أجل ذلك علينا المضي قدما بخطوات أسرع". وأكد أن "صناعة سفينة عسكرية وغواصة مدعاة فخر لنا، بأن دولتنا من بين 10 دول في العالم تصمم سفنا حربية وتصنعها". وأكد الرئيس التركي مواصلة بلاده زيادة تنفيذ المشاريع الاستراتيجية في المستقبل، والتي من شأنها تعزيز أمن البلاد. وكشف عن وجود 14 مشروعا في مجال صناعة السفن الحربية، و10 مشاريع ستوقَّع عقودها في السنوات القليلة المقبلة. وقال: "إن شاء الله، سنبني حاملة طائراتنا، فنحن عازمون على ذلك، ولا يوجد عندي أي قلق حيال ذلك". وتابع قائلا: "بلغ حجم إنتاجنا العام الماضي في مجال الصناعات الدفاعية 5 مليارات دولار، والصادرات 1.6 مليار دولار، ومازلنا دون الأهداف التي رسمناها". تجدر الإشارة إلى أنّ سفينة "قينالي أدا" بدأ تصنيعها عام 2015، ويبلغ طولها 99.5 متر وعرضها 14.4 متر، ووزنها 2000 طنٍ و400 كغم، وتتمتع بسرعة تتجاوز 54 كم، ويبلغ عدد أفراد طاقمها 106 أشخاص. مشروع الطائرة الحربية التركية (TF-X) وخططت تركيا في بداية الأمر لصناعة طائرة حربية من الجيل الخامس، بالتعاون مع مصر في عهد الرئيس مرسي، ولكن انقلاب 30 يونيو حال دون إتمام المشروع، وقبل أن يوقع مرسي أي شيء بهذا الشأن، الأمر الذي دفع الأتراك إلى استكمال المشروع بمفردهم. وكان رئيس وزراء تركيا السابق أحمد داود أوغلو قد صرح بأن تركيا قادرة على صناعة أول طائرة حربية تركية وإسلامية من الجيل الخامس في سنة 2023م. وشددت الحكومة التركية على أن يكون المشروع تركيا خالصا، وقامت بمناقصة اشترطت فيها على الشركات التركية أن تكون قادرة على تحقيق هذا الهدف العظيم، وهو إنتاج أول طائرة تركية حربية من الجيل الخامس. يتكلف المشروع 35 مليار دولار، وسعر الطائرة التقريبي بدون محرك يصل إلى 100 مليون دولار، بينما طائرة FAT-50 PAK لا يتعدى سعرها 50 مليون دولار، وهي جيل خامس أيضا. وصرح وزير الدفاع التركي "فكري عشق"، في مايو الماضي، بأنه تم رصد 35 مليار دولار للمشروع الضخم. ستكون هذه الطائرة صناعة تركية خالصة 100%، وسوف تظهر في حدود سنة 2023، وسيتم تجريبها وتطويرها حتى سنة 2025، وسيتم ما بين أعوام 2025 حتى 2030 أو 2035 إنشاء سلسلة الإنتاج. الأسباب التي دفعت الأتراك لإطلاق المشروع أولا: الاستقرار الاقتصادي، حيث تطورت تركيا وتحسّنت اقتصاديا، وتقدمت من المرتبة 111 عالميا إلى المرتبة 15 ثم 18 عالميا في الناتج القومي الإجمالي. ثانيا: غياب الاستقرار الأمني على حدود تركيا، مثل الحرب الأهلية في سوريا، وسيطرة داعش على مناطق واسعة، إضافة إلى التنظيمات الإرهابية الأخرى مثل بي كاكا التابعة لحزب العمال الكردستاني، والإرهابيين الموالين لتنظيم "فتح الله غولن"، إضافة إلى الفوضى التي تشهدها العراق. ثالثا: عدم وجود دول مسلمة قوية للدفاع عن مصالح الأمة، حيث تعتمد كل الدول الإسلامية على الغرب أو روسياوالصين لشراء الأسلحة. رابعا: تطور مصانع ذات تكنولوجيا عالية في تركيا في العديد من المجالات، ومنها المصانع الحربية. خامسا: التمكن من شراء تكنولوجيا مهمة من كوريا الجنوبية وإيطاليا وأمريكا والسويد وأوكرانيا. سادسًا: ارتفاع عدد العلماء في كل تخصصات التكنولوجيا الدقيقة بتركيا، ودعمهم ماليا، ومشاركتهم في تطوير ودعم عدة شركات حربية، مثل "أوتوكار وآسلسان وروكيتسان وسوساس. سابعا: رفض عدة دول إعطاء معلومات عن سلاحها، مثل الصين التي رفضت أن تشرح لتركيا تقنية الصواريخ الباليستية، ورفض ألمانيا إعطاء تركيا تكنولوجيا عسكرية مثل محرك الدبابة، ورفض اليابان بيع تقنية محرك الدبابة الياباني، ورفض الولاياتالمتحدة إعطاء شيفرة الطائرة المتعددة المهام جيل خامس F35، رغم أن تركيا وعدت بشراء 100 طائرة بحوالي 14 مليار دولار. وكشفت مصادر عن أن تحفظ أمريكا على إعطاء الشيفرات الحربية التي تستخدم في طائرات F35 بقرار من البنتاغون، هي التي دفعت الأتراك إلى التصميم على صناعة طائرة حربية تركية من الجيل الخامس.