عبارات شحيحة ودقائق معدودة تلك التي رشح عنها اللقاء الباهت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي، وهو بحسب الناشطة المصرية الأمريكية "نانسي أونت"، المنحازة للانقلاب، في حدود 5 دقائق، جملة اللقاء الذي حافظ فيه ترامب على الإمساك بساعته من أن يزيد اللقاء عن هذا المعدل. ووعد ترامب السيسي بأن "العلاقات بينهما ستستمر أطول فترة ممكنة"، وعلق نشطاء بأن الدقائق شملت عبارات من نوعية "رومانسية الشر"، كما أطلقت عليها الجزيرة "لتبادل كلمتين.. أنا بحبك.. وأنا كمان". كيمياء الزيارة والزيارة هي الأولى لمن نصّبه الغرب على سدة الانقلاب في مصر، ليتمكن رئيس البيت الأبيض من لقاء أحدهم، بعدما رفض رئيس مصر الذي نصّبته الثورة، د.محمد مرسي أن يلتقي أوباما ولو على هامش لقاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيجد السيسي نفسه في قلب البيت الأبيض ولو لدقائق، وليس في صفحته سوى الإدانات الحقوقية من المؤسسات الإقليمية والدولية، ك"هيومن رايتس ووتش"، التي وصفت مصر في ظل استبداده بأنها وصلت إلى الحضيض. وتحظى زيارة السيسي لواشنطن باهتمام العديد من المراقبين والباحثين والحقوقيين ووسائل الإعلام, فقد انتقدت "هيومن رايتس ووتش" الزيارة، واعتبرت اللقاء احتقارا لحقوق الإنسان. وقالت المنظمة عشية لقاء مرتقب بين السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن اللقاء "يُعقد في لحظة بلغت فيها حقوق الإنسان مرحلة الحضيض في مصر، وأصبحت فيها مهددة في الولاياتالمتحدة". وقالت المنظمة ومقرها نيويورك، إن قوات الأمن المصرية "في عهد السيسي اعتقلت عشرات الآلاف من المصريين، وارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وتشمل التعذيب والإخفاء القسري، وربما عمليات إعدام ميداني خارج نطاق القضاء". وقالت سارة مارغون، مدير مكتب المنظمة في واشنطن: إن "دعوة السيسي إلى واشنطن في زيارة رسمية، فيما يقبع عشرات الآلاف من المصريين وراء القضبان، ومع عودة التعذيب للتعامل، هي طريقة عجيبة لبناء علاقة استراتيجية مستقرة". وأضافت المنظمة أن السيسي "أشرف على الإفلات شبه الكامل من العقاب للجيش والشرطة، وعلى القيود المشددة على الحريات المدنية والسياسية، ما أدى إلى محو مكتسبات انتفاضة 2011". صفقة تبادل غير أن أغلب الصحف تحدثت عن أن تحديد موعد للسيسي بالبيت الأبيض، يعني مسبقا أن مكاسب البيض الأبيض المرجوة أكبر من غيرها. وفي تحليل لأداء الفضائيات الموالية للسيسي والانقلاب، احتلت المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة إلى مصر أولوية، بما نسبته 29% من حديث تلك الفضائيات، ثم الضغط لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية أولوية ثانية بنسبة 24%، ثم الحديث عن الاستثمارات الأمريكية بمصر ما نسبته 23%، وكان تناول الدور المصري بالمنطقة أقل بنحو 14%، وأخيرا ملف حقوق الإنسان في مصر بما يمثل فقط 10%، وذكرت على سبيل نصاعة الملف المصري!. ونصحت "وول ستريت جورنال" ترامب بأن أفضل فرصة أمامه لعقد صفقة جيدة مع مصر قد تكون، اليوم الإثنين، خلال لقائه السيسي في البيت الأبيض، بعد سنوات من الجفاء تحت إدارة أوباما. ونبهت إلى أن "ترامب غير مهتم بملف الديمقراطية، ويقدّر دور السيسي في الحرب على الإرهاب". وأشارت أغلب الدوريات إلى أن "ملف حقوق الإنسان في مصر سيكون هامشيا خلال اللقاء". وأن اهتمام السيسي سيتركز على ملف المساعدات وجماعة الإخوان، واهتمام ترامب منصب على مزيد من جهود السيسي في مكافحة الإرهاب. تواطؤ شبكي وتعمل الإدارة الأمريكية مع أي حزب يحلّ في السلطة بنظام التواطؤ الشبكي، فتجد دول العالم تتلهف لتلبية مطالب الرئيس كما حدث في ملف بترول أرامكو الذي عاود الضخ في الموانئ المصرية بعد نحو 6 شهور من الانقطاع، كذلك لقاء السيسي رئيس الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بيتر تومسون، الذي رحب بالسيسي، يشير ربما إلى تماهي سياسات رئيس الدورة الحالية مع سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه مصر، مضيفا "يشرفني أن ألتقي عبدالفتاح السيسي، لتبادل مفيد جدا حول السلام ومكافحة الإرهاب". أما الصحف الأمريكية، فحدث ولا حرج عن التحليلات التي تعتبر اللقاء الفرصة الأخيرة، متناسية أنها تتحدث عن تابع وظل للولايات المتحدة، فالباحث والخبير الأمريكى إريك تراجر يعطي ديباجة عنوانها "علاقة القاهرةبواشنطن ستبدو أكثر إشراقا بلقاء السيسى ترامب". وقال "بريان ويتكر"، الصحفي في الجارديان: إن "ترحيبا حارا ينتظر السيسي مع استقبال ترامب لرجل مصر القوي". فيما رأى "ميشيل دان" أن "السيسي سيحب عدم اهتمام ترامب بحقوق الإنسان, وسيكره محاولته المحتملة لخفض المساعدات لمصر". وأكد إيان ليفين- في تقرير له- أن "استقبال ترامب للسيسي في العاصمة الأمريكية، هو الضوء الأخضر لسجله الفظيع بشأن حقوق الإنسان". غير أن المحلل ستيفن كوك في موقع "@Salon"، صباح اليوم، كان له رأي آخر من أن "السيسي في واشنطن يروج لمصر الجديدة, لكنها كانت أفضل في عهد مبارك".