في الوقت الذي يبدو فيه أن السعودية ما زالت مصرّة على معاقبة جنرالات الانقلاب بسبب تقاربهم مع طهران، حيث منعت الرياض توريد شحنات الوقود الخاصة بالشهر الحالي والذي قبله؛ توجه وزير البترول في حكومة الانقلاب طارق الملا ، أمس الأحد، إلى إيران الأحد في محاولة لإبرام اتفاقيات نفطية جديدة. وعلق مراقبون بأن التقارب الانقلابي الإيراني؛ يجعل القاهرة أحدث العواصم العربية المنضمة للمحور الشيعي في المنطقة، الذي يمتد من طهران إلى بيروت، مرورا ببغداد وصنعاء ودمشق، مع الإقرار باختلاف درجة التنسيق مع إيران من دولة إلى أخرى. وإزاء دعم السيسي للإجرام الإيراني في سوريا واليمن، تلقى السيسي الثمن في صورة صفقة مع العراق لشراء الوقود، بديلا عن الشحنات السعودية المتوقفة؛ بأسعار مخفضة، وبتسهيلات في السداد.
السيسي يغرد!
وعلى رغم السخاء المادي والمعنوي الذي منحته عدد من دول الخليج العربي للانقلاب العسكري في مصر، خرج الإعلام الرسمي والخاص لمهاجمة السعودية والحديث عن ضرورة التقارب مع إيران وعودة العلاقات بين البلدين.
ولم يغرد إعلام السيسي وحده خارج السرب، فالحكومة التي نفى وزير خارجيتها عزم مصر رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إيران إلى مستوى سفارة، أعلن وزير البترول والثروة المعدنية فيها أنه "ليس لديها مانع من استيراد الخام الإيراني بعد رفع الحظر عنه".
وأشار إلى أن "خط أنابيب نقل النفط (سوميد) الذي يصل بين البحر الأحمر والبحر المتوسط قد تأثر سلبا في الفترة الماضية بسبب حظر التصدير على إيران".
أطلق السيسي لجانه الإلكترونية تغرق مواقع التواصل بهشتاج "#أهلا_بدعم_إيران_لمصر" ، بعد تصريحات تفيد بنية إيران تزويد مصر بالنفط المدعم، إثر توقف شحنات النفط التي كانت تتلقاها مصر من السعودية.
وذكر المغردون بعضا من مظاهر التقارب مع المعسكر الإيراني، ومنها استقبال حكومة السيسي رئيس الأمن الوطني في نظام الأسد "علي مملوك"، وتأييدها مشروع روسيا بشأن سوريا في مجلس الأمن، وكذلك الأنباء التي وردت بتزويد جنرالات الانقلاب الحوثيين بزوارق عسكرية عززت موقفهم في البحر الأحمر.
ما المانع؟!
ويأتي هذا الكلام مع احتفاء وسائل الإعلام الإيرانية بالهجوم الذي شنه الإعلام المصري على السعودية والمديح الذي أغدقه على طهران ودبلوماسيتها.
واعتبرت مجلة روز اليوسف الحكومية في مقال تحت عنوان "السعودية باعت مصر" أن "عودة العلاقات المصرية الإيرانية أكثر من ضرورة".
وتساءلت "ما المانع في أن نبحث عما يحقق مصالح الدولة المصرية؟ وما المانع في إذابة الجليد المتراكم منذ سنوات بين مصر وإيران؟ ولماذا نستمر في اعتبار مسألة العلاقات المصرية الإيرانية خطا أحمر لا يجوز الخوض فيه؟ وما الضرر من إعادة العلاقات بين القاهرةوطهران؟".
وسبق روز اليوسف مقال لرئيس تحرير صحيفة الأهرام الحكومية محمد عبد الهادي علام، ومقابلة الكاتب المقرب من النظام محمد حسنين هيكل مع إحدى الصحف اللبنانية.
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية، الخبير في الشأن الإيراني، محمد محسن أبو النور، إن التقارب بين مصر وإيران ليس جديدا، فهو موجود منذ ثلاث سنوات، وتحديدا منذ انقلاب السيسي على الرئيس محمد مرسي.
وأكد أبو النور أن التقارب بين القاهرةوطهران "مرتبط بالتوتر المصري السعودي، خاصة أن تقارب وجهات النظر بين القاهرةوطهران جاء متزامنا مع المعارضة المصرية لموقف السعودية في الملفات ذاتها، فأصبح التقارب في الملف السوري يمثل خصما من رصيد العلاقات المصرية السعودية، ويهدد باتساع الهوة بين الدولتين في المستقبل القريب".