صدمة في "إسرائيل" زلزلت ثقة الصهاينة في ميليشياتهم التي يطلقون عليها "جيش"؛ وذلك على خلفية افتضاح الأساطير المؤسسة لجيش الاحتلال، واختلاق روايات كاذبة حول بطولات وهمية لا أساس لها في حرب العاشر من رمضان 1393ه السادس من أكتوبر 2016م. جاء ذلك في تقرير للقناة الثانية في التلفزيون المحلي بتل أبيب، التي كشفت عن أن إحدى أكبر "قصص البطولة" التي تدرس للجنود، ويتناولها الإعلام بكثافة في ذكرى حرب أكتوبر 1973، ليست سوى فبركة اختلقها قادة عسكريون لرفع معنويات المقاتلين الصهاينة التي انهارت عقب هجمات الجيشين المصري والسوري. وبحسب تقرير القناة، فإن ضباطا احتياطيين بارزين بجيش الاحتلال أكدوا أن قصة بطولة "قوة تسفيكا"، التي تحكي أن الضابط "تسفيكا جرينجولد" دمر وحده عشرات الدبابات السورية في اليوم الأول للحرب، ليست صحيحة وإنما جرى فبركتها بعد نهاية الحرب. واعترف اللواء احتياط "يائير نفشي"، الذي قاد بعد الحرب اللواء 188 الذي خدم فيه البطل المزيف "تسفيكا جرينجولد"، بأنه اختلق القصة لرفع معنويات الوحدة، التي فقدت غالبية مقاتليها في الحرب. وأوضح "نفشي" أن ذلك "لم يكن حقيقيا، اختلقنا قصة قوة تسفيكا لأننا أردنا إعادة بناء اللواء بعد الحرب، كان يتعين علينا بناؤه من الصفر، ماذا كنت لتفعل؟ كنا بحاجة لإحدى القصص". صحيفة "هآرتس" علقت على الفضيحة بالقول "قصة "قوة تسفيكا" هي إحدى أكثر القصص البطولية في تاريخ جيش الدفاع الإسرائيلي. وتحولت بمرور السنين إلى رمز للبطولة والقتال العنيد، الجسور والضاري. وألقى جرينجولد المحاضرات حول قصته أمام الجنود، وتداولت محتواها وسائل الإعلام مرة بعد الأخرى. مع ذلك ظهرت أول شروخ في هذه القصة في 1984 بعد 10 سنوات على الحرب، واستُبعدت لوقت قصير من دراسة التراث في الجيش". في وقت لاحق من الحرب أصيب "تسفيكا جرينجولد" ونقل للمستشفى لتلقي العلاج، لكنه عاد للقتال مجددا بعد أسبوع. وبعد نهاية الحرب تلقى وسام الشجاعة بحسب الروايات المفبركة من جانب قادة الصهاينة. لكن بعد مرور 43 عاما، قال اثنان من رفاق "تسفيكا" في الوحدة، إن القصة تم اختلاقها. ويروي العميد احتياط "أمنون شارون" الذي قاتل إلى جانب "تسفيكا" خلال المعارك وسقط في الأسر السوري: "في يوم الغفران الأخير شاهدت التلفاز ورأيت كل التحقيقات التلفزيونية التي أعادت كل القصص التي رويت عن تسفيكا. وهو ما أثار حنقي. يجب أن تعرف الجماهير الحقيقة. لذلك لم يعد بإمكاني الصمت. لا يجب أن يترعرعوا على هذه القصة". وبحسب "شارون" خلال الحرب، وعندما التقى "تسفيكا" في ميدان المعركة، لم يذكر إطلاقا قصة البطولة التي تحولت بمرور الوقت إلى أسطورة، ولم يخبره بتصديه لدبابات سورية، وأن معركة دارت في هذه المنطقة. لكن كيف تم اختلاق القصة البطولية؟ بحسب تحقيق القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، بعد الحرب أراد "يائير نفشي"، قائد اللواء 188، إعادة بناء قوته التي خسرت 112 مقاتلا، واتفق على حبكة القصة مع "تسفيكا"، وأرسل مراسل صحيفة "بمحنيه" التابعة للجيش لإجراء حوار معه. في نوفمبر 1973، نُشر التحقيق الذي حوله من ضابط مغمور إلى أسطورة، تحت عنوان "60:0 لصالح تسفيكا"، في إشارة إلى عدد الدبابات التي تقول القصة إنه دمرها. واعترف "نفشي" أنه لا يمكن أبدا تدمير 60 دبابة سورية، ب 71 قذيفة فقط هي ذخيرة الدبابة. "أمنون شارون" رفيق "تسفيكا" تعجب عندما وقع في الأسر السوري، عندما كان يسمع عن تلك القصص، وكيف أنقذ صديقه وحده هضبة الجولان وقاتل بضراوة، يقول "كيف لم أر ذلك؟"، ويضيف أنه التقى بعد إطلاق سراحه "تسفيكا" الذي أخبره أن القصة كلها مفبركة. وعلى مدى سنوات ظل "تسفيكا" يتحدث بحماسة لوسائل الإعلام الإسرائيلية عن المعركة الأسطورية، التي استخدمت فيما بعد لتليمع المقاتل الإسرائيلي بوجه عام، لكنه لكي تنطلي قصته على الجميع، كان دائما ما ينفي أن يكون دمر وحده 60 دبابة سورية، ويقول إنه لا يتذكر العدد تحديدا لكنه لا يقل عن 25 دبابة بأية حال!.