اعترفت صحف عربية وخليجية بالخلاف الحاصل بين مصر والسعودية على خلفية تصويت سلطات الانقلاب في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار بشأن سوريا تقدمت به روسيا وعارضته المملكة، الأمر الذي قوبل بحرب إعلامية من الطرفين، وصلت لحد معايرة نظام الانقلاب الذي سمنته السعودية بالرز ثم باعتها بالفول، حسب أحد الكتاب السعوديين. في الوقت الذي طالب فيه عدد من الكتاب من البلدين إلى عدم الاستسلام لأي اختلاف سياسي وطالب البعض بالوصول إلى "آلية تستوعب الخلافات"، خاصة في ظل الموقف الخليجي من ثورات الربيع العربي التي دعمت للانقلاب عليها، رغم أنها تسلم من ضربات الانقلاب الموجعة لأمنها ومصالحها. ووجهت السعودية ضربة قاصمة لنظام الانقلاب بمنع شركة أرامكوا النفطية من إرسال الشحنة الشهرية "700 ألف طن"، الأمر الذي أحدث أزمة دولارية كبيرة في مصر بعد تخصيص 500 مليون دولار لشراء كميات من النفط لحل الازمة قبل تفاقمها، وهو ما دفع عدد من رجال السيسي في الاعلام لعب دور العقل بعدم الانسياق مع الدعوات المهاجمة للسعودية، رغم رعاية السيسي نفسه لعدد من الإعلاميين الموالين له مثل أحمد في موسى في مهاجمة السعودية والتهديد بالارتماء في حضن إسرائيل وايران، وهي سياسة الابتزاز التي يلعب عليها السيسي دائما على لسان زبانيته. وفي المقابل كتب محمد الساعد في عكاظ السعودية: "نعم من حق السعودية أن تعتب على مصر كما تعتب على غيرها، لأنها بتصويتها مع المشروع الروسي لا تمثل نفسها في مجلس الأمن، بل تمثل العرب، وهذا هو العرف العربي، وكان لا بد من التشاور قبيل الاجتماع، خاصة أن الرياضوالقاهرة معنيتان بهذا الملف المعقد والشائك". وتهديدا للمصالح السعودية من قبل سلطات الانقلاب دفعت الساعد لدعوة الانقلاب والرياض "ألا تستسلما لأي اختلاف سياسي، فعمق السعودية الأمني والسياسي في القاهرة، وعمق مصر العروبي والأمني هو الرياض". واعترف عماد الدين حسين في جريدة الشروق المصرية بالخلاف بين البلدين ودعاهم إلى تبني "آلية حقيقية تستوعب أي خلافات سواء كانت بسيطة أو كبيرة، ومن دون ذلك، فإن أي سوء فهم قد يوجه ضربة موجعة لعلاقات البلدين". وكعادة إعلام الانقلاب في إلصاق أي تهمة بجماعة الإخوان المسلمين، اعتبر أن الوقيعة بين الانقلاب والسعودية سببها الإخوان وليست سياسات قائد الانقلاب المتناقضة والتي تقوم على الابتزاز والارتماء في حضن اسرائيل. وتبنى مجدي سرحان في الوفد المصرية رأيًا مشابهًا، وطالب الإعلاميين بأن "يتوقفوا فورًا عن عبثهم وأفعالهم المراهقة الطفولية ليرتقوا الى مستوى الموقف الرسمي. من جانبه، انتقد محمد مهدي علام في الأهرام المصرية الموقف السعودي قائلاً: "الاختلاف مع مصر في بعض القضايا الإقليمية لا يعنى إشهار سيف الخصومة أو الشروع في ممارسات هدفها هو هز كيان الدولة المصرية ومحاولة تصدير صورة أننا يمكننا أن نذل هذا البلد لأنه يخالف توجهاتنا". ودعا علام إلى "ضرورة إجراء مراجعة لكل أشكال المساعدات الخارجية التي تحصل عليها مصر وتحديد ما يمكن الاستعاضة عنه في المدى القصير وما يمكن التفاوض بشأنه فى ضوء المصالح المتبادلة مع دول بعينها، فلا مصر يجدى معها لغة التركيع أو مقايضة المصالح ولا تفريط فى كرامة مصر والمصريين". في سياق آخر، تساءل حازم عياد في جريدة السبيل الأردنية: "لم تنتظر الرياض طويلا لتوجه انتقاداتها إلى القاهرة بعد موقفها الداعم لمشروع القرار الروسي في سوريا؛ فهل لهذه الانتقادات أي تداعيات سياسية واقتصادية على علاقة الرياضبالقاهرة؟". وانتقد عياد موقف القاهرة التي "تغامر بعلاقاتها التاريخية بالولايات المتحدةالامريكية وبالمملكة العربية السعودية من خلال اقترابها من طهران وموسكو؛ وتزيد الأمور تعقيدًا خصوصًا أنها تخوض معركة مزدوجة الأولى في ليبيا وسيناء والثانية في إثيوبيا؛ مما يضعها أمام استحقاقات كبيرة سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا". من ناحية أخرى، وصف جلال خيرت في الأخبار اللبنانية العلاقات المصرية-السعودية بأنها "دخلت نفقاً مظلماً وسط توترات مكتومة وغضب محمد بن سلمان". وقال خيرت: "ما كان يعد حلفًا وطيدًا بين مصر والسعودية يبدو أنه دخل منعطفًا جديدًا، خاصة مع استمرار إشعارات مختلفة تؤكد تزايد الخلاف، يهاجم كتاب سعوديون مصر على شاشات التلفزيون السعودي في خطوة تعكس التوتر الحاد بصورة رسمية، ليس بسبب الأزمة الأخيرة في مجلس الأمن فحسب، ولكن أيضا بسبب الرؤية حول الأزمة اليمنية". وكانت شركة أرامكو قد توقفت عن ارسال الشحنة البترولية الشهرية (700 ألف طن) المخولة بحسب التعاقد المنصوص عليه كمنحة سعودية على مدار 5 سنوات بقيمة 23 مليار دولار تسدد بفائدة 2% فقط على مدار 15 سنة، وذلك نتيجة التلاسن بين الدولتين علىا لمستوى الاعلامي بعد الموقف الانقلابي من القرار الروسي والفرنسي الخاص بسوريا.