لم يكتف جنرالات جيش الانقلاب العسكري بالاستيلاء على أكثر من 60% من اقتصاد البلاد، بل راحوا يتغولون على أقوات المصريين، فها هم يستولون على مطاعم جامعة القاهرة ويدخلون في "بيزنس" المدارس، بل حتى ألبان الأطفال الرضع لم تسلم من احتكارهم. ألبان الرضع لم يستح الدكتور مكرم رضوان، عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس الدم، من إعلان أن اللجنة اتفقت فى آخر اجتماع لها، يوم الثلاثاء الماضى، على إسناد حل المشكلة وتوفير ألبان الأطفال للقوات المسلحة، عبر توفير العملة الصعبة والدولارات لحل المشكلة مع المستوردين، أو الاستيراد عن طريق القوات المسلحة مباشرة، إضافة إلى إنشاء القوات المسلحة لمصانع حربية للأدوية وألبان الأطفال. رفع الأسعار وقال محمود فؤاد، رئيس المركز المصري للحق في الدواء: إن وزارة صحة الانقلاب سترفع، بدءًا من اليوم الخميس، أسعار ألبان الأطفال المدعمة من الوزارة، بالإضافة إلى رفع أسعار الألبان غير المدعمة. وكتب فواد- على حسابه الرسمي على فيسبوك- "غدًا صرف لبن الأطفال المدعم بمنافذ وزارة الصحة ومراكز الأمومة والطفولة للمواليد من سن يوم إلى 6 شهور، بسعر 5 جنيهات بدلًا من 3 جنيهات". وتابع "ألبان المواليد من سن 6 أشهر إلى أكبر بسعر 26 جنيها بدلًا من 18"، بالإضافة إلى رفع أسعار الألبان غير المدعمة من 15٪ إلى 30". وقالت هالة الماسخ، مدير إدارة الرعاية الأساسية بصحة الانقلاب: إن الوزارة تتجه إلى إعادة هيكلة منظومة دعم ألبان الأسعار، مشيرة إلى أن الألبان التي يبلغ سعرها 18 جنيها ستصل إلى 25 جنيها. وبذلك يضمن عسكر الانقلاب احتكار استيراد أو صناعة ألبان الأطفال في مصر، لينضم هذا القطاع الحساس إلى قائمة القطاعات التي يحتكرها الجيش من الاقتصاد المصري ومنها: الصناعات حيث يمتلك الجيش أسطورة من المجموعات لأعمال الهندسة والبناء والأجهزة والغذاء، منها على سبيل المثال: 1: جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التابع له عدد من الشركات تغطي مجموعة واسعة من القطاعات، منها شركات: النصر للكيماويات الوسيطة، العريش للإسمنت، الوطنية للبترول، الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه "صافي"، مكرونة كوين، الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي، النصر للخدمات والصيانة "كوين سيرفس"، مصر العليا للتصنيع الزراعي، مصنع إنتاج المشمعات البلاستيك، بخلاف قطاع الأمن الغذائي الذي يتبع الجهاز. 2: الهيئة القومية للإنتاج الحربي، التي تملك أكثر من 15 مصنعًا للصناعات العسكرية والمدنية (الأجهزة الكهربائية والإلكترونية بشكل أساسي). 3: الهيئة العربية للتصنيع، التي تدير 11 مصنعًا وشركة في مصر، تعمل في العديد من المجالات في الصناعات العسكرية والمدنية. 4: الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، المتخصصة في مجالات الإنشاءات العسكرية والمدنية، ومشروعات البنية التحتية والطرق والكباري، وبناء المدارس، ومجالات التنمية السياحية وتطوير المنشآت الرياضية، ومشروعات الإسكان الاقتصادي، والتخطيط العام للمدن. المدارس تم الكشف مؤخرا عن قيام الجيش المصري بالاستثمار في سوق المدارس الخاصة، ضمن جهوده المتواصلة لتوسيع استثماراته بدون منافسين له. وبحسب الموقع الرسمي لسلسلة مدارس بدر الدولية في محافظة السويس، فقد عرفت المدرسة نفسها بأنها تأسست من قبل القوات المسلحة المصرية؛ بهدف أن تصبح أفضل مدرسة دولية، بحيث يقدم فيها أعلى جودة من التعليم. وما زاد من التكهنات حول رغبة الجيش في السيطرة على افتتاح المدارس الدولية، واحتكارها لنفسه، هو قرار وزير التربية والتعليم الهلالي الشربيني، الأحد، القاضي بوقف قبول طلبات جديدة للترخيص بإنشاء مدارس دولية أو استحداث أقسام بالمدارس الخاصة القائمة لتدريس المناهج ذات الطبيعة الخاصة (الدولية) بكافة أنواعها. اقتصاد العسكر ومن المؤكد أن هيمنة الجيش على أكثر من 60% من اقتصاد مصر، حسب تقارير محلية ودولية غير رسمية، لم تكن وليد اللحظة، فقد استغرق ذلك 63 عاما من حكم إدارة العسكر بشكل مباشر، عن طريق رؤساء ينتمون إلى الجيش منذ الاستقلال في عام 1952، وهم محمد نجيب وجمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك، ثم الانقلابي عبد الفتاح السيسي. وتوسع الجيش في عهد الانقلاب اقتصاديا، فزادت ملكيته لمحطات البنزين والمخابز والمجمعات الاستهلاكية ومصانع المعجنات، وحصل على امتيازات شق الطرق وبناء الجسور، وكلما توسع بيزنس الجيش تفاقمت معاناة الشعب، فزادت نسبة الفقر إلى 26% والبطالة إلى 13.3% في 2015، وتدهورت جميع مؤشرات الاقتصاد.