أطفال لم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة عامًا يقبعون خلف الجدران وقضبان الزنازين رغم صغر أعمارهم، يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب الممنهج عقابًا لهم فقط على إبداء آرائهم السياسية والتهم جميعها معروفة.. "التظاهر دون تصريح، ومحاولة قلب نظام". ومنذ الثالث من يوليو 2013م وحتى نهاية 2015م اعتقلت قوات الانقلاب 4000 طفل دون 18 عاما، قامت بتعذيب أكثر من 1000 منهم، وتعرض 80 منهم لاعتداءات جنسية، و60 للإخفاء القسري، وما زال 600 في سجون الانقلاب حتى اليوم. وأصدر القضاء الانقلابي في تلك الفترة أحكامًا بإعدام 3 أطفال بالمنيا، والمؤبد لثلاثة بالدقهلية والمنيا، والسجن المشدد لخمسة بالإسكندرية والبحيرة وسوهاج. واعتقلت سلطات الانقلاب آلاف الأطفال منهم على سبيل المثال لا الحصر، الطفل "محمد عادل"، ووضعته في قسم شرطة "السادات" بالمنوفية وسط المدمنين وتجار المخدرات والمسجلين خطر، ولم يكتفوا باعتقال والده وحرمانه منه، فقاموا باعتقاله ليقبع خلف القضبان فى أقذر قسم شرطة على مستوى المنوفية وسط المخدرات ودخان السجائر ومسجلى الخطر بدلا من أداء امتحاناته أو لعبه فى الشارع كسائر الأطفال. "مازن حمزة" طالب في الصف الثاني الثانوي اعتقل في 28 يناير من العام الماضي 2015، في ذكرى جمعة الغضب مع عشرات ممن كانوا في شوارع مدينة المنصورة في ذلك اليوم، وكان في طريقه لحضور أحد دروسه، تعرض بعد اعتقاله لما يتعرض له المعتقلون من حفلات تعذيب وضرب، على الرغم من أنه لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره. أصدرت النيابة قرارا بحبسه 15 يوما، ثم نقلته من المنصورة إلى قسم دكرنس باعتباره حدثا، وفي منتصف مايو من العام الماضي 2015 أصيب بمرض معد، هو الغدة النكافية، حيث ينتقل الفيروس عبر استنشاق الرذاذ المتطاير في الهواء من فم أو أنف شخص مريض، وجاء ذلك نتيجة اكتظاظ أقسام الشرطة بالمعتقلين. وقد رفضت الشرطة نقله للمستشفى إلا بعدما تدهورت حالته ولم يعد يقوى على المشي، مازن الذي اعتقل منذ أكثر من عام وجهت له قائمة من التهم أكبر من التي وجهت لمعتقلي غوانتانامو، ويحاكم الآن أمام محكمة عسكرية مع اثني عشر آخرين، في واحدة من المهازل الكثيرة الموجودة في مصر. قصة مازن حمزة هي قصة الآلاف من الأطفال المصريين المعتقلين في سجون النظام والذين يتعرضون لألوان من التعذيب والقهر تفوق الوصف والخيال، حيث أصبحت صورهم وهم مقيدون بالأغلال على أسرة المرض أو أثناء نقلهم للمحاكمات دليلا على انتهاكات منظمة تسعى لتدمير آدمية الأجيال الجديدة من أبناء مصر. وقد أوضح الفريق المعني بالاعتقال التعسفي في الأممالمتحدة أن اعتقال الأطفال في مصر منهجي وواسع الانتشار، وأنهم يتعرضون للتعذيب والضرب الممنهج، وأن التهم التي توجه إليهم غير منطقية. محاكم عسكرية الصعق بالكهرباء والضرب بالكرباج والتعليق على الحائط أبرز صور تعذيب الصغار في معتقلات الانقلاب، تضاف جريمة مقتل الطفل مازن الطالب بالصف السادس الابتدائي على يد مليشيات الانقلاب، نتيجة تعذيبه بالكهرباء بعد اعتقاله أثناء مشاركته في إحدى المسيرات المؤيدة للشرعية بمنطقة السادس من أكتوبر، إلى سجل جرائم الانقلاب الدموي ضد الأطفال، حيث سبقتها جرائم قتل متعددة لا تقل في بشاعتها عن هذه الجريمة. كما أن كثيرا من هؤلاء الأطفال يحاكمون أمام محاكم عسكرية، على الرغم من أنهم قصر وأعمار بعضهم لا تتجاوز 15 عاما، وتشير كثير من التقارير إلى أن عدد الأطفال المعتقلين في مصر يزيد على أربعة آلاف طفل معظمهم في المراحل الإعدادية والثانوية، وقد أشار كثير من الحقوقيين إلى أن ما يحدث في مصر هو سابقة في التاريخ القضائي، حيث تتعامل معهم النيابات والمحاكم على أنهم بالغون. كما أن التهم التي توجه لهم تفوق تصورهم الطفولي، وللأسف لا تتجاوز المؤسسات الحقوقية الدولية حدود التنديد وإصدار التقارير، ولا يحظى الأمر بالاهتمام الكافي من الحكومات الغربية التي تتشدق بحقوق الطفل فيما توجه الدعم الكامل للنظام الاستبدادي في مصر. وقد نشرت صحيفة «التلجراف» البريطانية تقريرا قالت فيه إن السجون المصرية مليئة بالفتيات والأطفال الصغار الذين يتعرضون للانتهاكات البشعة، ويحشرون في زنازين ضيقة، ويجبرون على تناول طعام مليء بالصراصير، ويتعرضون لانتهاكات وتحرشات يومية، هذا بعض ما يحدث للأطفال في سجون مصر. بعد تناقل هذه الجرائم، خرجت داخلية الانقلابية تنفى هذه الحقائق، حيث صرح هاني عبداللطيف -المتحدث باسم وزارة داخلية الانقلاب-: "نحن لا نحتجز القاصرين في السجون، وجميع الأشخاص المقبوض عليهم ممن هم دون سن ال 18 عاما محتجزين في مراكز الأحداث وفقا للقانون"!