كشفت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" في بريطانيا، عن عدة شكاوى موثقة تجاه تعذيب داخلية الانقلاب للمعتقلين في السجون وحالات الإهمال الطبي المتعمدة، وتقدمت المنظمة على إثرها ببلاغات مدعمة بالتقارير الطبية والمستندات الخاصة بأولئك المرضى للجهات المعنية في مصر، طالبت فيها بضرورة تطبيق قانون تنظيم السجون المصرية ولائحته التنفيذية والتي تقتضي الإفراج عن أي محتجز يشكل السجن خطورة على حياته. وأكدت المنظمة، في بيان لها اليوم الجمعة، أهمية التزام إدارات مقار الاحتجاز بضرورة توفير الرعاية الطبية الكاملة لأي محتجز وعرضه على طبيب السجن فور احتياجه لذلك، وشددت على مسؤولية السلطات المصرية عن حياة هؤلاء المعتقلين وأن تركهم يواجهون الموت البطيء هو بمثابة جرائم قتل عمد تضاف إلى سجل الأمن المصري المتخم أصلا بالإنتهاكات. وطالبت المنظمة السلطات المصرية بضرورة الإفراج الصحي عن المرضى من المحتجزين لديها؛ لأن استمرار احتجازهم يشكل خطورة على حياتهم، كما تطالب السلطات بفتح تحقيقات في وفاة العديد من المحتجزين داخل مقار احتجازهم نتيجة عدم توفير الرعاية الطبية اللازمة لهم، مؤكدة على أن الأوضاع الكارثية التي تعاني منها مقار الاحتجاز المصرية بحاجة إلى تدخل سريع من المجتمع الدولي لإنقاذ الموقف وإلا قضي جميع المحتجزين داخل تلك السجون، فالوضع يزداد سوءً يوماً بعد يوم، وتفشي ظاهرة الإهمال الطبي والتعذيب كفيل بحصد المزيد من الأرواح كل يوم. ونقلت المنظمة العربية شكوى من أسرة المحتجز المصري الدكتور محمد أحمد عبد الغني-مواليد 25 مايو 1952، أكدت فيها "أن حياته مهددة بالخطر نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة مقر احتجازه بسجن الزقازيق العمومي، حيث يعاني الدكتور محمد من ضعف بعضلة القلب التي أصبحت تعمل بكفاءة 20% فقط (الدرجة الرابعة) وهي مرحلة حرجة بحاجة إلى رعاية طبية خاصة، وهو ما لا تسمح به إدارة سجن الزقازيق العمومي، وقالت الأسرة أنه "ومنذ اعتقاله بتاريخ 19 أغسطس/آب 2013 وحالته الصحية في تدهور مستمر، حيث أن إدارة مقر احتجازه السابق بسجن شبين الكوم منعت عنه الأدوية الخاصة بحالته الصحية لعد أسابيع، مما أدى إلى إصابته بذبحة صدرية وأزمة قلبية نقل على إثرها إلى مستشفى الزقازيق الجامعي وكان في حالة خطرة، إلا أن إدارة سجن الزقازيق رفضت احتجازه بالمستشفى وأصرت على إعادته للسجن بعد إجبار الأطباء على كتابة تقرير مزور يوضح أن حالته الصحية مستقرة.
وبعد فترة تدهورت حالته الصحية وأصيب بذبحات صدرية متكررة، فاضطرت إدارة السجن لنقله إلى مستشفى الزقازيق الجامعي، وأوصى الأطباء بضرورة احتجازه داخل المستشفى نتيجة إصابته بهبوط حاد في عضلة القلب وبحاجة إلى رعاية طبية خاصة لحين استقرار حالته الصحية، لكن إدارة السجن أمرت بنقله إلى مستشفى سجن الزقازيق العمومي الغير مجهز واحتجازه بداخلها، مع رفض تام من إدارة السجن لنقله إلى مستشفى مجهز على نفقتنا الخاصة، حيث أن مستشفى السجن تفتقر إلى الرعاية الطبية وإلى الأجهزة الحديثة، كما لا يوجد بها الأدوية اللازمة لحالته، بالإضافة إلى حاجته لسرير معين حيث أنه يعاني من تمزق بعضلات الظهر، يسبب له آلام شديدة ولا يتم إعطائه إلا مسكنات". كما تلقت المنظمة شكوى حول تعنت إدارة سجن طرة شديد الحراسة في علاج أحد المحتجزين المعارضين لديها، ويدعى ياسر عيسوي أحمد عيسوي-مواليد 10 مارس 1975، وجاء في شكوى أسرته أن "إدارة سجن طرة شديد الحراسة 1 (العقرب) قامت بإعادة ياسر إلى السجن على الرغم من قرار المحكمة باحتجازه داخل المستشفى نظرًا لتدهور حالته الصحية؛ حيث إنه يعاني من وجود حصوات بالكلى، ونتيجة لحرمانه من العلاج منذ إلقاء القبض عليه في 2013 أصيب بتضخم في الكبد والطحال وانزلاق غضروفي أدى إلى إصابته بتنميل مستمر وأجبره على استخدام كرسي متحرك، وبدأ يعاني من البواسير، وأجرى عملية جراحية بالبواسير ونتيجة للإهمال أصيب بنزيف شرجي حاد، رغم ذلك رفضت إدارة السجن استمرار حجزه بالمستشفى فأصيب مرة أخرى بنزيف شرجي حاد، فنقل مرة أخرى للمستشفى في حالة حرجة، وأعيد يوم 5 مايو 2016، على الرغم من استمرار النزيف وعدم توقفه".
وكانت المنظمة قد وثقت مقتل ثلاثة معتقلين مصريين معارضين خلال العشرة أيام الأخيرة داخل مقار احتجازهم جراء الإهمال الطبي المتعمد والتعذيب وأوضاع الاحتجاز غير الآدمية التي تتسم بها تلك المقار، ليرتفع عدد القتلى والمتوفون داخل مقار الإحتجاز منذ الثالث من يوليو/ تموز 2013 وحتى الآن إلى 379 شخصا، بينهم 40 شخصا خلال العام 2016.
وتوفي في 27 أبريل 2016 المعتقل ممدوح محمد بكر أحمد (54 عاماً) داخل مقر احتجازه بسجن الغربينيات ببرج العرب بالإسكندرية، جراء الإهمال الطبي المتعمد لحالته الصحية، حيث كان يعاني من فشل كلوي وتليف كبدي وفشل كامل بوظائف الكبد، ودوالي بالمريء، ونتيجة الإهمال بالسجن أصيب باستسقاء في البطن وقيئ دموي، وأنيميا حادة وهزال شديد، وعلى الرغم من تقدم أسرته بالعديد من الطلبات لنقله للمستشفى إلا أن إدارة السجن كانت ترفض جميع تلك الطلبات، كما كانت تتعنت في السماح لأسرته بإمداده بالعلاج اللازم له. كما توفي المعتقل أحمد عبد المنعم حسن (33 عاماً) ظهر الثلاثاء 26 أبريل/نيسان 2016 داخل مستشفى الطوارئ بالمنصورة متأثراً بجراحه التي أصيب بها جراء قيام القوات الأمنية بإلقائه من شرفة منزله بالدقهلية أثناء قيامها بإلقاء القبض عليه الجمعة 15 أبريل/نيسان الجاري بحسب أسرته، مما تسبب في إصابته بنزيف في المخ وكسر في الجمجمة وكدمات في أماكن حساسة بجوار النخاع الشوكي وكسور، لينقل بعدها إلى المستشفى تحت الحراسة المشددة حتى تاريخ وفاته.
وبتاريخ 25 إبريل توفي المعتقل المصري حسن علي حسن الجمل (59 عامًا) داخل مقر احتجازه بسجن المنصورة العمومي بمحافظة الدقهلية، وذلك بعد تدهور حالته الصحية ووصولها لحالة متأخرة نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة مقر احتجازه وتعنتها في توفير الرعاية الطبية له وحرمانه من العلاج.
وجاء في إفادة أسرته أنه "منذ إلقاء القبض عليه بتاريخ 17 يونيو/حزيران 2014 لم يتم السماح له بتناول الأدوية الخاصة بحالته الصحية، حيث أنه كان يعاني من أمراض بالقلب والسكر وارتفاع مزمن في ضغط الدم، وأصيب داخل مقر احتجازه بمرض النقرس بسبب سوء الأوضاع، وكان بحاجة إلى متابعة دورية مع الطبيب، إلا أن إدارة السجن رفضت جميع طلباتنا بنقله للمستشفى أو عرضه على طبيب السجن وإدخال الأدوية اللازمة له، حتى تدهورت حالته الصحية وتوفي مساء الاثنين 25 أبريل/نيسان 2016".
كما تم توثيق عشرات الحالات لمحتجزين معارضين مهددين بالموت أو بالإصابة بعاهات مستديمة جراء إهمال إدارات مقار احتجازهم المتعمد لحالتهم الصحية، حيث أكد ذووا أولئك المحتجزين أن إدارات مقار احتجازهم ترفض إدخال أية أدوية لازمة لحالتهم الصحية، وفي المقابل لا توفرها لهم من خلال مستشفيات السجون، كما تتجاهل إدارات المقار توصيات الأطباء بضرورة نقل المحتجزين المرضى للمستشفى، وفي حالة نقلهم للمستشفى فإنها ترفض احتجازهم بداخلها وتعيدهم إلى السجن في حالة صحية حرجة، ضاربين بتوصيات الأطباء عرض الحائط.
وأكدت شهادات المعتقلين للمنظمة أن إهمال إدارات مقار الاحتجاز لنظافتها وعدم تطبيق العزل الطبي على المحتجزين المرضى، يؤدي إلى انتشار العدوى بين المحتجزين، كما لا يتم إسعاف المحتجزين الذين يتعرضون للتعذيب داخل مقار الإحتجاز فتتفاقم جروحهم حتى تصل إلى حد إصابة بعضهم بعاهات مستديمة أو أمراض مزمنة.