قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إنه منذ قيام ثورة 1952، التي أطاحت بالنظام الملكي في مصر، ظل نظام التعليم العام امتدادا للحكومة. وأضافت أن الكتب المدرسية والمناهج تعرض روايات مؤيدة للحكومة، مع إغفال أو تغيير في الحقائق "ولكن الآن، تسييس المدارس وصل إلى آفاق جديدة اتسمت بتقليل أو محو مساهمات وجهود المعارضة في التاريخ."
وأشارت الصحيفة في تقرير بموقعها الالكتروني إلى واقعة إغفال كتاب دراسي للصف الخامس الابتدائي اسم نائب رئيس الجمهورية السابق محمد البرادعي من قائمة الحاصلين على جائزة نوبل للسلام، التي كان فاز بها عام 2005 مناصفة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي كان يترأسها آنذاك.
وقالت الصحيفة إن هذا الإغفال في الصفحة الخامسة من الكتاب فاضح.
ونقلت الصحيفة عن د. سامي نصار أستاذ أصول التربية وعميد معهد الدراسات والبحوث التربوية السابق بجامعة القاهرة قوله "إنهم يعيدون كتابة التاريخ مرة أخرى. والآن السيسي هو الرئيس، وبالتالي فإن المناهج (التعليمية) يجب أن تعكس النظام السياسي" في البلاد.
وقالت الصحيفة إن ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بحكم الرئيس محمد حسني مبارك الذي استمر 30 عاما، توصف في الكتب المدرسية "في بضع فقرات سطحية"، ولا توجد إشارة إلى جهود الناشطين الذين بدأوا التمرد الشعبي، ويشوه دور الإسلاميين الذين لعبوا دورا حاسما خلال هذه المرحلة.
ونقلت الصحيفة عن كمال مغيث الباحث بالمجلس القومي للبحوث التربوية قوله "كأن الثورة لم تحدث".
وأضاف "هناك شخصيات في النظام لديها مشكلة مع الثورة ويحاولون مهاجمة رموزها وليس فقط البرادعي".
وقالت الصحيفة إن المنتقدين يعتبرون أن الإغفالات في الكتب المدرسية "جهد محسوب لتعزيز سلطة السيسي عن طريق التقليل من الانتفاضات والمنسقين لها". ويقول البعض إنها "أحدث مثال على نظام تعليم يهتم بإرضاء قادة البلاد أكثر من اهتمامه بتدريس موضوعي للأحداث الماضية."
وقال نصار "من يكتبون الكتب المدرسية يضعون عيونهم على الرئيس.. الرجل الجالس على العرش."
واضاف "انها طريقة لتملق الحاكم، لتعطيه المزيد من التأثير على الناس، مما يكسبه صورة جيدة جدا." وتابع "التاريخ ليس تاريخ الشعب. انه تاريخ الحاكم."
وقالت الصحيفة إن وزارة التربية والتعليم المصرية لم تستجب لطلبات متكررة للتعليق على واقعة البرادعي. ولكن وسائل الإعلام المحلية، نقلت عن المتحدث باسم الوزارة بشير حسن قوله إنه تمت إزالة اسم البرادعي في عهد وزير التعليم السابق وإن تحقيقا يجري في الواقعة، مشددا على أنه "لا ينبغي لأحد إعادة كتابة التاريخ، وحتى لو كانت هناك خلافات بين النظام والبرادعي".
وبقدر ما تعي الذاكرة، حدث الإغفال الأول ذو الدافع السياسي في مناهج الدراسة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر في الستينات. ففي معظم الكتب المدرسية، صور ناصر كأول رئيس للبلاد في تجاهل لدور محمد نجيب، القائد العسكري الذي قاد ثورة 1952 مع عبد الناصر.
وفي عهد أنور السادات وحسني مبارك، مجدت الكتب أدوارهم العسكرية أثناء حروب مصر مع إسرائيل، لتكسب كلا منهما المزيد من الشرعية.
وأضافت أنه في صفحات كتاب التربية الوطنية للصف الثالث الإعدادي لا يكاد يوجد ذكر لثورة 2011. وهناك إشارة عابرة إلى كيف أن "الوحدة الوطنية تجلت في أفضل صورها" وأن المسلمين والمسيحيين خرجوا معا إلى الشوارع للمطالبة بالحرية والكرامة. ولا توجد إشارة إلى أن الانتفاضة كان سببها الغضب الجماعي ضد حكم مبارك الاستبدادي وما شابه من محسوبية وفساد.
ونقلت الصحيفة عن مغيث قوله "لا توجد إشارة إلى المحتجين الذين قتلوا خلال ثورة 25 يناير"، مضيفا "ليس هناك ذكر لكيف بدأت الثورة ولا لانتهاكات الشرطة ولا الفساد".
وقالت إن كتاب التاريخ للصف الثالث الثانوي ذكر أن الثورة نتجت عن تزوير الانتخابات وتدهور الاقتصاد والحياة السياسية، وأن الجيش استولى على السلطة "لإنقاذ الثورة". وأضاف أن الطلاب وأولياء الأمور يقولون "كيف يمكن أن نؤمن بهذه المواد؟ لا نؤمن بما في مناهجكم. نريد الشهادة فقط."
وقالت الصحيفة إنه لا يزال من المستبعد أن يغير إغفال ذكر ثورة 2011 من احساس الشعب بها.
ونقلت عن مغيث قوله إنها "كانت حلما عاشه المصريون. فهي جزء من هويتنا الوطنية الآن ومن الصعب محوه تماما".