دخل المعتقلون داخل سجن العقرب سيئ السمعة، اليوم ال14 من إضرابهم المفتوح عن الطعام؛ اعتراضا على حملات الإذلال والتعذيب ومحاولات القتل البطيء، مع تزايد أعداد المنضمين إلى قافلة الإضراب داخل البناية شديدة الحراسة إلى 26 مناهضا لحكم العسكر ومعارضا لفاشية الانقلاب. ويعاني المعتقلون من إجراءات فاشية وتعنت فاضح بالحرمان من التريض، ومنع الأدوية عن المرضى، ورفض نقل المحتجزين أصحاب الحالات الصحية المتدهورة إلى المستشفى، كما لا يتم تقديم كميات مناسبة من الطعام، بالإضافة إلى تلوث مياه الشرب المقدمة من قبل إدارة السجن، وإجبار المعتقلين على الشراء من "كانتين" السجن، والذي يبيع السلع بأربعة أضعاف ثمنها. ولم يسلم أسر المعتقلين من سوء المعاملة من قبل إدارة السجن، بتعمد التضييق عليهم في الزيارات، وعدم الالتزام بأدنى المعايير التي حددها القانون في تنظيم الزيارات، فيما يتعلق بمكان أو مدة الزيارة المنصوص عليها، خاصة بعد إعلان إدارة السجن عن عدم سماحها لأكثر من 20 زيارة في اليوم الواحد، وهو ما يضطر جميع الأسر للحضور قبل موعد الزيارة ب12 ساعة على الأقل لحجز مكان متقدم في جدول الزيارات، بالإضافة إلى التفتيش الذاتي المهين الذي يتعرضون له، وخاصة السيدات، والذى يصل إلى حد التحرش. الإضراب هو سلاح الأحرار داخل "العقرب"، ذلك السجن الذى له من اسمه نصيب، فهو المبنى شديد الحراسة الذى يحمل الرقم 992، الذى يقع فى مجمع سجون طرة المركزية، ليجسد فاشية دولة العسكر، وتم تأسيسه أوائل تسعينات القرن الماضي، وهو محاط بأسوار يبلغ ارتفاعها 7 أمتار، وبواباته مصفحة من الداخل والخارج، وزنازينه معزولة تماما، وإضاءته تكاد تكون منعدمة. اللواء إبراهيم عبد الغفار، مدير مقبرة العقرب السابق، لم يخف حقيقة السجن شديد الحراسة أو يجمل الواقع المأساوي، بل خرج على الهواء ليفاخر بتلك البناية الدموية على طريقة "وشهد شاهد من أهلها"؛ باعتبارها مثل العقرب الذى يلدغ من يقع فى مرماه، حيث يمثل قبرًا لا تدخله الشمس ولا يتسرب إليه الهواء، ليصبح "992" هو عنوان حكم العسكر. شبكة "الجزيرة" الإخبارية رصدت معاناة أهالي المحتجزين داخل سجن العقرب لتمتد من داخل الأسوار إلى خارجها، مشيرة إلى أن من أراد أن يزور المعتقلين عليه أن يأتي قبل موعد الزيارة ب12 ساعة كاملة؛ من أجل أن يأخذ دوره فى طابور مأساوي يتجاوز كيلومترات عدة، ولا يخلو من انتهاكات غير آدمية. ورصد التقرير افتراش أهالى المعتقلين الأرض على أعتاب أسوار "العقرب" فى ظروف قاسية، حيث ترك الأطفال أسرتهم ومدارسهم فى سبيل رؤية آبائهم، حتى ولو من وراء جدار، وهو ما أكدته زوجة البرلماني عصام سلطان، القيادي بحزب الوسط المعتقل، بأن الأصل فى السجن سيئ السمعة أن الزيارة ممنوعة، والاستثناء أن يتم فتح الأبواب أمام ذوي المعتقلين، مصحوبًا بإجراءات تحول تلك الزيارة إلى ما يشبه المستحيل. ورغم المعاناة التى يلقاها أهالى المعتقلين فى الزيارات، فإن إدارة السجن تبادر بمنعها تماما من وقت لآخر، ما دفعهم إلى تنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية للتنديد بسياسة السلطة العسكرية وممارسات ميليشيات السيسي، حيث وثقت آية علاء، زوجة الصحفي المعتقل حسن القباني، شهاداتها على الواقع المزري بأن "العقرب" مقبرة جماعية، وعنابر إعدام بالبطيء للمعتقلين داخل البناية القاتمة. وشددت زوجة القباني على أن من يسكن العقرب هو مرحلة وسط بين الموت والحياة، حيث يمارس من مظاهر الحياة فقط التنفس والحركة وحسب، بينما فى الواقع هم أشبه بالموتي، بلا أحلام أو زيارة كريمة تربطهم بالواقع فى الخارج، أو ظروف احتجاز آدمية تتيح لهم الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية. وعلى نطاق واسع، انتشرت أخبار سجن العقرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد تدهور صحة أكثر المعتقلين بين جدرانه، وخروج عدد منهم عبارة عن جثث هامدة، ليتساءل التقرير: "هل تستجيب السلطات الفاشية لمطالب المعتقلين والمتضامنين معهم، أم أنها ستصر كالعادة على الترويج بأن ما يثار عن انتهاكات السجون هو محض افتراء؟".