ربما لو أدرك عبدالفتاح السيسي حجم السخرية التى ستصاحب خطابه الهزلي على وقع "فنكوش" التنمية المستدامة التى لن تجد لها أثرًا فى الواقع الملوس إلا بعد 16 عامًا، لما أقدم على سرقة الاستراتيجية المطروحة منذ عام 2011 وأعاد النظر فى الإطلالة بوجهه القبيح على الشعب المصري، بعدما أضر كثيرًا بسمعة مصر أمام العالم واستهزئ من كلماته الفجة القاسي والداني. شبكة "الجزيرة" الإخبارية، اعتبرت أن عبارة الجنرال على رءوس الأشهاد "هقول تعبير صعب جدا، والله العظيم أنا لو أنفع اتباع .. لاتباع"، سابقة تكسر الأعراف السياسية وخطوة غير مسبوقة ولا معهودة من قائد أو رئيس دولة فى تاريخ العالم الحديث أو القديم. تفاعل إعلان قائد الانقلاب سريعًا ووجد صدا لدى مواقع البيع الإلكترونية؛ حيث قدم مواطن مِصْري على موقع "إيباي" بعرض لبيع السيسي بمزايا تجمع الفلسفة بالطب والزعامة تجاوز معه سعر البيع حدود ال100 ألف دولار أمريكي قبل أن يحذف الموقع الإعلان بعد ساعات معدودات. وأشارت الشبكة -فى تقرير لها- عشية الخطاب، إلى أن موجة تهكم عاتية اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية مقاطع فيديو ساخرة تهزئ من كلمات قائد الانقلاب المضحكة، مثل أحد مشاهد فيلم عادل إمام الشهير "مرجان أحمد مرجان" الذى اقترب كثيرًا من عبارة السيسي "أبيع نفسي لأول مشتر أتي.. أبيع قهرا حبيباتي وكلماتي"، وغيرها من المقاطع و"الكوميكسات" التى مثلت طعنة للجنرال. ووأوضح التقرير أن شريحة عريضة من تصريحات المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، أجمعت على مرارة مدلولات حديث السيسي حين يمس رأس الدولة برمزية الدولة، وما يقال عن كرامة الشعوب وهيبتها. وتابع: "لم تكن هذه هي اللحظة الوحيدة أو الأبرز فى خطاب السيسي الذى امتد لساعة ونصف كاملة، سرد خلالها ما يقول إنها استراتيجية لتنمية مستدامة لمصر 2030، حيث اختزل قائد الانقلاب مشروعه للتنمية تحت عنوان عريض «أن يصبح المصريون على أم الدنيا كل يوم بجنيه واحد»". وأضاف التقرير: "بصيغة أنا وأنتم خاطب السيسي شعبه مستحضرا عبارات من ثنايا الذاكرة القريبة ليتلقفها ساكنو العالم الافتراضي، وعلى وقعها تثار من جديد موجات سخرية عارمة، فى مقارنة ساخرة مع خطاب العقيد الليبي المخلوع معمر القذافي فى مواجهة الثورة المصرية، والتى استنسخها قائد الانقلاب بعد 5 أعوام ليصرخ من منصة مشابهة « أنتم مين؟»". وسخر من هفوات قائد الانقلاب التى تناقضت مع أحاديثه السابقة عن فلاتر تنتقي له الكلمات، حيث بدا السيسي حريصًا على تقديم نفسه بصورة الزعيم الذى لا تغيب عنه شاردة ولا واردة، متخذا الترويع إلى ذلك سبيلا بعد صراخه فى الشعب متجهما "متسمعوش كلام حد غيري، أنا راجل لا بكدب ولا بلف وأدور ولا عندي مصلحة غير بلدي". واختتم التقرير بالإشارة إلى أن الجنرال نطق بالحق ومنح جماعة الإخوان صك براءة جديد من الاتهامات التى أطلقها بنفسه من قبل، مشيرا إلى أن سعي السيسي لارتداء عباءة العالم والعارف بأدق الصغائر فى مصر، ألبسته تهمة لطالما سعي بنفسه إلى إنكارها، حين أكد علمه بوجود الجماعات المسلحة، وما وصفه بالإرهاب فى سيناء، حتى قبل أن يتولى الرئيس الشرعي محمد مرسي مسئولية البلاد، حيث اعترف بأنه أثناء توليه منصب مدير المخابرات فى عهد المخلوع مبارك ومن بعده المشير حسين طنطاوي كان يعرف جيدا حجم ما يدور فى سيناء وحجم التسليح، ليرد على من روج لأن ما يحدث فى أرض الفيروز هو ضريبة يدفعها العسكر نظير الانقلاب.