قال الكاتب الصحفي وائل قنديل إنه في كل مرة يكون هناك توقع خروج مظاهرات غاضبة واسعة النطاق، تتدحرج كرة الشائعات والتسريبات الخاصة بصفقة، تشرف عليها أطراف إقليمية، لتعويم نظام عبد الفتاح السيسي الانقلابي، مقابل هدايا صغيرة للإخوان المسلمين. وأشار قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الخميس، إلى تجدد حديث الصفقة في الصحف المصرية من دون أي تطوير لما سبق طرحه في مناسباتٍ مرت، حيث تكون أنقرة حاضرة، وكذلك الرياض، مع مشاركة أطرافٍ أخرى، وذلك بإشاعة أن تقريراً تركياً قال إن أنقرة تستعد للاعتراف بنظام عبد الفتاح السيسي، في مقابل إلغاء عقوبات الإعدام ضد قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأعضائها. وقال، "ارجع بالذاكرة قليلاً إلى الوراء، ستكتشف أن الكلام نفسه، تقريبا، تم ترويجه استباقاً لدعوات للتظاهر لمناسبة مرور عامين على الانقلاب، وتحديداً في الأسبوع الأخير من مايو الماضي، حين نشر، نقلا عن صحيفة تركية أيضاً، أن هناك صفقة برعاية أطراف إقليمية على رأسها السعودية، تقوم على عدم إعدام الرئيس المنتخب، محمد مرسي، ونقله للعيش في تركيا". وأوضح أن هذا التسريب المضحك سبقته تصريحات للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يشدّد فيها على أن رئيس مصر الشرعي بالنسبة له هو الدكتور محمد مرسي، وأعقبه نفي من الدوحة التي أقحموا اسمها في التسريب صحة هذه الأنباء أو علمها بها، إلا أن هذه الأخبار تبقى في إطار التسريبات والشائعات الموسمية التي سرعان ما تتداول بتوسع، بغية التشويش على أي جهد مبذول في لملمة الغضب المبعثر هنا وهناك في تيار واحد، من خلال الإلحاح على ذلك الادعاء القديم بأن الإخوان جاهزون للصفقات. وقال إن هذه البالونة تتزامن مع الحملات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مستهدفة قاضي الإعدامات الشهير، رافعة شعار "أوقفوا ناجي شحاتة"، وكأن المعضلة كلها في ناجي شحاتة، كماكينة إعدامات، وليست فيمن يتحكم في تشغيل هذه الماكينة، ويغذيها بالوقود، ويتولى صيانتها وحمايتها، ويعيش على ما تحققه من إنتاج. وأوضح قنديل أن الصمت، أو التباطؤ في الرد على هذا النوع من الأخبار يحقق ما تريده سلطة عبد الفتاح السيسي لتحبيط وتثبيط من يفكّرون في التظاهر ضدها، لمناسبة ذكرى ثورة يناير، حيث تختطف المسألة من كونها دفاعاً عن ثورة موؤودة، إلى تفاهماتٍ وصفقاتٍ ممجوجة، موضحا أنه لو صحت هذه التسريبات فستكون أشبه بعملية "قتل رحيم" لحراك ثوري، ينطلق من الدفاع عن قضية نبيلة وعادلة، وتنزع عما يدور على الأرض في مصر صفة الثورة، وتمنح اعترافاً مجانياً بانقلاب عبد الفتاح السيسي، وتوفر لجنون الإعدامات غطاء قانونياً. وقال قنديل إن الصمت من جماعة الإخوان أمام هذه السيناريوهات يشكل خطراً شديداً على هذا الصمود المتحقق في الشوارع، على مدار أكثر من عامين، فضلاً عن كونه يمثل إهانة بالغة للشهداء والجرحى والأمهات الثكالى، والصغار الذين يتّمهم الانقلاب مبكراً، والأخطر أنه ينزع الثورية عما هو قائم، ويحدث تصدعات هائلة داخل صفوف مناهضة الانقلاب، ويحرج الرئيس المخطوف نفسه، ويجرح شرعيته. واختتم مقاله قائلا: " "اوعوا الثورة تتسرق منكم، بأي حجة، والحجج كتير"، كانت تلك رسالة الرئيس محمد مرسي الأخيرة، قبل أن يختطفوه، ويقتادوه إلى غيابة الأسر، وأزعم أنه لا مرسي ولا القيادات الصادر بحقها أحكام بالقتل، يمكن أن يقبلوا بصفقةٍ يتم بموجبها إعدام الثورة، مقابل إلغاء إعدامهم".