"إياكم أن تصدقوهم فهم شباب تافه يعيشون فى دولة أتفه منهم..من 20 سنه حصلت على بكالوريوس التجارة وكنت اعمل سائق اجرة والحمد لله كثيرون مثلى لكن قاربنا على بيع الحديده ..انهم عملاء تافهين يوجههم من هو أتفه منهم ويعيشون فى حكم نظام أتفه وأتفه، هى دى عدالتك الاجتماعيه يا سيسى؟"، كان ذلك رد الشاب المصري عبد الفتاح عبده شحاتة، على محاولات إنقاذ نظام السيسي من جريمة نشر الفساد وتدمير الاقتصاد وإشاعة الإحباط في نفوس الشباب، خصوصاً حاملي شهادات الدكتوراه والماجستير.. وغيرهم. فريسكا الانقلاب بعد فضيحة تداولها نشطاء ومشاهير على نطاق واسع، توضح أن الشاب "يوسف" الشهير ب"بائع الفريسكا"، ما هو إلا أداة إعلامية للانقلاب تم إستخدامها بأكثر من طريقة ومسمى لتوصيل رسالة معينة للشباب، مفادها لا تنتظروا عدالة السيسي لأنه "مفيش"!
الشاب المكافح النضالي "يوسف" ظهر في أحد البرامج مرة ك"بائع جندوفلي"، وبعدها بفترة يظهر ك "بائع فريسكا"، ما جعل احد الشباب يعلق قائلاً: "شاب الفريسكا هو أداة إعلامية .. طلع من فترة على أنه بياع جندوفلي في برنامج صاحبة السعادة بس الموضوع مسمعش أوي فتم إعادة إستخدامه بشكل جديد على أنه بياع "فريسكا" ، ومؤخرا أعلنت الصحف حصوله على منحة من الجامعة الامريكية بواشنطن ، حتى يكون رسالة للشباب أن العيب فيهم وأنهم مكسلين والموضوع سهل .. انت تجيب كل يوم طقم ب 2000 جنيه وتنزل بصندوق فيه فريسكا ب 30 جنيه عشان تعرفوا ان العيب مش في مصر".
أما الناشط الحقوقي مالك عدلي، فقال معلقاً على "افتكاسات" الانقلاب، قائلاً: "قصة الشاب بتاع الفريسكا دا بغض النظر عن كل تفاصيلها وما إذا كان بيشتغلنا أو كان شاب حقيقي دي قصة مؤلمة .. دا بني آدم بيحاول يقنعنا نبيع كل أحلامنا ونبيع ترمس ..يعني حضرتك لو أول دفعتك ف حقوق ارضي بالظلم واقبل انك متتعينش ف شغلانة محترمة بمؤهلك وتنازل عنها لصاحب الواسطة وبيع ترمس . ولو أول دفعتك ف اقتصاد وعلوم سياسية تخلي عن الشغل ف الخارجية وبيع ترمس ولو أول دفعتك ف أي كلية تانية تخلي عن انك تبقي معيد ثم استاذ جامعي وبيع ترمس .. تسول بشكلك الحلو وبيع ترمس..اثبت لكل اللي داس عليهم قطار الواسطة والمحسوبية انك مبتتكسرش وبيع ترمس .. اقهر امك وابوك واهلك بمؤهلك العالي وبيع ترمس .. بيع ترمس.. الترمس هو الحل .. ولا حول ولا قوة الا بالله".
كارت محروق وعندما تم احتراق كارت الشاب "يوسف" بظهور صور له في إحدى "الخمارات" يرتدي بدلة باهظة الثمن، ويرقص مع فتيات "هاي كلاس"، خرجت الورقة الثانية قبل حلول الذكرى الخامية لثورة 25 يناير.
ويتلخص الكارت الثاني في الشاب أحمد محسن (26 عاماً) الذي لم يجد ، بعد تفكيرٍ طويل، وسيلةً لتحسين دخله إلا شراء عربة ليبيع عليها "البطاطا الحلوة" للمارّة.
أحمد ليس عاطلاً، بل يعمل في إحدى الشركات السياحية التي ساهم في تأسيسها، سوء الأحوال التي يمرُّ بها مجال السياحة في مصر، وهو عمله الأساسي ، جعله يفكر في طريقة أخرى يحسِّن بها دخله، ليتمكَّن من الزواج.
وتمضي القصة بالقول:"تمكَّن أحمد بالتعاون مع خطيبته نهى من تنفيذ فكرة شراء عربة متنقّلة يبيعان عليها منتج البطاطا بالنوتيلا، وهو وجبة من اختراعهما لاقت استحسان المارّة الذين بدؤوا في نشر فكرة الشابّين على الشبكات الاجتماعية".
الرسالة التي أراد السيسي الفاشل توصيلها من خلال قصة كفاح "أحمد ونهى" تقول، إن:" المشروع الذي أطلقا عليه اسم "by bike"، يبدأ العمل فيه من التاسعة مساء وحتى 12 منتصف اللليل، بعد أن ينهي الشاب المصري عمله الأساسي صباحاً، وتساعده نهى بتحضير أطباق الطعام".
"أحمد ونهى" بحسب القصة المنتشرة على مواقع التواصل، أسّسا صفحةً لمشروعهما على فيسبوك نهاية ديسمير الماضي، وتجاوز عدد متابعيهما ال20 ألفاً، ثم بدأ بالانطلاق بالعربة في الأوّل من يناير 2016.
وكما جرى مع الفريسكا التي أقبل عليها آلاف العاطلين، لعل طعمها ينسيهم آلام البطالة وحرقة مصاريف الدراسة، لاقت العربة الصفراء استحساناً من كثيرين، وفي كل مرة يتوجهان فيها لمنطقة معينة داخل القاهرة يخبران متابعيهما قبلها بعدّة ساعات من خلال الصفحة حتى يتمكن من يرغب في تناول البطاطا بالنوتيلا من الوصول إليهما!
عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية بعيدا عن حبكة قصة "الفريسكا" أو "بطاطا النوتيلا" يريد العسكر من الشباب أن ينسى هذه الكلمات الأربع " عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية ، كرامة إنسانية" ويركز على كلمتين أخريين: «الأمن» و«الاستقرار» ولو مع الجوع والبطالة والإهانة.
اللافت أنه كلما ابتعد المصريون عن تحقيق شعارات ثورة 25 يناير العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ابتعدوا أيضا عن الأمن والاستقرار، لأن الاقتصاد يسوء والسجون تكتظ والأصوات تخمد والعدالة نفسها فضلا عن العدالة الاجتماعية تتوارى، والعماير تقع والأوتوبيسات تنقلب والمواطنون على اختلافهم يقتلون، والعبوات الناسفة تنفجر، والجنود يسقطون هم أيضا قتلى، والأمن والاستقرار يبتعدان.. يبتعدان.
3 سنوات من الانقلاب ومئات الشهداء، وآلاف المصابين، وآلاف المسجونين، وعشرات الآلاف المدمرة حياتهم، و30 يونيو المشؤومة، وانتخابات واستفتاءات ودساتير وقوانين ومحاكم وديون وجيوش وفنكوش.