فوضى الدماء نتيجة مؤكدة لتعديل مقررات أكاديمية الشرطة كتب- جميل نظمي: ما بين عسكرة الشرطة بلائحة جديدة لمقررات "أكاديمية الشرطة"، ومخطط اغراق مصر في الدماء...سيطرت خالة من الاستياء على الخبراء في توصيف قرار وزير داخلية الانقلاب مجدي عبد الغفار، الصادر يوم 13 يناير الجاري، والمنشور في عدد الجريدة الرسمية يوم الأحد الماضي، بشأن تعديل لائحة أكاديمية الشرطة.
مقررات الدم
تناول القرار بقانون رقم 141، تعديل اللائحة الداخلية للمقررات التى يتم دراستها داخل أكاديمية الشرطة..
ونصت قرارات المادة الثانية بعد الاطلاع على القانون رقم 109 لسنة 1971 فى شأن هيئة الشرطة، وعلى القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، وعلى اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزارى رقم 864، يتم استبدال المواد الشرطية (النظرية-العملية) للفرقة الأولى ب (أسس ومبادئ البحث الجنائي –أسس ومبادئ إدارة الشرطة-الرقابة من المخدرات وأساليب المكافحة-أسس ومبادئ العمل المرورى-العلاقات العامة ومهارات الاتصال –المفاهيم الأساسية لحقوق الأنسان).
كما تستبدل المواد العملية ب(المشاة-أسلحة-الرماية-دفاع عن النفس-لياقة-قواعد واداب تنظيم المرور-سباحة-تدريب فنى أمنى)، ويعمل بذلك القرارات منذ نشره.
ونص القرار تعديل مقرارات الفرقة الثانية وتشمل (التحريات الجنائية- إجراء العمل الأمنى بأقسام ومراكز الشرطة-عمليات الشرطة- التطبيقات الأمنية-العلوم السلوكية والنفسية- القوانين المكلمة لقانون العقوبات).
فيما شملت المواد العملية(المشاة –الخيالة-دفاع النفس – الرماية-الأسلحة- اللياقة البدنية-الموانع وتدريبات الحبال-تدريب فنى على مسرح الجريمة- السباحة-أعمال الأمن العام.
ونصت اللائحة الجديدة للفرقة الثالثة على (أسس الحماية المدنية-الاثبات الجنائى-إدارة الموارد البشرية-القيادة الأمنية-الأمن القومى). فيما نصت مواد الفرقة الرابعة على (حماية حقوق الإنسان دوليا وإقليميا ووطنيا- الطب الشرعى-المهام القتالية فى عمليات الشرطة-إدارة الأزمات والكوارث الأمنية-دور الشرطة فى مواجهة الإرهاب).
الفوضى المدمرة
اعتبر الأستاذ بكلية تجارة حلوان "م ن" القرار بأنه يعمق معاني الفوضى داخل ضابط السرطة ليتخرج أجوف من القاون والقيم الانسانية، ولا يهتم سوى باطاعة الاوامر والانصياع للأوامر العسكرية، ما يخلق فوضى عارمة في المجتمع المصري الذي يعاني الانقسامات والأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
عسكرة الأجهزة المدنية
فيما اعتبر الباحث في ملف حقوق الانسان المصري، أحمد مفرح، اللائحة الجديدة بمثابة ترجمة عملية لعسكرة الشرطة والعقلية الأمنية العسكرية التي تدير البلاد منذ الانقلاب العسكري، وفق ما كتبه على صفحته على الفيس بووك، أمس.
وعلى الرغم من أن الشرطة مؤسسة مدنية، إلا أن اللائحة الجديدة لا تترجم مواد الدستور الخاصة بالشرطة كونها "هيئة مدنية نظاميه" حيث يطغي عليها المواد العملية ومواد الانضباط والسلوك على المواد القانونية والمواد المتعلقة بحقوق الانسان، مما يحولها الي جهات عسكرية تطغي عليها مواد الضبط والربط والسلوك العسكري بدلا من المدني.
وتجسيدا لهذه السياسة تم إضافة قسم دراسات جديد متعلق بالسلوك والانضباط والسمات الشخصية، بالمخالفة للائحة القديمة التي لم يكن بها هذا القسم وأعطت لها درجات تساوي نصف درجات الدارسات الشرطية (المواد الأساسية المتعلقة بدراسة القانون).
كما تم الغاء عدد من المواد المتعلقة بعلم الاجتماع والاسعافات الأولية والعلاقات العامة، وهي مواد يظهر فيها الجانب المدني بشكل كبير.
تجهيل الضباط
وتبرز المخاوف الحقوقية إزاء عدم وجود لقانون الإجراءات الجنائية في مناهج دراسة طلاب الشرطة في المراحل الأربعة، وهو القانون الذي ينظم سير الدعوى الجنائية الناشئة من الواقعة الإجرامية منذ لحظة ارتكاب الجريمة وحتى يصدر حكم بات وكيفية تنفيذ هذا الحكم، وهو ما يعكس الافتقار الذي سيكون علية ضابط الشرطة في معرفته بأصول الجريمة ونظم سيرها.
وشهدت الفترة الماضية تفعيل ادارات الأمن السياسي الموجودة بكل الهيئات والمؤسسات الحكومية، والتي تختص في كتابة التقارير في الموظفين، والتي يتم تصعيدها للاجهزة الأمنية المتحكمة في شئون دولة السيسي.
استبدال الإرهاب بحقوق الإنسان
كما يؤخذ على اللائحة الجديدة أن المواد المتعلقة بحقوق الانسان تدرس مرتين فقط، في السنة الاولي وفي السنة الرابعة، وهو ما يتنافى مع تصريحات المتحدثين بوزارة الداخلية من قيام الوزارة بتدريس انفاذ القانون وعلاقته بحقوق الانسان.
كما تثير إضافة مادة جديدة على طلاب الشرطة متعلقة ب"مواجهه الإرهاب" المخاوف حول محتوي هذه المادة في ظل الجرائم التي ترتكبها قوات الامن المصرية تحت هذا المسمى المخالف للمعايير القانونية الدولية.
حصاد الدم
وقبل تطبيق المقررات الجديدة التي تعسكر الشرطة وتحولها عن دورها المدني إلى جهاز تابع للمؤسسة العسكرية، جاءت نتائج غالبية التقارير السنوية الصادرة عن المؤسسات الحقوقية أكثر دموية، فرصدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، خلال العام 2015، نحو 335 حالة قتل خارج إطار القانون، ومقتل 27 مواطنا جراء التعذيب، و87 حالة قتل بالإهمال الطبي، و50 واقعة قتل متظاهرين، و143 حالة تصفية جسدية، سواء بالقتل المباشر، أو الإلقاء من فوق المنازل، أو القتل في حوادث تفجير غير معلومة السبب، هذا بخلاف 21 حالة قتل طائفي.
أما عن حالات التعذيب، فقد تم توثيق 387 حالة تعذيب، بناء على شكاوى وردت مباشرة من الأهالي وأسر الضحايا، من إجمالي 876 حالة تعذيب تم رصدها خلال العام.
بجانب اعتقال حوالى 23500 مواطن ، بينما تعرض 1840 مواطناً للإخفاء القسري، لا يزال منهم 366 حالة رهن ذلك الإخفاء.