قال الكاتب الصحفي وائل قنديل إنه مرت سنة وأربعة أشهر لتفصل بين إعلان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة عن اختراعها المعجز علاج الإيدز والأمراض المستعصية بجهاز الكفتة، وبين إعلانها، أمس، عن معجزة زراعية وتنموية جديدة في صحراء مصر الغربية، بعد تدبير مياه جوفية، تكفي لمائة عام من الزراعة. وأضاف قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الخميس، أن اختراعات الجيش العملاقة لا تندلع إلا في مواعيد الغضب الشعبي الموسمية، إذ ولد وهم الكفتة في بداية أغسطس 2014، شهر الذكرى الأولى لمذابح ميداني رابعة العدوية والنهضة وتوابعهما، بحيث بدا المقصود تخدير الوعي الجمعي، عن طريق حقنه بحلم، تم تصنيعه على عجل، فخرج على ذلك النحو من الإسفاف والابتذال. وتابع: "الآن، مصر السيسية عائدة للتو من هزيمة ساحقة، في مباراة سد النهضة مع إثيوبيا، حيث لم يكن ثمة أداء، ولا التمثيل المشرف، كما يفعل محترفو الخسائر، عادت لتجد نفسها على موعد آخر للغضب العارم، الذكرى الخامسة للثورة التي أسال دمها عبد الفتاح السيسي ونظامه، فكان لا بد من الحقن بجرعة حلم أخرى، بامتداد مساحة الصحراء الغربية، علها تساعد، بالإضافة إلى إجراءات الترويع والإرهاب، في لجم تيار الغضب المتصاعد، والمصمم على الخروج إلى الشوارع والميادين في الخامس والعشرين من يناير الذي يقف على الباب". وقال قنديل أن قائد الانقلاب عتبد الفتاح السيسي أهان شرف العسكرية المصرية، وامتهن صورة الجيش كثيراً، غير أن الخدش الأكبر كان توريطه في كبرى الأكاذيب الاجتماعية والطبية، على مدار تاريخ مصر، واستخدامه في تسويق "وهم جهاز الكفتة"، تمهيدا لإعلان ترشحه لرئاسة البلاد، محمولاً فوق حلم قومي عظيم. وأشار إلى تاريخ سلفه جمال عبد الناصر حين أطلق مشروع "مديرية التحرير" ثورة زراعية جديدة، انمحت وسقطت من الذاكرة الوطنية بالتقادم، ثم كرّرها أنور السادات بثورة خضراء أخرى، في الصالحية، لم تصنع شيئاً سوى سحق الرقعة الخضراء في الدلتا، التي غزتها جحافل البناء المسعور على الأراضي الزراعية، ثم أتى حسني مبارك بحلم شرق العوينات وصحراء توشكي، وفي ذلك، روى لي خبير مرموق في الاستثمار الزراعي أن مبارك دعي لتفقد إنتاج المستثمرين الزراعيين في شرق العوينات، الذي لم ينتج شيئاً، فاستورد أحد رجال الأعمال، من مشاهير البلاط، الأرضي والفضائي، كميات من الحاصلات الزراعية التي تسر الناظرين من أوروبا، ففرح حسني مبارك، ووقف يلتقط الصور مزهواً بحصاد ثورته الزراعية الزائفة. وقال قنديل: "الآن، يفعلها السيسي، نقلا بلا تصرف، من أرشيف السابقين، ولا نملك، هنا، إلا أن نضع أيدينا على قلوبنا، وندعو الله أن يحمي جيش مصر وهيئته الهندسية من السقوط في بئر جديدةٍ للأوهام القومية الكبرى، من أجل أن يقف السيسي تلك الوقفة التي سخر منها عبد الرحمن الأبنودي، حين وقفها السادات، فكتب له: كلّمها عن أموال جاية وبنوك وبيوت وصحارى خضرا وازرع شجرة تطلع في الكاميرا وقبل ما تمشي تموت!!".