في خبر مستفز مثير للسخرية نشرته صحيفة "المصري اليوم" -إحدى أبواق العسكر- وضعت عنوانه "وزارة الداخلية تناشد أي مواطن يتعرض لواقعة تعذيب يتقدم ببلاغ للنائب العام"، بينما يواصل الضباط وأمناء الشرطة انتقامهم وانتهاك حقوق الإنسان في السجون والأقسام، التي وصفتها المنظمات الدولية بمقابر الأحياء، وتم توثيق مقتل 340 معتقلا تحت التعذيب في السجون وأقسام الشرطة. ووثقت منظمة "هيومان رايتس مونيتور"، مقتل 330 شخصًا داخل السجون المِصْرية، منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المدني المنتخب د.محمد مرسي، في ال30 من يونيو 2013، وحتى ال11 من نوفمبر الماضي، وعشرة منهم قتلوا في أكتوبر الماضي أيضًا، كما تم تسجيل قتل 10 حالات إضافية خلال الشهر الماضي. بكت من شدة تعذيبها قالت هاجر محمد إبراهيم -16 سنة- الفتاة التي أكدت أنه تم تعذيبها داخل قسم ثاني شبرا الخيمة، على يد ضباط المباحث لإجبارها على الاعتراف بجريمة سرقة خالتها: إن المحامي الذي ظهر في مقطع الفيديو الذي نشرته وزارة الداخلية، حضر معها مرة واحدة فقط في تحقيقات النيابة العامة، ولم تشاهده خلال باقي التحقيقات، أو خلال الإفراج عنها من القسم، مؤكدة أنه تخلى عن الدفاع عنها بعد أن طلب ملبغًا ماليًّا ولم تستطع دفعه. وأضافت الفتاة، أنه لا يوجد مبرر لاتهام الداخلية بتعذيبها، قائلة: "ماحدش يقدر يهزر مع الشرطة كل اللي أنا عايزاه إني آخد حقي وأرجع كرامتي اللي اتهانت على إيد ضباط المباحث في القسم.. وهافضل وراء حقي لحد ما يرجع.. وهاقول الكلام ده قدام كل الدنيا إن الشرطة عذبتني". بينما قال جميل جابر كامل -أحد جيران الفتاة- إنه كان موجودًا يوم احتجاز الفتاة بالقسم، مؤكدًا أنه فى ذلك الوقت دار حديث بين والد هاجر والمحامي أمامه، وقال المحامي نصًّا لوالد الفتاة: "أيوه أنا عرفت وتأكدت إن البنت اتعذبت لكن ما نقدرش نعمل حاجة". وأضاف جميل، أنه مستعد لمواجهة المحامي الذي ظهر في مقطع الفيديو الذي بثته وزارة الداخلية، بأقواله أمام الجميع، إضافة إلى الإدلاء بأقواله في محضر رسمي بالنيابة، من أجل محاسبة المتورطين في تعذيب هاجر داخل القسم. واختتم الرجل حديثه قائلًا: "أنا كنت في انتظار البنت لما خرجت من باب القسم.. وكان ظاهر على أماكن كتير في جسمها آثار الضرب.. ودموعي نزلت عليها من شدة تعذيبها وضربها". وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة "سلمى أشرف": إن "حالات القتل داخل السجون في ازدياد كبير لأننا لا نستطيع إحصاءها جميعها"، مضيفة أن "معظم حالات القتل في السجون المِصْرية تمت بعد تعذيب المعتقلين، وغالبيتهم سياسيون، أو ماتوا نتيجة الإهمال الطبي، أو قتلهم بشكل مباشر". سجون غير قانونية نشر "د.صفوت أحمد" -نقيب الصيادلة بالإسماعيلية- شهادته حول واقعة القبض على الطبيب المتوفى، "عفيفي أحمد عفيفي" الذي توفى في أثناء التحقيق معه، الشهادة التي أكدت تعرضه للانتهاك. شهادة "صفوت" يظهر فيها الإهانة التي تعرض لها "عفيفي" بالضرب داخل الصيدلية، والاعتداء عليه في "قسم الشرطة" وإهانة نقيب الصيادلة بسبب سؤاله عن "عفيفي". وأضاف: "لا أنسى أبدًا حينما سمعت صراخ "د.ريم" زوجة الطبيب الراحل، بالخارج وذهبت للاطمئنان ووجدت المرحوم يلفظ أنفاسه الأخيرة، فرجعت مسرعا إلى الضابط ألتمس منه أن يأتي لرؤيته من دون جدوى، وقال عدت إلى الضابط وقلت له: "أبوس ايديك الراجل بيموت أبوس إيديك الراجل بيموت تعالى شوفه، حسبي الله ونعم الوكيل". وفي الأقصر شارك المئات من أهالي المحافظة في مسيرة احتجاجية، يوم الجمعة الماضي، احتجاجًا على مقتل المواطن "طلعت شبيب" جراء التعذيب الذي تعرض له على أيدي قوات الأمن، داخل أحد أقسام الشرطة بمحافظة الأقصر. وردد المشاركون في المسيرة هتافات منددة بممارسات قوات الشرطة، كما حملوا صورًا للمواطن المقتول. وفي الشهادات عن عمليات القتل في السجون قتل مسجون في حلوان، ورفض والده دفنه وقال: لدي أوراق تؤكد تعرضه للضرب والتعذيب حتى الموت. وتعرض طفل عمره 17 عاما، متهمًا في قضية جنائية، للتعذيب حتى الموت في قسم شرطة التبين، ورفضت أسرته استلام جثمانه من مشرحة زينهم. وقال "حسن صابر" -والد الشاب المتوفي-: إنه رفض استلام جثمانه من المشرحة، وأكد أن لديه أوراقًا من المشرحة تؤكد وجود آثار تعذيب على جسد نجله المتوفى، كما أكد أن الضابط المتهم بقتله تعرض لخصم 4 أيام فقط كعقاب إداري. واتهمت أسرة الشاب "عمرو سعيد أبو شنب" -في يوم 21 من نوفمبر- قيادات قسم شرطة شبين القناطر بتعذيب ابنهم حتى القتل، ونشروا صورًا له في أثناء وجوده في مشرحة زينهم ويظهر على جسمه آثار التعذيب. وتعرض "طلعت الرشيدي" للتعذيب في قسم شرطة الأقصر، حتى الوفاة، ما أدى لحالة غليان بين الأهالي في المدينة، حيث حاولوا التجمهر واقتحام قسم الشرطة. وقامت قوات الأمن باعتقال 24 شابا من الغاضبين بسبب حالة التعذيب، قبل أن تقوم بإخلاء سبيلهم. وفي سجن دمنهور، قالت أسرة السجين "ي.ن" إنه تعرض للضرب والتعذيب وهتك العرض بوضع عصا في مؤخرته، على يد ضباط في السجن. وطالبت "هيومن رايتس مونيتور" الأممالمتحدة والمجتمع الدولي بإرسال بعثات تقصي حقائق لتفحص السجون وأقسام الشرطة وجميع أماكن الاحتجاز في مِصْر، والتحقيق في مقتل ما يزيد على 340 معتقلاً داخل السجون، نتيجة التعذيب الممنهج، والتحقيق في مقتلهم وجلب مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة.