"الإفراج عن 100 سجين بمناسبة عيد الأضحى" عنوان خبر يثير إعجاب القارئ.. وربما يعطيه انطباعًا بوجود دولة قانون في مِصْر ما بعد الانقلاب العسكري، إلا أن تفاصيل الخبر تعطي انطباعًا عكس ذلك، خاصة أن من شملهم قرار الإفراج هم من المحبوسين العاديين ممن قضوا معظم مدة العقوبة ولم يتبقَّ لهم سوى بضعة أيام أو أسابيع أو حتى شهور!! ويتشابه هذا القرار كثيرًا من قرارات نائب عام الانقلاب خلال الشهرين الماضيين بإخلاء سبيل 200 معتقل على دفعتين، بزعم أنهم من الطلاب والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، على الرغم من أن حبس هولاء "احتياطيا" لعدة اشهر دون توجيه أي اتهامات لهم، يعد جريمة يحاسب عليها نائب عام الانقلاب ووزاء الداخلية والعدل. هذه القرارات التي تهدف إلى تضليل الرأي العام الداخلي والخارجي، يكذبها واقع السجون والمعتقلات خلال العامين الماضيين، التي تزج بالآلآف من المرضى من ذوي الحالات الحرجة دون رعاية طبية، ما تسبب في وفاة المئات منهم، وسط تواطؤ من نيابة الانقلاب مع القائمين على سلخانات التعذيب في الداخلية من خلال رفض الإفراج الصحي عن هولاء. وكان المرصد المصري للحقوق والحريات، كشف عن وجود أكثر من (5 آلاف) معتقل مريض في سجون العسكر، يتعرضون يوميا ل"الموت البطيء" بسبب الإهمال الطبي المتعمد والمبرمج من قبل إدارات السجون، مشيرا إلى إحتجاز هولاء في زنازين ضيقة لا تتوافر فيها أدنى مقومات الصحة العامة، حيث يتعرضون لسوء المعاملة، والضرب والتعذيب، والإرهاق النفسي والعصبي، مما يؤثر على أوضاعهم الصحية بشكل سلبي. وتتمثل الانتهاكات الطبية في سجون الإنقلاب -وفقا لأسر المعتقلين وأعضاء هيئة الدفاع- في الإهمال الصحي المتكرر، والمماطلة بتقديم العلاج للمحتاجين له، أو عدم إجراء العمليات الجراحية اللازمة للمرضى، وعدم تقديم العلاج الناجع للمعتقلين المرضى كل حسب معاناته. فالطبيب في سجون النظام العسكري في مِصْر هو الطبيب الوحيد في العالم الذي يعالج جميع الأمراض بقرص واحد، إضافة لعدم وجود أطباء مختصين داخل السجن كأطباء العيون والأسنان والأنف والأذن والحنجرة، كما أن عيادات السجون تفتقد لوجود أطباء مناوبين ليلا لعلاج الحالات الطارئة، فيظل المعتقل الذي يصاب بأي من الأمراض حتى اليوم الثاني أو الثالث إلى أن يتم إغاثته. وأضاف المرصد أن أكثر من (5000) معتقل مريض يعانون من أمراض السرطان، والفشل الكلوي، والقلب، والغضروف، وضغط الدم، والسكر، والروماتيزم، وضعف النظر، وأمراض المعدة والأمعاء، والشلل، وأمراض الدم والعظام، والعيون، والرئتين، وأمراض الجهاز الهضمي والبولي والتناسلي والأمراض الجلدية. هذا وتسبب "القتل الطبي" وتعنت نيابة الإنقلاب في الإفراج عن المعتقلين المرضى، في وفاة المئات خلال العامين الماضيين، من بينهم: "د.محمد الغزلاني" من مدينة كرداسة بمحافظة الجيزة، الذي توفي بسجن طره في 5 فبراير 2014 بعد معاناة من ارتفاع في ضغط الدم والسكر والقلب والكبد وشلل في الجزء السفلي من جسده. و"سامي محمود إبراهيم أبو ركبة" الذي توفي بسجن أبو زعبل بتاريخ 6/1/2014. و"عبد الوهاب محمد عبد الوهاب" الذي توفي وهو بسجن المنيا العسكري بتاريخ 29/12/2013. و"د.صفوت خليل"، الذي توفي داخل سجن المنصورة العمومي بتاريخ 28/9/2013، إضافة إلى الدكتور فريد إسماعيل والدكتور عصام دربالة، وغيرهم الكثير.