أدان وزير العدل الأمريكي الأسبق رامزي كلارك الأحكام الصادرة بإعدام الرئيس محمد مرسي وقيادات الإخوان، محذرًا من تنامي العنف السياسي ما يهدد منطقة الشرق الأوسط. وانتقد كلارك الدعم الأمريكي والغربي للانقلاب العسكري في مصر ودعا كلارك لوقف تنفيذ أحكام الإعدام، التي وصفها ب"إجهاض العدالة في مصر"، مشيرًا إلى أن البيت الأبيض وصف أحكامًا سابقة بالإعدام ضد المعارضين السياسيين المصريين بأنها مسيسة، ورغم ذلك لم تتحرك الإدارة الأمريكية، واستمرت في دعمها الاقتصادي والعسكري لنظام الانقلاب في مصر، ما خلق بيئة متوترة من القمع وكبت الحريات ما يهدد بانفجار مجتمعي سيدفع ثمنه العالم.
وشدد كلارك على أن إقصاء مرسي هو ضد طموحات الشعب المصري، داعيًا لإعادته للحكم للحفاظ على استقرار مصر والمنطقة العربية.
وقال خلال مداخلة هاتفية مع قناة الجزيرة ، مساء أمس: "لا أعتقد أن الشعب المصري سيتحمل ممارسات العسكر لمدة طويلة، فتقويض العدالة يهدد المحتمع".
فيما وصف الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي الأحكام الصادرة بأنها خطيئة أخلاقية لأنه حكم مسيس وظالم، وخطأ سياسي أثار مشاعر الاستنكار والسخرية، موضحًا أن مصر في أمس الحاجة لمصالحة وطنية وتهدئة وإطلاق حوارات لتهدئة الأوضاع السياسية من أجل الاستقرار".
ووصف المرزوقي الحكم بأنه يصب الزيت على نار مشتعلة، محذرًا من تنفيذ الحكم سيزيد العنف بشكل غير مسبوق؛ ما يؤثر سلبا على الوطن العربي.
وأضاف المرزوقي: هناك مسار دولي يقود الثورات المضادة في المنطقة العربية، فمنذ 3 يوليو قلت لنفسي أن الدور علي في تونس، وبالفعل خلال أسبوعين بدأ الحراك العسكري والإعلامي في تونس".
ودعا المرزوقي رؤساء الدول العربية والإفريقية للتدخل والتوسط لدى النظام المصري وكل الدول الفاعلة والمنظمات الدولية لوقف الإعدامات وتحريك جهود للمصالحة لوقف الانهيار السياسي والمجتمعي الذي تدفع مثل تلك الأحكام نحوه بقوة.
وأكد أن القضاة المتورطين في الأحكام المسيسة ضد المعارضين السياسيين سيحالون إلى المحكمة الجنائية الدولية، لافتًا إلى أن "القاضي الذي أصدر الأحكام لا علاقة له بالقضاء من قريب أو من بعيد".
وقال المرزوقي –خلال مداخلته مع قناة الجزيرة مباشر، أمس، "نحن أمام مشهد مأساوي سيدفعنا إلى سيناريو القتل والقتل المضاد".
وقلل المرزوقي من مخاطر انتكاسات ثورات الربيع العربي ونجاح الثورات المضادة في المنطقة ، قائلا : الثورة الفرنسية بقت 70 سنة حتى حققت أهدافها، فالربيع العربي فتح القوس للثورات ولن تنتهي الثورات حتى تحقق مقاصدها، طالما بقت حاجات الشعب للعدالة والكرامة موجودة في عقول وقلوب الملايين من الشعوب العربية ، حتى لو عرقلتها السلطات المستبدة". وتوقع ألا ينجح الفساد والاستبداد والقمع في الوقوف طويلاً أمام حراك الشعوب تجاه الحرية".
وتابع: "ورغم الحصاد المر للثورات العربية، فإن حياة الشعوب لا تقاس بأربع سنوات في تاريخ الشعب المصري أو التونسي، فالحضارات تقاس بالآلاف السنين، وحياة المجتمعات تقاس بمئات السنين والثورات تقاس بعشرات السنين"، مضيفًا "تحمل العرب عشرات السنين من الفساد والاستبداد والقمع، ولم نحصل على حقوقنا إلا مع الثورات، ومن ثم لن تتخلى عنها الشعوب العربية مهما جرى".
ودعا المرزوقي للتمسك بالمقاومة المدنية السلمية، وعدم الانجرار إلى العنف الذي لا يلام على المعارضة فيه في ضوء مخططات عسكرية محلية وإقليمية ودولية تدفع إليه في مصر، مشددًا على ضرورة تفكيك قوى الثورة المضادة ، التي تدعمها قوى عالمية وإقليمية من خلال الحوار وتفعيل دور المنظمات العربية والإسلامية لإطلاق جهود المصالحة الوطنية والحوار من أجل إنقاذ المنطقة العربية والخليجية والإفريقية مما ينتظرها من أزمة عنف غير معلومة العواقب.
وطالب عقلاء العالم للتدخل وتحمل المسئولية إزاء الإنسانية التي تذبح في مصر، وقال "إذا أردت أن تحارب الإرهاب فعليك محاربة الاستبداد"، مشيرًا إلى أن "الإعدام أكبر مغذٍّ للإرهاب، وفي حال تنفيذها ستتوقف المقاومة المدنية والسلمية".
فيما قال الكاتب الصحفي وائل قنديل إن مضمون قرارات الإعدام الصادرة لا يختلف عن توصيات أي لجنة بالكنيست الإسرائيلي، أو مقال لكاتب متطرف في صحيفة يمينية صهيونية، وأكد قنديل أن الصياغات التي قدمتها المحكمة اليوم ليست حكمًا قضائيًا، إنما خطاب كراهية يردد في الإعلام المصري منذ وصول الرئيس مرسي إلى سدة الحكم، من خلال قوى إقليمية تحركها أجندات صهيونية وغربية لا تريد للشعوب العربية أن تحصل على حريتها، خوفًا على أنظمة تليدة استمرأت الظلم والاستبداد، مشيرًا إلى أدوار محمد دخلان في فبركة الاتهامات للإخوان المسلمين ومحمد مرسي لتشويه الثورة المصرية، وإفشال الثورات العربية في المنطقة ككل. وأشار إلى محاولات هدم شرعية مرسي التي ما زالت تهدد الانقلاب العسكري، الذي يؤرقه ثباته داخل محبسه، لافتًا إلى "أحاديث المرشح الرئاسي الخاسر أحمد شفيق في وسائل الإعلام هذا الأسبوع، بهدف تقويض شرعية مرسي منذ عام 2012، ثم حديث القاضي شعبان الشامي أمس عن فقد مرسي لشرعيته منذ 30 يونيو 2013".
وانتقد قنديل المحاكمات السياسية الدائرة في مصر، مشيرًا إلى أن المفتي لديه خصومة مع مرسي والإخوان، وله شتائم لفظية ضد مرسي والإخوان، وكذا القضاة وبقية مؤسسات الدولة كلها لها نفس الخصومة، ما يقوض منظومة العدالة في مصر".
وشدد قنديل - خلال مشاركته بقناة الجزيرة مساء أمس، على ضرورة تفعيل قوة ضغط أخلاقية أكبر من الضغط السياسي، ولا بد من استهداف الرأي العام العالمي للتضامن ووقف الانهيار السياسي والمجتمعي في مصر"، مستنكرًا صمت قوى المجتمع المدني والأحزاب المصرية إزاء الأحكام غير المنطقية.
وقال قنديل: "ثوار يناير من القوى المدنية تحولوا إلى حزب الكنبة، مجرد متابعين للتلفزيون، وما بقي من ثورة يناير إلا المتظاهرون بالشوارع لإسقاط الانقلاب، وهم الضمانة لبقاء ثورة يناير".
وتابع قنديل "النظام يتعامل مع الإخوان كرهائن لديه، للضغط على العالم وكجزء من اللعبة السياسية، لابتزاز العالم نحو تقوية وضعه الانقلابي وموقعه السياسي المهترئ"، مستشهدا بالابتزاز الصهيوني للعالم وللعرب، "فمن التمسك بأراضي 48 إلى التمسك بأراضي 67 ثم مقررات أوسلو.. وذلك عبر سلسلة من المجازر والجرائم بحق الشعب الفلسطيني.. وكذلك يريد السيسي من الإخوان أن يتخلوا عن إسقاط الانقلاب إلى مجرد التوقف عن تنفيذ الإعدامات ومن القصاص للشهداء إلى مجرد إطلاق السجناء".
فيما حذر أستاذ العلوم السياسية خليل العناني من تحولات قد تضرب قطاع الشباب في الإخوان المسلمين نحو عنف مضاد لعنف الدولة، موضحًا: "الإخوان المسلمون فصيل سياسي كبير، قبل بقواعد الديمقراطية، ثم انقلب عليهم العسكر، في إهدار واضح للحق والعدالة والعمل السياسي المدني؛ ما يهدد لحدوث ارتدادات أكبر مما كان عليه الوضع سابقًا، في ضوء الإخفاء القسري والإعدامات وجرائم الفساد والقمع وإرهاب الدولة".