المئات من أبناء غزة المرضى وأصحاب الإقامات والطلبة الراغبين بالسفر تضج بهم صالة الانتظار في معبر رفح البري، جنوب قطاع غزة بعد أن تقطع بهم الحال لثلاثة أشهر بفعل إغلاق سلطات الانقلاب للمعبر، واقتصار فتحه على أيام معدودة منذ أكثر من عامين. تحوّلت صالة الانتظار إلى ما يشبه الساحة العامة، وتعالت فيها الأصوات وتزاحم المئات من الغزيين المسجلين ضمن الكشوف الذين جاؤوا للتأكد من تسجيل أسمائهم وأرقام الباصات المسجلين بها للسفر خلال فترة فتح المعبر التي لن تزيد عن ثلاثة أيام، بدءًا من أمس السبت، حسبما أعلنت السفارة الفلسطينية في القاهرة.
يوسف العمصي جلس في أحد أروقة الصالة الداخلية للمعبر، وبدت علامات القلق والتوتر خوفًا من أن تتكرر معه رحلة التجارب الفاشلة في السفر كما يصفها، بعد أن تعثرت جهود سفره على مدار عامين كاملين.
يقول العمصي: "سجلت في مرات عديدة لأجل السفر إلى تركيا للدارسة الجامعية لكن كل الجهود كانت تذهب أدراج الرياح بفعل أزمة المعبر التي لم تنقطع يومًا".
وبين أن هذه المرة تمكن من أن يظفر بأن يكون اسمه ضمن أحد السجلات الأولى في ترتيب الأسماء بعد أن ذاق المر على بوابة المعبر الحدودي مع مصر أم أحمد المصرية التي تقيم مع زوجها وأبنائها بغزة لم تجد أمامها سوى أن تجلس بجوار البوابة الرئيسية لمعبر رفح بعد أن فشلت أولى محاولاتها بأن تظفر بفرصة السفر وزيارة بلدها الذي لم تزره منذ عام 2009، حيث فشلت محاولاتها المتكررة في السفر لأجل العلاج في مستشفيات مصر.
تقول أم أحمد: "قدمت منذ ساعات الصباح الباكرة للسفر إلى بلدي، لكني لم أستطع وأنا بانتظار أن يسمح لي بالعبور خلال الأيام المقبلة حال استمر فتح معبر رفح في وجه المسافرين".
وتشير إلى أن الكثيرين من المصريين المقيمين في غزة وحتى الغزيين لم يتمكنوا من السفر بسبب وجود آلاف الراغبين بالسفر وأصحاب الحالات الإنسانية العالقين بغزة نتيجة إغلاق المعبر أسابيع طويلة من قبل سلطات الانقلاب.
وطالبت أم أحمد سلطات الانقلاب بإعادة فتح المعبر في الاتجاهين بشكل مستمر ودائم في ظل تكدس الحالات الإنسانية الصعبة في قطاع غزة المحتاجة للسفر كالمرضى والطلاب وأصحاب الإقامات.
وأكدت أن آلاف الغزيين من الحالات الإنسانية الصعبة والطارئة يحتاجون للسفر إلى الخارج عبر معبر رفح البري الذي يعتبر بوابة القطاع إلى العالم الخارجي، في ظل استمرار الحصار الصهيوني المفروض على غزة منذ تسع سنوات.
الشاب أسامة البراجنة يقول إنه بات معتادًا على المعاناة التي يتجرعها المواطن الغزي على بوابة معبر رفح للسفر بفعل الإجراءات المصرية المعقدة التي تفرض على المسافرين، الانتظار لأسابيع وأشهر طويلة من أجل السفر، عدا عن إدخال عدد محدود من المسافرين المسجلين في كشوفات وزارة الداخلية بغزة، وقال إنه حاول خلال أكثر من ستة أشهر السفر مرتين إلا أنه لم يتمكن بفعل وجود آلاف الأسماء المسجلة وعدم انتظام فتح المعبر.
كان تقرير أممي صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع ل منظمة الأممالمتحدة "أوتشا" قد قال إن معبر رفح البري فتح أربعة أيام فقط في الربع الأول من العام الجاري وغادر 580 مسافراً من المرضى والطلبة وحاملي الإقامات والجوازات الأجنبية قطاع غزة، أمس السبت عبر معبر رفح البري، في أول يوم لفتحه من قبل سلطات الانقلاب المتوقع أنّ يبقى مفتوحًا حتى غدٍ الاثنين.