يبدو المشهد قاتمًا في مصر بعد مرور 4 سنوات على ثورة 25 يناير المجيدة، بعدما عجت زنازين الانقلاب العسكري الفاشي بآلاف الثوار والحرائر بتهمة التمسك بمكتسبات النضال الشعبي فى ميدان التحرير "عيش- حرية - عدالة اجتماعية- كرامة إنسانية"، في الوقت الذي منح الشامخ صك البراءة للمخلوع مبارك وزبانيته لتحركوا في شوارع المحروسة بكل أريحية ليدنسوا ميدان الشهداء، ويلتقطون الصور التذكارية تحت سفح الأهرامات. إلا أن اللافت في المشهد القاتم، محاولات إعلام الانقلاب غسل عار عصابة المخلوع وشن حملات تلميع عبر أبواق العسكر لتعبيد الطريق لعودة فلول الحزب المنحل إلى المشهد السيسي على فوهة الدبابات وظهر المجنزرات، وإلباس من فسد وأفسد ونهب وقتل وأفقر وسرطن وتخاذل وتعامل ثوب الوطنية والوداعة وإلباس وتلبيس عملاته ثوب حفظ أمن البلاد وتمرير جرائمه تحت لافتة "الأمن القومي". وطنية المخلوع لذلك لم يكن مستغربا أن يظهر من جثم على صدور المصريين 30 عاما ليورثهم القهر والفقر والمرض ويذيقهم القمع والقهر والاستبداد، فى مداخلة هاتفية على قناة "صدي البلد" مع المخبر الأمني أحمد موسي، فى ذكرى تحرير سيناء، ليتحدث عن الوطنية ودوره الرائد فى استعادة الأرض فى خطبة مستفزة، برر خلالها عملاته للكيان الصهيوني بحماية أمن مصر وعدم إقحامها فى حروب. وترك الإعلامي المخبر المجال ل المخلوع مبارك للحديث عن أمجاده في نكسة يونيو والاستنزاف وحرب أكتوبر، ومن ثم توليه الرئاسة على جثة السادات، ليخوض مفاوضات استعادة الوطن، ليوجه بعدها النصائح لشعب مصر على طريقة "الشيطان يعظ"، وكأن الشعب نسي جرائمه وسرقته وبيع مقدرات الوطن والعمالة للكيان الصهيوني. جولات ولاد الذوات وعلى وقع تلميع المخلوع وغسل يديه من دماء شهداء الثورة، كان نجلاه "جمال وعلاء" يتجولان في ميدان التحرير الذى صرخ 18 يوما من أجل محاكمة تلك الأسرة الفاسدة، بعد أن خرجا من عزاء والد الصحفي الانقلابي مصطفي بكري. وبدأ الإعلام يعزف على وتر نزاهة "علاء" الذى أقحمه نفوذ والده شريكا فى كافة المشروعات الاستثمارية لنهب عرق رجال الأعمال الشرفاء، وبراعة "جمال" السياسية في تجاهل فج لتزاوج المال والسلطة الذى تبناه أمين سياسات الحزب المنحل وأطلق فيه ذراعه الأيمن أحمد عز ليسيطر من خلاله على المشهد السياسي فى مصر. وأصر الإعلام على تصدير صورة جمال مبارك مع زوجته خديجة الجمال وابنته أثناء جولته فى منطقة الأهرام، دون حرس شخصي، باعتبار أن "ابن الذوات" عاد لممارسة حياته بشكل طبيعي، ويتجول دون قيود، فى الوقت الذى يقبع فيه آلاف الثوار ممن خرجوا على الفسدة فى السجون يقضون أحكاما فاشية بالسجن، ومنهم من ينتظر تنفيذ حكم الإعدام. بوسترات شفيق إلا أن المتأمل فى المشهد المصري لن تخطئ عينه محاولة تلميع رجال مبارك والحفاظ على "مسمار جحا" من أجل الانقضاض على الثورة، منذ اللحظة الأولى لتنحي المخلوع فى 11 فبراير 2011، حيث تحركت الآلة الإعلامية بكل قوتها من أجل إلباس "رجل البومبوني" الفريق أحمد شفيق –رئيس وزراء مبارك ووزير طيرانه- ثوب الوطنية، وتقديمه إلى الشعب ب"بلوفر" فى صورة الرجل الوطني الذى "حارب وقتل واتقتل"، متجاهلا مستندات فساده فى مطار القاهرة وقطاع الطيران، ليُقدم مرشحا في سباق الرئاسة قبل أن يسقطه الشعب لصالح مرشح الثورة د. محمد مرسي، ليهرب بعدها فى رحلة عمرة إلى دبي ويقبع فى منفاه الاختياري فرارًا من المحاسبة على جرائمه. ومع تحرك الانقلاب لدهس مكتسبات الثورة، عادت محاولات تصدير شفيق فى المشهد من جديد كمرشح فى هزلية الانتخابات الرئاسية قبل أن ينسحب فى حركة مسرحية لصالح قائد الانقلاب، إلا أن الملاحظ فى الأيام القليلة الماضية عودة "بوسترات" شفيق للظهور فى وسط البلد، بالتزامن مع دعوات البعض لانتخابات رئاسية مبكرة لتجنب البلاد ويلات التدهور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. أفلام الجاسوسية وتحول إعلام الانقلاب إلى رجل العمليات القذرة وصديق مبارك المقرب "حسين سالم" لتجري المصري اليوم" حوارا مستفزا مع الهارب فى إسبانيا، والذى دخل فى مفاوضات مع الحكومات المتعاقبة بعد الثورة للتنازل عن نصف ثروته التي نهبها من أموال الشعب مقابل إسقاط الاتهامات عنه. وزعم حسين سالم أن كافة المشروعات التى شيدها فى سيناء وشركات بيع الغاز للاحتلال الإسرائيلي والأردن قبلها كانت بتعليمات مباشرة من المخابرات العامة، وأن كافة تحركاته واستثمارته كانت واجهة للجهاز الأمني، على طريقة نادية الجندي فى أفلام الجاسوسية الهابطة. وأكد خبراء سياسيون أن محاولات تلميع الملياردير الهارب، أتت بنتائج عكسية، حيث أوجبت محاكمته بإحدى تهمتين، الآولى تتعلق بإدعاء تكليف الجهاز الأمني له لتمرير الصفقات المشبوهه وسرقة مقدرات الوطن، أو محاكمته بتهمة إفشاء أسرار عسكرية إن كانت بالفعل بتكليف المخابرات. محاولات تلميع عصابة المخلوع باتت فجة ومستفزة ولم تترك أحدًا زبانية تلك الحقبة المشوهة من تاريخ مصر دون ان يتدخل مشرط إعلام رجال الأعمال لتجميل صورته وتقديمه فى صورة الوطني الحر، حتى ظهر العادلى فى ثوب الواعظ أمام المحكمة، وبات أحمد عز على عتبات استعادة مقعده الوثير فى البرلمان، ويتأهب أحمد نظيف للعودة إلى مقعد معلم الأجيال فى الجامعة، وأصبح الثوار هم المتهمون والمدانون فى دولة العسكر الفاشية.