هو استنساخ من حقبة الستينات بذات السيناريو ونفس الخطاب ووحدة التوجه وخلل العقلية وإن اختلفت الشخوص والأسماء وتباينت الرتب الميرى من البكباشي إلى المشير، وتغيرت وجهة الصراع من الانبطاح للاحتلال العسكرى إلى التسول للاستعمار الاقتصادي، وإن كانت دائما المقدمات تدل على النتائج. ومن لم يحضر حقبة المجد الناصري لم يفته الكثير، فالدولة العسكرية التى خرجت بياناتها الحربية لتهلل بإسقاط 15 طائرة للعدو فى أول ساعة من معركة حرب الأيام الستة وأنهت اليوم على إسقاط قرابة 500 طائرة، هى ذاتها التى فتحت المزاد أمس –بعد 48 عاما- على ضخ استثمارات فى دولة ممزقة اجتماعيا ومضطربة أمنيا ومنقسمة سياسيا ومنهارة اقتصاديا، قاربت التريليون دولار رغم أن 59 دولة من المشاركين من أفقر دول العالم، وبعضهم يكافح من أجل الاستقرار بعد أن نهشته الحروب الأهلية وبعضها يعانى تحت وطأة الاقتتال الداخلي، لترتفع بسقف الأمل لدى الشعب المكلوم إلى حد الشغف المالى ومن ثم يستيقظ على نكسة جديدة. إلا أن أبرز ما خرج به مؤتمر "بيع مصر" هى العاصمة الجديدة التى ترغب فى التخلص من زحام القاهرة وباعتها الجائلين ونظرات البسطاء وهموم المعدومين، إلى رحابة عصابة العسكر ومريديهم ورجال أعمالهم، وهو ما كشفه مصطفى مدبولى وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية فى حكومة الانقلاب، من عاصمة تحتوى على مولات عالمية ومدينة ترفيهية على غرار ديزنى لاند، و"إكسبو"، وأحياء دبلوماسية ومنتجعات فارهة –فى تصريحاته للتلفزيون الحكومي- هى بطبيعة الحال لا تخص بسطاء الوطن ولا معدوميه بل ستكون عصية عليهم وتحمل لافتة ممنوع الاقتراب والتصوير. العاصمة الجديدة التى استقر لها الانقلاب على أن تكون شرق القاهرة بمحاذاة العين السخنة، وبتمويل وتنفيذ إماراتي دعما من دولة بن زايد للإمارة الثامنة، تحمل العديد من علامات الاستفهام حول اختيار المكان والتى يجعلها فى مرمي العدو الصهويني وعلى مقربة من قواته فى حال ضاق الأخير بتنسيقات "عسكر كامب ديفيد" وطمع فيما هو أكثر من مجرد استحواذ على الاقتصاد عبر شركاته متعددة الجنسيات. نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وأحرار الوطن لم يلقوا بالا لمؤتمر "بيع مصر" ولم يرددوا خلف الأذرع الإعلامية "تسلم الأيادى"، وإنما جاء الرد على انجاز العاصمة الجديدة، بتدشين هاشتاج ساخر "افترح اسم لعاصمة مصر"، ما لبث أن احتل الصدارة على عداد "تويتر"، لاختيار اسم مدينة العسكر الجديدة. وفجرت العاصمة الجديدة طاقات السخرية لدى رواد ونشطاء التواصل، حيث رأى صاحب حساب "الخليفة راكب على السيسي" الفكرة، أنه فى ظل سيطرة دولة القمع وبعدما ضاقت المعتقلات بأحرارها، اقترح أن يكون اسم العاصمة: "أم زعبل، طره الجديدة، جوانتانامو مصر". ولأن المشروع ولد من سفاح بين بن زايد وقائد الانقلاب وعلى وقع صور تقطيع "التورتة"، طالب أحد النشطاء: "طب نستنى نشوف السونار هيحدد نوع المولود إيه، ولد ولا بنت"، فيما سخر البعض الآخر، واقترحوا أسماء متعددة لها دلالاتها في نقد الواقع الذي يعيشه المصريون، فقالت صاحبة حساب "البرادعي مصير الثورة": "صليل الصوارم، المنوفية الجديدة، بورتو شبرا، اسم النبي حارسها"، واقترح ثالث: "نسميها أم ظبي على اسم الأب". وعلق الناشط عمرو جبر: "بما ان عندنا القاهرة والقاهره الجديدة.. اقترح إن العاصمة الجديدة تكون القاهرة الجديدة جدا"، فيما كتب آخر: "بما إن فيها النيل نسمّي العاصمة الجديدة -بالصلاة على النبي- المتنيلة".. وآهي متنيلة بالسيسي ومتنيلة بالشعب اللطيف". الكاتبة أيات عرابي صاغت سيناريو اختيار اسم عاصمة "ماسر" الجديدة!، عبر حسابها على "تويتر": "من شوية فكرت, في شوية أسماء للعاصمة الوهمية الجديدة وقلت لازم الأسماء تعبر عن سهرة 30 سونيا المجيدة: وفضلت أفكر، وبعدين افتكرت فيلم قديم بتاع منير مراد وعبد السلام النابلسي وسراج منير، لما كانوا بيختاروا اسم صابون جديد، فقلت ليه ما نختارش اسم من الأسماء دي، وأهو كله صابون وعبيد البيادة برضه يتزحلقوا زي موضوع الكفتة كدة؟ "أبو رغوة.. شق اللفت.. الديك الفصيح.. شوق الأحبة.. النزاكة.. الصباحية.. شعاع الفجر.. فقاقيع الهواء.. ورد يا ورد" وبعدين لقيت الأسماء، إما قديمة ومتنفعش، وإما طويلة، وعجبني بصراحة اسم "النزاكة"، الاسم برضه لايق على #، وجو كتكوت الأمير والجونينة والبدلة اللميع وحباية الرز، وشوية وقلت في عقلي طيب ليه ما نختارش اسم "الصباحية" وأهو يبقى لايق على صورة التورتة والجو الرومانسي وحفلة الخطوبة بتاع ال# ومحمد بن زايد، وبعدين قلت مش هنمسك لهم صورة بيعبروا فيها عن مشاعرهم لبعض. وبعدين فكرت شوية قلت ليه ميكونش اسم عاصمة "ماسر" الجديدة "نهارك سعيد"، وأهي حاجة تفرح عبيد البيادة والناس كل شوية تطلع من مقلب لمقلب ومرة كفتة ومرة مليون وحدة سكنية ومرة عاصمة جديدة، وشوية وفكرت قلت بقى ال#، دا منظر يتقال له نهارك سعيد بوشه اللي شبه قفاه دا؟. المهم، فكرت كتير وحاولت ألاقي حل مبتكر، وبعدين فجأة وجدتها، اسم الممثلة اللي طلعت مع منير مراد في الفيلم "سعاد ثروت" وكانت بتمضي جواباتها الغرامية باسم سعاد نديم، قلت هو دا الاسم المناسب، اشمعنى مصر فيها مدينة نصر وفيها مدينة شروق، وليه مفيش مدينة اسمها سعاد؟ قلت خلاص تبقى سعاد، تخليداً لذكرى طنط سعاد أم ال#، ووفاءا لذكرى كائد سهرة 30 سونيا، وممكن يتعمل لها امتداد جديد ونسميه "نيو سعاد"!، واخترت اسم المدينة يبقى "سعاد سيتي" أو مدينة سعاد. ويتعمل فيها مدينة ملاهي، تجري فيه عربيات الرش ورا بعض عشان، لما واوا العبيط يروح يزور المدينة يستعيد أيام الطفولة، ويتعمل فيها "أكبر سنتر بيع فراخ" في الشرق الأوسط، ويشغلوا شوية عيال صغيرة يضربوه على قفاه، عشان يستعيد أيام الطفولة برضه، وممكن يعملوا هناك نصب تذكاري لعربية الخضار، و"اللنضة الموفرة" تخليداً لسهرة 30 سونيا المجيدة، ويتفتح فيها أكبر مركز علاجي في الشرق الأوسط لعلاج فيروس سي بالكفتة، ويبقى مصدر دخل للعاصمة الجديدة اللي هيشوفوها في المشمش إن شاء الله. ونبقى كده مش ناسيين حد، المدينة يبقى اسمها سعاد سيتي، ويبقى فيها كل رموز سهرة 30 سونيا المجيدة!! إلا أن قريحة المصريين لم تتوقف عند "سعاد سيتي" خاصة وأن تنفيذ المشروع الوهمي قد يستمر قرابة 10 سنوات على حد قول الممول الإماراتي، أو أقل كثيرا بعض اعتراض قائد الانقلاب: "لا إحنا مبنشتغلش كده، ولا 10 ولا 7 .. آه أنا بقولك، إبدأ من إمبارح"، لذلك اقترح أحمد صابر ان تحمل العاصمة اسم: مدينة البهائم. إبراهيم الجمل، كتب: سعاد سيتي جميل جدا ونغير اسماء الأحياء بدلا من حي إلى ركن، ويبقي عندنا ركن سمير صبري، وركن الزيزي وركن شريف مدكور، وركن أحمد موسي وأهو ريحة القرف تفوح من سعاد سيتي لكل أركان المعمورة". واقترحت ميرفت أحمد: "نسميها العاهرة، تبقى واحدة القاهرة والتانية العاهرة، ودى يسكنوها أهل الفن زى الست إلهام والأم المثالية"، فيما أعاد الناشط أشرف العبد للأذهان "حباية الترامادول" التى تساند العسكر لإدارة دولة الانقلاب وقرر وفاءً للعقار المخدر أن يكون اسم العاصمة: "تريمادوليان سيتي".
وما بين مئات الاقتراحات وحملات التهكم والسخرية حول العاصمة الوهمية ما بين "مدينه الرز"، و"شحاتة سيتي"، و"نيو فنكوش"، قررت هالة الوزيرأن تكون أكثر وفاء لقائد الانقلاب نفسه: "نسميها مدينة المسهوكين على وزن المهندزين.. زي ما كان بيقول عبدالعزيز السيسي.. هاااااااااح".