حمل حقائبه متجها إلى الأراضى التي اتهمها نظامه من قبل بأن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" من صنع يدها، إلا أن تلك المزاعم لم تكن لتمنعه عن المضي قدما من أجل استصدار "تفويض" أممي هذه المرة، بحثا عن شرعنة التدخل العسكري فى الجوار الليبي والقضاء على ما تبقى من ثورة 17 فبراير وعودة ليبيا إلى حقبة القذافى. سامح شكرى الذي ظن أن الجميع سيبارك خطواته فى نيويورك ويوقع على "بياض" على تفويض لعسكر مصر من أجل محاربة الإرهاب المزعوم فى ليبيا مستغلا لافتة سوداء تمثل تنظيم "داعش"، وممنيا النفس باعتبار القاهرة الحليف الجديد فى "تحالف أوباما" الذي يحارب التنظيم فى بلاد الشام، وممثله فى ليبيا وشمال إفريقيا. تحرك الدبلوماسية المصرية لم يكن أفضل حالا من سائر التحركات المصرية فى زمن الانقلاب العسكرى سواء فى النواحى الاقتصادية أو الأمنية أو الاجتماعية، حيث سجلت فشلا ذريعا مساء أمس الأربعاء، وذلك حين فشل وزير الخارجية في اقناع الدول الغربية، وشحن مجلس الأمن لاستصدار تفويض أو قرار أممي، بتكوين تحالف دولي للتدخل في ليبيا، أو على أقل تقدير رفع حظر التسليح عن الحليف الانقلابي فى بلد الجوار خليفة حفتر. ولم تجد سلطة الانقلاب ظهيرا تستند عليه لإقناع الغرب بشرعنة التدخل العسكرى فى ليبيا، خاصة بعد الجريمة التي ارتكبتها المقاتلات المصرية فى مدينة درنة مطلع الأسبوع، خاصة بعدما تخلت الجزائروتونس عن المشروع المصري ورفضت تمرير التدخل العسكرى أو دعم أحد أطراف الأزمة على حساب الأخر، ليعود مبعوث الخارجية يجر أذيال الخيبة. ومع فشل اقناع مجلس الأمن، كان الواقع عربيا مشابها رغم تأييد الجامعة العربية للضربة العسكرية المصرية، إلا أنها فشلت مصر في الحصول على إجماع عربي يضمن لها قرارا إقليميا من الجامعة، يشرعن لها التدخل في ليبيا. ومع توالى الفشل كان لابد أن يعلق الانقلاب اخفاقاته على شماعة يضمن بها مواجهة الشارع المترقب، وأن يضمن خروج الأذرع الإعلامية بمبررات وأكاذيب تبرز انجازات ليس لها وجود على أرض الواقع، فكانت قطر هى الهدف الذي صوب عليه العسكر رصاصات الفشل وصب عليه الانقلاب لعنات الخيبة. وباتت الدوحة هى "الضمير" الذي يؤرق سلطات الانقلاب ويفضح ممارسات ويقف غصة فى حلق تحركاته البربرية، ما دعا مندوب مصر الدائم لدى الجامعة طارق عادل إلى استنكار تحفظ قطر على التفهم العربي لضربات مصر لمعاقل الإرهاب في ليبيا. وتجاهل الانقلاب اعتراض تونسوالجزائر في جلسة مجلس الأمن على مقترح مصر بتشكيل تحالف دولي للتدخل في ليبيا، واكتفى بمحاصرة قطر بالاتهامات وإطلاق الأذرع الإعلامية من أجل النباح على البلد الشقيق الذي يقيم به قرابة 500 ألف مصر، ما دعاها لاستدعاء سفيرها للتشاور، اعتراضا على عدم اللياقة من جانب الجانب المصري. ولأن الوضع الاقليمي تغير كثيرا عن ذي قبل، لم يطبل مجلس التعاون الخليجي لاتهامات مصر لقطر كما كان فى حقبة العاهل السعودي الراحل عبد الله، وتغير المواقف السعودي نسبيا وترقب العراب الإماراتي، خرج المجلس ليدافع عن البلد العضو وينتقد اتهامات القاهرة. وأصدر مجلس التعاون الخليجى الخميس، بيانا، انتقد فيه الاتهامات المصرية لقطر بدعم الإرهاب أثناء جلسة على مستوى المندوبين فى الجامعة العربية على خلفية الغارات المصرية على ليبيا. وأعرب الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزيانى فى بيان عن "رفضه للاتهامات التي وجهها مندوب مصر الدائم لدى جامعة الدول العربية إلى دولة قطر بدعم الإرهاب"، ووصفها بأنها "اتهامات باطلة تجافى الحقيقة وتتجاهل الجهود المخلصة التي تبذلها دولة قطر مع شقيقاتها دول مجلس التعاون والدول العربية لمكافحة الإرهاب والتطرف على جميع المستويات واعتبر الزيانى أن التصريحات المصرية، "لا تساعد على ترسيخ التضامن العربى فى الوقت الذي تتعرض فيه أوطاننا العربية لتحديات كبيرة، تهدد أمنها واستقرارها وسيادتها". وأوضح البيان أن التحفظ القطرى على الغارة المصرية "جاء متوافقا مع أصول العمل العربى المشترك الذي يقضى بأن يكون هناك تشاور بين الدول العربية قبل قيام إحدى الدول الأعضاء بعمل عسكرى منفرد فى دولة عضو أخرى، لما قد يؤدى هذا العمل من أضرار تصيب المدنيين العزل". لتخسر مصر ظهيرا خليجا كانت دائما تعول عليه من أجل انعاش الخزانة الخاوية لضخ مزيد من "الرز"، وتفقد الدعم الأوروبي الذي لازال يجلس فى مقاعد المترقب للمشهد المصري بين دعم على استحياء للانقلاب ومتابعة عن كثب للحراك الثورى المتنامي، فضلا عن الفشل الذريع فى توحيد الصف فى ظل التشكك من دوافع النظام المصري من ضرب ليبيا والتعاون الاستخباراتي مع مليشيا حفتر. الفشل المصرى للبحث عن مبرر قانوني دولي للتدخل في ليبيا، فجر سخرية وانتقاد مواقع التواصل الاجتماعي حيث علق عضو جبهة الضمير عمرو عبد الهادي، قائلا: "سامح شكري: مصر استجابت لطلب الحكومة الليبية بضرب تنظيم الدولة، يعني مش رايح تجيب حق اللي اتقتلوا، ده انت رايح تشتغل مع حفتر مقاول عسكري"، وكتب الحقوقي هيثم أبو خليل: "قطر تستدعي سفيرها من مصر للتشاور بعدما تعامل سامح شكري بهطل وخفية أحمد موسي في المحافل الدبلوماسية! اشربوا يا عصابة حمقى"، وعلق أحد النشطاء: "أمريكا غالبا هتقود قرار مجلس الأمن برفض الحل العسكري والاتجاه للحل السلمي في ليبيا.. أمريكا بتستهبل يا فوزية"، وقال آخر: "السيسي لما يكبر هيضرب مجلس الأمن". وكتبت إحدى الناشطات: "الأعزاء من شعبي تونسوالجزائر، أنا آسفة، من بكره هتبقى في شرشرحة وقلة أدب إياها من القنوات المصرية على اللي حصل في مجلس الأمن".