بقلم: د. حمزة زوبع صحيح أن مصر هى درة الشرق، ولكنها أيضا هى القبلة التى يتوجه إليها أهل الغرب بحثا عن الثقافة والتاريخ والحضارة التى هيمنت وسادت لعقود. جاءها الغزاة من الغرب كما جاءوا من الشرق، لم يستطع أى من هؤلاء الغزاة أن يغير وجهها الإسلامى المتحضر والذى توج حضارات سبقته وحافظ على أفضل ما فيها. كل الغزاة رحلوا ومعهم جزء من تاريخ مصر وعبقها، ولم تحمل مصر من آثار الغزاة وتاريخهم شيئا، اللهم إلا النافع من العلم والمعرفة وبقية من أسماء الغزاة يرددها المصريون على سبيل الفخر بأنهم قهروهم وردوهم على أدبارهم خاسئين. من الغرب جاء الرومان والفرنسيون والإنجليز، وكلهم رحلوا بعد أن أصبح مقامهم -كاحتلال- مغْرَما لا يتحملونه، ولكنهم حين عادوا كشركاء وأنداد رحب بهم المصريون وتم تبادل البعثات والمنافع بشتى أنواعها. ومن الشرق جاءنا التتار فصدهم جند مصر على الأبواب فى موقعة تاريخية تثبت أن كل من عاش على أرض مصر تلون بلونها وتحدث بحديثها، وخير مثال على ذلك هو سيف الدين قطز الذى حمل من دمشق إلى مصر "مملوكا" والذى هزم التتار وكان معه فى خلفية المشهد التعبوى العالم الجليل العز بن عبد السلام الذى جاء من دمشق واعظا وناصحا ومجاهدا مع قطز والمصريين. السياحة فى مصر عمادها السائح الغربى الباحث عن تاريخ يفتقده فى أوروبا وأمريكا وخصوصا الأخيرة التى لا يزيد عمرها على أربعمائة عام وهى جزء يسير فى تاريخ مصر الممتد لآلاف السنين قبل الميلاد. كما أن مصر هى قبلة السائح اليابانى والكورى والصينى والروسى كذلك. وليس الأمر مقصورا على السياحة؛ فهناك مشاريع متبادلة بين مصر وتلك البلدان وإن لم تبلغ حجم التبادل بين مصر والغرب. من الشرق يمكننا أن نتعلم كيف نهضت اليابان وكوريا وكيف تقدمت الصين والهند بإرادة الشعوب وحسن إدارة الحكام، ومن الغرب يمكننا الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والتطور الإدارى والتنمية البشرية التى نحتاجها اليوم أكثر من أى وقت مضى. لم تخضع مصر للغزاة فى سابق تاريخها، لكنها للأسف أخضعت نفسها فى عصر مبارك لتكون تابعا ذليلا بعد أن كانت قبلة للجميع. زيارة الرئيس للصين ومن ثم أمريكا ستعيد لمصر مكانتها فى عالم لا يعترف بالصغار. ------------------ [email protected]