جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تحتفل بتخرج الدفعة 22 من كلية العلاج الطبيعي بحضور قيادات الجامعة (صور)    حركة مؤشر الذهب عالميا بعد تثبيت الفيدرالي لأسعار الفائدة    بتكلفة تتجاوز 90 مليون جنيه.. متابعة أعمال تطوير وصيانة المدارس ضمن برنامج «المدارس الآمنة»    رسميًا.. صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بالزيادة الجديدة خلال ساعات    75 شهيدا في غزة بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم    البرلمان العربي: تعزيز مشاركة المرأة والشباب في العمل البرلماني ضرورة حتمية    حماس ترفض الدخول في مفاوضات وقف إطلاق النار قبل تحسين الوضع الإنساني في غزة    إدارة ترامب تطالب حكومات محلية بإعادة مساعدات مالية لمكافحة كورونا    نجم الأهلي يتلقى عرضين من السعودية وفرنسا    جيسوس يصدم جواو فيليكس بعد مشاركته الأولى مع النصر.. تصريحات مثيرة    استعدادا للموسم الجديد.. الأهلي يواجه بتروجت والحدود وديًا الأحد المقبل    ضبط 333 كيلو أسماك مملحة غير صالحة للاستهلاك ب كفر الشيخ (صور)    محافظ قنا يستقبل مدير الأمن الجديد ويؤكد دعم التعاون لتحقيق الأمن والاستقرار    طاحونة أبو شاهين في رشيد، معلم أثري يروي حكايات طحن الحبوب في زمن الدواب (فيديو وصور)    بعد ساعات من طرحه.. عمرو دياب وابنته جانا يكتسحان التريند بكليب «خطفوني» (تفاصيل)    مثالي لكنه ينتقد نفسه.. صفات القوة والضعف لدى برج العذراء    طريقة عمل المهلبية بالشيكولاتة، حلوى باردة تسعد صغارك فى الصيف    رئيس مجلس الوزراء يشهد إطلاق وزارة الأوقاف مبادرة «صحح مفاهيمك»    وزارة العمل تبدأ اختبارات المرشحين للعمل في الأردن.. بالصور    وزير الثقافة وأحمد بدير ومحمد محمود يحضرون عزاء شقيق خالد جلال.. صور    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    نتنياهو: أسقطنا المساعدات على غزة وحماس تسرقها من المدنيين    انطلاق المؤتمر الجماهيري لحزب الجبهة الوطنية بسوهاج لدعم المرشح أحمد العادلي    بواقع 59 رحلة يوميًا.. سكك حديد مصر تُعلن تفاصيل تشغيل قطارات "القاهرة – الإسماعيلية – بورسعيد"    الكونغ فو يحصد 12 ميدالية ويتوج بالكأس العام بدورة الألعاب الأفريقية للمدارس    تحليل مخدرات والتحفظ على السيارة في مصرع شابين بكورنيش المعادي    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    فيديو.. ساموزين يطرح أغنية باب وخبط ويعود للإخراج بعد 15 عاما من الغياب    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    الليلة.. دنيا سمير غانم تحتفل بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    هبوط أرضي مفاجئ في المنوفية يكشف كسرًا بخط الصرف الصحي -صور    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    لماذا ينصح الأطباء بشرب ماء بذور اليقطين صباحًا؟    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    البورصة المصرية تطلق مؤشر جديد للأسهم منخفضة التقلبات السعرية "EGX35-LV"    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين العام لنقابة العلميين: "تدوير المخلفات" كنز ضائع

- التدوير مجال خصب ل"الاستثمار" ويدر مئات المليارات
- مخرجات المخلفات يمكن استخدامها فى الصناعة والزراعة
- 3700 دولار ثمن طن المخلفات المعدنية والألمونيوم
- قرار تحويل حملة "وطن نظيف" إلى مؤسسة رسمية "فى الجون"
- يجب الارتقاء ب"الزبالين" من خلال دمجهم فى مصانع التدوير
- النظام السابق اكتشف "كعكة" هذه الصناعة بعد أزمة أنفلونزا الخنازير
حوار: هبة مصطفى
عالم "تدوير المخلفات" أغلقه النظام السابق بالشمع الأحمر ضمن مسلسل إهدار المال العام، وتجاهل مقدرات البلاد التى من شأنها دفع عجلة الاقتصاد وتوفير المليارات.
"الحرية والعدالة" تفتح ملف "تدوير المخلفات"، من خلال هذا الحوار الشامل مع الدكتور د. علاء إبراهيم عيد، الأمين العام لنقابة العلميين، والاستشارى والباحث بقسم المواد المتقدمة بمركز بحوث وتطوير الفلزات، الذى فجر العديد من المفاجآت فيما يتعلق بكيفية الاستفادة من هذا الكنز المفقود والذهب الأسود وأهمية البدء فى مشروع قومى لإنعاش وإحياء صناعة "تدوير المخلفات" التى يمكن أن تدر مئات المليارات سنويا.
كما يتطرق الحوار إلى المصانع العاملة فى مجال التدوير، وسبل الاستعانة بالجهات البحثية والعلمية لتحقيق أقصى استفادة من تلك المخلفات بطريقة علمية، فضلا عن تجارب الدول الأخرى فى هذا المجال.
فإلى نص الحوار..
* بداية.. كيف يمكن تقسيم المخلفات أو تصنيفها؟
يمكن تقسيم المخلفات من حيث مصدرها إلى: مخلفات بلدية "مخلفات المنازل"، ومخلفات الصرف الصحى، والمخلفات الصناعية، ومخلفات الصرف الزراعى.
أما من حيث الشكل فتنقسم إلى مخلفات: صلبة، وسائلة، وغازية. ومن حيث الأمان إلى مخلفات: آمنة، وخطرة. وإذا تم التعامل معها بطريقة خاطئة ستتحول لمصدر خطر، مثل مخلفات المستشفيات والمخلفات النووية والإشعاعية، كما أن هناك مخلفات المبانى والأسواق والمجازر... إلخ.*
ما أوجه الاستفادة من تدوير المخلفات؟
المخلفات كنز ثمين مهدر، وفى الدول المتقدمة يسمونها البواقى ويتعاملون معها كمصادر ثانوية للمواد وللطاقة. وهناك فوائد اقتصادية للتدوير تتمثل فى تقليل تكلفة معالجة المخلفات أو التخلص منها، وتنشيط التعامل التجارى، وزيادة الإنتاج المحلى من الخامات، وتحويل المخلفات من عبء على الدولة والمواطن إلى مصدر يدر أرباحا كبيرة، وتحقيق التعاون الوثيق بين الصناعة المحلية والجهات البحثية، وتقليل الاعتماد على الخامات المستوردة وتوفير العملة الصعبة التى تستهلك فى استيراد خامات أولية.
وهناك أيضا فوائد اجتماعية كثيرة، منها أن تدوير المخلفات توفر فرص عمل للشباب وتساهم فى حل مشكلة البطالة، كما تؤدى إلى نظافة البيئة، والبيئة الجيدة تعطى شعورا بالراحة والاطمئنان وتنشر البهجة والسعادة على وجوه المواطنين، علاوة على أن البيئة النقية مظهر حضارى للشعب المصرى وسط العالم.
أما الفوائد البيئية فتكمن فى تقليل الانبعاثات الضارة التى تؤدى إلى العديد من الأمراض، فضلا عن زيادة التنمية المستدامة، وذلك بتقليل إنتاج المخلفات، وإعادة استخدامها لتحقيق الاعتماد على الخامات المحلية وإعادة التصنيع، وهكذا حتى تكون دورة الحياة المستمرة لنكون قد استخدمنا خامات صدر عنها بواق، ويتم إعادة تدويرها وهو ما يعنى الاعتماد على الذات والمصادر المحلية فى الخامات.
وبعبارة أخرى لا بد من الانتقال فى التعامل مع المخلفات من نهج "من المهد إلى اللحد"، التى تتبنى فكر التخلص من المخلفات ودفنها إلى نهج من "المهد إلى المهد"، التى تتبنى فكر إدخال المخلفات فى دورة الإنتاج.
* كيف يمكن الاستفادة من مخرجات عملية تدوير المخلفات؟
المخلفات يمكن الاستفادة منها فى أكثر من شكل؛ وأهم ما يمكن استخراجه من المخلفات شيئان مهمان هما المواد الخام والطاقة، فيمكن استخراج منها مواد وخامات جديدة، مثل المطاط من إطارات السيارات المستعملة، حيث تستهلك مصر سنويا ما يزيد عن 20 مليون إطار، والمطاط المسترجع من مخلفات الإطارات يمكن أن يضاف لخلطة الأسفلت بنسبة 20%، ويعطينا ما يسمى بالأسفلت المطاطى، الذى يدوم لمدة تتراوح بين 20 و50 سنة، وهذا يوفر أرباحا خيالية بالإضافة لطرق سليمة ودائمة.
كذلك البطاريات المستعملة، وما فيها من بلاستيك وزنك ورصاص يمكن استرجاعهما والاستفادة منهما بأرباح عالية، أما مخلفات الورق والكرتون تباع لمصانع الورق لإعادة إنتاج ورق الكرتون والجرائد، ومخلفات الزجاج يتم إعادة صهرها وتصنيع منتجات زجاجية جديدة التى لا يمكن تدويرها يمكن طحنها واستخدامها كبودرة داخل خليط يوضع على الأسفلت للتقليل من التزحلق.
ومخلفات الألمونيوم؛ الألوميتال القديم، والأوانى المنزلية، وأسلاك الكهرباء، وعلب المشروبات "الكنز" يتم استرجاعها لخامات ألومنيوم غالية الثمن، يمكن أن يدر ربحا وفيرا، فسعر طن خردة الألومنيوم يصل إلى 5 آلاف جنيه، وبعد تدويره يباع الطن بحوالى 3700 دولار، وأسلاك الكهرباء بعد أن نستخرج منها البلاستيك يتبقى النحاس الذى يزيد سعر الطن عن 40 ألف جنيه، وفى العالم معروف أن "بيزنس" المخلفات المعدنية "الخردة" يحتل المركز الثالث على مستوى العالم بعد المخدرات والأدوية.
* من وجهة نظرك.. ما المشكلات التى تواجه مصر وتعرقل تبنيها لصناعة تدوير المخلفات؟
هناك معوقات عديدة؛ أهمها عدم وجود إستراتيجية واضحة للتعامل مع المخلفات، وضعف منظومة تجميع المخلفات، وغياب التطبيق العلمى لتدوير المخلفات، فهناك عدد كبير من المصانع التى تعمل فى مجال تدوير المخلفات، ولكن معظمها تهدر الخامات وتدمرها؛ لأنها لا تعتمد على مرجعية علمية، فعلى سبيل المثال لا توجد معايير لإدارة تدوير البلاستيك فى مصر، ولا يوجد نظم للتحكم فى الجودة وتوكيدها.
* ولماذا توجد هذه الفجوة بين تلك المصانع وبين الإدارة العلمية لعمليات التدوير؟
تلك الفجوة أمر منطقى لغياب سياسة الاعتماد على مخرجات البحث العلمى، وغياب التواصل بين هذه المصانع وبين الجهات البحثية، فغالبية المصانع التى تعمل فى تدوير المخلفات تعمل دون تراخيص، ويمكن أن تلوث البيئة.
* وكم تبلغ أرباح صناعة تدوير القمامة؟
إن ارباح صناعة تدوير المخلفات قد تصل إلى عشرات بل مئات المليارات، ولا يوجد تقدير لأرباحها بدقة، وهناك بعض التقديرات لمخلفات البلاستيك فى مصر تصل إلى 6 مليارات جنيه سنويا، وحجم المخلفات الزراعية تبلغ 71 مليون طن سنويا، منها 5 ملايين طن قش أرز يمكن استخراج منه أكثر من 30 منتجا، و5 ملايين طن "مصاصة" قصب يصنع منه الخشب الحبيبى والمولاس وكحول الميثانول، كما يمكن إنتاج لُب الورق من تلك المخلفات، ولكن للأسف يتم التعامل معها بطريقة سيئة، حيث يتم حرقها دون الاستفادة منها.
* هل ترى أن حملة "وطن نظيف" التى أطلقها الرئيس بداية اهتمام بتدوير المخلفات؟
مشروع النظافة جزء من مشروع قومى يهدف إلى نهضة شاملة تُعد البيئة النظيفة فيه من أهم عوامل التنمية التى لا يمكن أن تحدث فى ظل أجواء غير نظيفة. وحملة "وطن نظيف" هى دفعة قوية تتطلب إستراتيجية واضحة لتتحول إلى نواة لصناعة فعالة لتدوير القمامة، فنحن نحتاج إلى إستراتيجية طويلة الأجل تُبنى على التنمية المستدامة، وتحسين النظم والبنى التحتية والتكنولوجية المستخدمة فى ذلك، لتقليل النفايات وإعادة استخدامها.
وأعتقد أنه يمكن تطوير الحملة عن طريق تعزيز كيفية التعامل مع المخلفات والنفايات الإلكترونية والخطرة والنفايات المشعة بطريقة آمنة، وكذلك الاستفادة من البواقى الزراعية.
* قرار الرئيس تحويل حملة "وطن نظيف" إلى مؤسسة رسمية.. هل يمكن اعتباره نواة للاهتمام بصناعة تدوير المخلفات؟
نعم.. القرار صائب، وفى "الجون" كما يقولون فى عالم الكرة، وحتى نبدأ البداية الصحيحة فلا بد لمصر النهضة أن تعتبر المخلفات أحد أهم موارد الاقتصاد الوطنى.
وهذا يؤكد حتمية إنشاء إدارة متخصصة تعمل ببرنامج مبتكر لإدارة المخلفات، ووضع إستراتيجية فعالة طويلة الأجل تعتمد على استحداث نظم لإدارة النفايات بطريقة متكاملة ومستدامة، وعمل قاعدة بيانات لإدراك حجم المخلفات المُنتجة سنويا بمختلف أنواعها.
كما نحتاج إلى تعزيز إدارة المخلفات التى تجمعها البلدية، وذلك بزيادة الموارد المالية المخصصة لإنشاء البنى التحتية لتجميع وفرز وتدوير المخلفات. ولا بد من تنمية المهارات الفنية والإدارية وإعداد الكوادر القادرة على تسيير نظم إدارة المخلفات وتشجيع نقل وإنتاج التكنولوجيا فى هذا المجال.
وينبغى إقامة شراكات بين القطاع العام والخاص لزيادة الموارد المالية، كما يلزم تشجيع ودعم الشباب للدخول فى مجال بزنس المخلفات، والأهم فى تلك المنظومة دفع وتشجيع العلماء والباحثين للعمل على ابتكار حلول إبداعية لمشاكل المخلفات.
ونحتاج إلى وضع برامج لتوعية الرأى العام، وهذا دور الإعلام، وهو دور خطير وفعال، ولا بد من فرض رسوم ضريبية وغرامات مالية على الأسر والمصانع والمؤسسات نظير جمع المخلفات التى تنتجها حتى تقلل من إنتاج المخلفات، وكذلك تشجيع من يقللون من مخلفاتهم.
ويمكن الاستفادة من التجارب الدولية فى هذا المجال، ففى كوريا يقدمون مبلغا ماليا مقابل أكياس القمامة بحسب الحجم، والمخلفات التى يمكن إعادة تصنيعها مجانا، وفى البرازيل يتبعون سياسة الثواب والعقاب، والحوافز الاقتصادية فى صورة مبالغ مالية أو سلع غذائية مخفضة للمراكز التى تقوم بتجميع القمامة وتدويرها، ولليابان تجارب رائدة فى دعم وتشجيع صناعات التدوير عن طريق مؤسسة الجايكا، ومؤسسة ال(جى تى زد).
* ما الآليات العلمية التى تقترحها لتطوير حملة "وطن نظيف"؟
بناء قدرات بشرية، ونقل الخبرات التكنولوجية، وتمويل لنظم إدارة النفايات والاستثمار، وإقامة الشراكات بين البحث العلمى والصناعة ومؤسسات الدولة، فأبسط مثال أن مخلفات البلاستيك يمكن أن تدر 6 مليارات سنويا إلا أنه يتم تدوير 40% منها فقط، لذلك يجب العمل على زيادة التنافسية، وذلك بالقيمة العلمية المضافة Scientific add value.
وعلى سبيل المثال، فعبوات البلاستيك للمياه المعدنية والغازية "البى إى تى PET" يتم تجميعها ويباع الكيلو بجنيه واحد، ومن يقوم بالجمع والفرز ويقوم بكبسها لتقليل حجمها يبيعها مكبوسة الطن ب1800-2000 جنيه، وبعض المصانع تقوم بتكسيرها لقشور وبعد غسلها وتجفيفها تباع للصين بسعر 700-800 دولار للطن، وتقوم الصين باسترجاع الخامات وتصنيعها فى صورة منتجات عديدة؛ منها الألياف التى يبطن بها البطاطين الفايبر والمفروشات ويبيعونها لنا مرة أخرى بأضعاف السعر، مضافا إليه سعر الشحن ذهابا وإيابا.
والغريب أننا نصدر تلك الخامة، ولو أننا استخدمنا الطرق العلمية السليمة وقمنا بتدوير تلك الخامة لحققنا مكاسب عالية، فسعر الطن بعد تدويره يصل إلى 1500 دولار، ويتغير حسب السوق "من 70-80% من سعر الخامة الأصلية"، وهذه الخامة تدخل فى أكثر من 30 منتجا، منها السجاد والمفروشات وعبوات المواد الكيماوية، كما أنه يمكن استخلاص الخامة بدرجة نقاوة عالية مما يسمح بإعادة استخدامها مرة أخرى فى العبوات الغذائية والدوائية.
* ماذا عن عالم جامعى القمامة "الزبالين"؟ هل سيفقدون عملهم فى حال انتعاش صناعة التدوير؟
الزبالين أنشأوا نقابة خاصة لهم، وهذا شىء طيب، وهم مواطنون، لهم ما لنا من الحقوق وعليهم ما علينا من الواجبات، "كلٌ حسب دوره"، فلا بد من تغيير النظرة الدونية إليهم، والإحسان فى معاملتهم، فكيف سيكون حالنا دونهم؟
فينبغى دمج الزبالين الذين يتعاملون مع المخلفات بطرق غير رسمية فى منظومة متكاملة تحفظ لهم حقوقهم، وتؤمن لهم ولأبنائهم مستقبلهمن وتعمل على انتشالهم من حال الفقر المدقع التى يعيشون فيها.
* وهل يمكن اعتبار "تدوير القمامة" مجالا للاستثمار؟
بالطبع، فحينما تفجرت قضية مرض إنفلونزا الخنازير أدركت حكومة ما قبل الثورة "حكومة نظيف" قيمة المخلفات، وعملوا على هذا الأمر واعتبروه "كعكة" يتقاسمونها. فتلك الصناعة تعد مجالا خصبا، ومن يرد أن يصبح مليونيرا عليه أن يعمل فى تدوير المخلفات ولكن بأسلوب علمى.
* وكيف يمكن للمواطن البسيط المساهمة فى استثمار وتدوير المخلفات؟
هناك نوعان من الاستثمار (دائم، مؤقت)؛ فالاستثمار الدائم يكون عن طريق عدم إلقائها فى الطرق، أو عدم إلقاء الصرف الصحى أو الصناعى فى المجارى المائية، وكذلك تلافى ما يحدث للمصارف والترع، حيث يتم إلقاء المخلفات فيها وتفسد البيئة، ما يتسبب فى انتشار الأمراض.
أما الاستثمار المؤقت الذى يمكن للمواطن أن يساهم فيه يبدأ من المنزل، فيمكن وضع منظومة لإعادة تدوير المخلفات المنزلية، حيث يتم توزيع أكياس بألوان وعلامات مختلفة طبقا لتصنيف المخلفات، فالخطوة المهمة فى عملية التدوير هى فصل المخلفات وفرزها، وهو ما يسمى بالفصل عند المنبع، ويمكن لكل منزل فصل المعادن عن الزجاج والورق ومخلفات الأطعمة "المخلفات العضوية".
ولا بد من تخصيص عامل نظافة لكل حى أو مربع سكنى، يمكن لهذا العامل توزيع أكياس المخلفات التى تم فرزها وتصنيفها فى صناديق بنفس التصنيف حتى تكون جاهزة فى أثناء جمعها، ولدينا تصور لتلك المنظومة وكيفية تفعيلها.
وهناك صدقة المخلفات، فالتصدق بالمخلفات يزيد الحسناتن وذلك بالتبرع بمخلفات الورق والبلاستيك للجمعيات الخيرية، التى تقوم بدورها ببيعها لمصانع الورق أو البلاستيك، وتخصص العائد للإنفاق على مشاريعها الخيرية.
أما المدارس والجامعات فيمكن أن تقوم بحملات لتجميع الكتب والأوراق والمذكرات فى آخر العام وفرزها وانتقاء النافع منها وإعادة استخدامه، والتالف يتم بيعه، ويخصص العائد لإصلاحات المبنى وتجميله ببعض الدهانات حتى تبدو مؤسساتنا التعليمية جميلة ومتجددة طوال العام.
وتجدر الإشارة إلى أن معدل إنتاج الفرد للمخلفات بالقاهرة يصل إلى 2 كجم يوميا، وهو يفوق المعدلات العالمية، والمخلفات المنزلية يمكن أن تصبح مصدر دخل للمواطن، فبعد فصل وتصنيف المخلفات يمكن بيع كيلو البلاستيك مثلا بجنيه، فالمواطن الذى يجمع 30 كيلو وهو كمية تعادل الاستخدام الشهرى فإنه يمكن أن يربح 30 جنيها، أى ما يعادل متوسط فاتورة الكهرباء، كما أن كيلو الورق والكرتون يباع بنصف جنيه، والحديد ب2 جنيه، والألمنيوم ب4-5 جنيهات، مع العلم أن هذه الأسعار تتغير حسب السوق والعرض والطلب، فعند تجميع تلك المواد وفصلها وبيعها شهريا تتحول المخلفات إلى مصدر رزق ويكون المواطن استفاد وأفاد غيره.
* هذا فيما يخص العناصر البسيطة مثل الورق والبلاستيك، ولكن ماذا عن المخلفات الثمينة ذات القيمة؟
المفاجأة الحقيقية لصناعة تدوير المخلفات تكمن فى إمكانية استخراج ذهب وبلاتين وبلاديوم، وهى عناصر نادرة ونفيسة من المخلفات الإلكترونية خاصة الprocessor الخاص بالكمبيوتر، فالعالم المصرى باليابان أ.د. شريف الصفتى ابتكر طريقة لذلك بالنانو تكنولوجى، يمكنه خلالها استخراج الجرام الواحد بتكلفة 2 دولار، على الرغم من أن جرام الذهب يباع حاليا بما يقرب من 50 دولارا.
* ما فائدة تدوير المخلفات الزراعية والصناعية؟
المخلفات الزراعية بطبيعة الحال يمكن أن يصنع منها السماد عضوى، أو علف للحيوانات، أو وقود متجدد "بيوجاز". كما يمكن تفحيمها بطريقة علمية صديقة للبيئة وآمنة وتحويلها إلى فحم وبيعها لأوروبا فى فصل الشتاء، وللمواطن أن يتصور حجم الذهب الذى يمكن أن يعود على مصر لو تم تفحيم تلك الكمية 71 مليون طن مخلفات زراعية أو جزء منها، كما يمكن إنتاج مواد بترولية من تلك المخلفات مثل السولار وغيره من منتجات النفط. ويمكن إنشاء فى كل محافظة أو مركز مجمع لتدوير المخلفات الزراعية القطن والموالح والكتان والأرز، واستخلاص عناصر مفيدة من ورد النيل من المجارى المائية، وكذلك الاستفادة من مخلفات النباتات والحبوب فى الصناعة.
ومن قش الأرز يمكن تصنيع الفحم النشط، الذى يتم استيراده بآلاف الدولارات، حيث إنه يدخل فى صناعة الأدوية والفلاتر بأنواعها "مياه - هواء - تكييف - سوائل"، هذا بالطبع سيوفر العملة الصعبة المستهلكة فى الاستيراد لتلك الخامة المهمة.
ويمكن تدوير المخلفات الصناعية واستخراج الخامات النافعة منها، مثل صناعة الزيوت، والصابون، والصناعات الغذائية، وصناعة السيراميك، والصناعات المعدنية... إلخ، أما مخلفات المستشفيات فهى من الأنواع الخطرة للمخلفات التى تحتاج إلى مراجعة المنظومة التى يتم تداولها فيها ووضع الاحتياطات اللازمة للتخلص الآمن منها.
أما المخلفات السائلة، فعلى سبيل المثال زيوت السيارات من أروع أنواع البزنس، حيث إن مصر تستهلك حوالى 450 ألف طن سنويا، ويتم تجميع فقط حوالى 30 ألف طن، والباقى يُراق فى الأراضى والترع والمصارف، وهذا يمثل إهدارا كبيرا لخامة من خامات البترول، وجدير بالذكر أن عائد تدوير الزيوت المعدنية عال جدا، لأنه يمكن استرجاع الخامة بتكلفة رخيصة وتباع بنسبة 80% من سعر الزيت الخام، كما يُصنع منه أنواع عديدة من الشحومات، وكذلك عوائد تدوير زيوت الطعام، وتصنع صابون ومنظفات منها.
والجديد فى تدوير المخلفات هو دمج المخلفات الزراعية مع المخلفات البلاستيكية لإنتاج أنواع جديدة من المواد الخشبية التى يطلق عليها "الخشب البلاستيكي"، وهى أنواع جديدة تجمع بين خصائص الخشب وخصائص البلاستيك، وتعطى مواد خشبية "تسمى الخشب السائل" تتمتع بصفات رائعة من مقاومة الرطوبة والكيماويات والفطريات، وكذلك تتمتع بسهولة التشكيل والإنتاج، بل الإصلاح وإعادة التدوير، كما يمكن تلوينها بألوان وأشكال مختلفة، ومنها ما هو مقاوم للاحتراق.
* النظام السابق كان يتخلص من المخلفات بدفنها.. ما خطورة ذلك؟
دفن المخلفات له خطورة على المدى القريب بإهدار الثروة، كأننا نأتى بالذهب وندفنه.. أما الخطورة على المدى البعيد فيكمن من تحلل تلك الخامات إلى عناصرها واختلاطها بالمياه الجوفية وتلويثها وكذلك تلويث التربة.
ودفن المخلفات والنفايات هو تفكير خاطئ، ويسمح به فى حال واحدة فقط للتخلص من النفايات أو المخلفات الضارة التى لا نملك وسائل تكنولوجية لتدويرها، ويشترط فى هذه الحالة تخصيص أماكن معدة وآمنة لذلك، مع رسم خرائط بها، حتى إذا أتى العلم بما يسمح بالتعامل معها تم استخراجها للاستفادة منها.
* هل يمكن استخدام تدوير المخلفات فى توليد الطاقة الكهربية؟
بالطبع يمكن تحويل المخلفات إلى طاقة كهربية، ولكن الأولى والأفضل استخلاص المواد منها فى البداية لأنها ثروة لا تتجدد، والعلماء يعدون أبحاثا ودراسات عديدة لسنوات طويلة حتى يقوموا بتخليق مادة واحدة، ويتكلفون أموالا باهظة وقد تنتج الأبحاث مادة ذات جدوى أو غير ذات جدوى، فكيف بنا ولدينا مواد طبيعية موجودة بالمخلفات، فالمخلفات أولا منجم للمواد، والمخلفات التى لا نستطيع تدويرها يمكن تحويلها إلى طاقة كهربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.