مجزرة المنصة.. تاريخ لن ينسى من ذاكرة الشعب المصري، حيث حدثت فيه ثاني المجازر الكبرى للنظام الانقلابي، والتي جاءت بعد طلبه التفويض لمحاربة الإرهاب "المحتمل"، فكانت النتيجة ما يقرب من 200 شهيد و4500 جريح من الدماء المصرية التي سالت لمطالبتها بالحفاظ على المسار الديمقراطي فقط، بينما كانت هذه الدماء هي طريق السفاح للاستيلاء على كرسي الرئاسة!! بدأت المؤامرة بعد خطاب قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الشهير، الذي طالب فيه الشعب النزول لمنحه تفويضًا يقتل به المصريين المعتصمين، وحاول سحب الإعلاميين من الشوارع من خلال دعوتهم لتصوير المظاهرات بالاتحادية والتحرير، مستخدمين الطائرات الهيليكوبتر الخاصة بالجيش. وبينما كان الصحفيون يصورون الأعداد القليلة بالميدانين، كانت آلة الشرطة والجيش وبمعاونة البلطجية يقتلون المعتصمين بوحشية، وذلك بعد تعدي الشرطة على إحدى مسيرات اعتصام رابعة العدوية التي كانت تسير بشارع النصر القريب من الاعتصام، بعد يوم حافل بالميدان الذي امتلأ عن آخره بعد دعوة التحالف الوطني لدعم الشرعية للاحتشاد بمليونية ضخمة ردًا على خطاب السفاح. وقامت قوات الأمن مدعومة بحماية من القوات المسلحة بإمطار المتظاهرين السلميين بقنابل الغاز، ثم بدأ إطلاق الخرطوش والرصاص الحي الكثيف من خلال القناصة، الذين اعتلوا أسطح مباني جامعة الأزهر، وأخذوا في قنص المتظاهرين بوحشية، واستهداف المصورين لإخفاء الحقيقية، واستمر الاعتداء الغاشم لأكثر من 7 ساعات تواصلة حتى صباح اليوم الثاني، استقبل المستشفى الميداني خلالهم ما فاق طاقتها لاستيعابها، حيث كانت أغلب الاصابات بالرأس أو الصدر بقصد القتل المباشر، حيث قام أطباؤها بعمليات قلب مفتوح ناجحة بإمكانيات ضعيفة للغاية. وفي صباح اليوم الثاني، خرجت داخلية الانقلاب تردد الأكاذيب كعادتها، بأن المعتصمين أرادوا التوسع في اعتصامهم وغلق كوبري أكتوبر، وهو ما نفاه شهود العيان والفيديوهات التي ظنوا أنهم قتلوا أصحابها. وروى أحد شهود العيان الذي كان خلف الشرطة شهادته قائلا: "أنا حضرت إشتباكات المنصة من 12:30 صباحاً ل10 صباحاً وكنت واقف خلف الداخلية مع أهالى منطقتى.. الشرطة كانت بتضرب غاز وخرطوش ونار وآلى.. أى حد كان بيصور كانت الضباط بتاخد منه الموبيل تكسرة، ولو كاميرا "صحفى" بتاخد كارت الميمورى، وشفت بعينى مراسلة أجنبية اتقبض عليها عشان كانت بتغطى الأحداث". وتابع شاهد العيان: "كان فيه بلطجية "شباب شكلة غلط ومعاهم خرطوش" واقف جنب الداخلية عادى جداً وبيضرب على المؤيدين لمرسى, منهم الملثم و منهم اللى كان مقضيها عادى من غير.. شباب المنطقة مسكوا كذا واحد من البلطجية بيقلبوا و يكسروا عربيات المؤيدين لمرسى كانت راكنه من بدرى ورا الشرطة.. وسلمناهم للشرطة..بس فجأة عدد البلطجية و البلاك بلوك زااد أوى , والعربيات مبقاش فيها حاجه تتاخد خلاص وفيه عربيات إتحرقت بعد ما تسرقت". واستطرد قائلا: "حتى 9 صباحاً مكانش فيه ولا إصابة من ناحية الداخلية, غير الضابط "السباعى" اللى اليوم السابع كتبت عنه بس مشوفتوش بعينى". من جانبه، قال الدكتور محمد سليمان، أحد أطباء المستشفى الميداني: إن أحد المصابين أخبره في أثناء تضميد جروحه أن الغاز الذي كان تطلقه الشرطة غاز محرم دوليا، حيث كان في سلاح الحرب الكيماوية، ويعرف هذا الغاز جيدا، ويبقى الغاز في الرئة ويسبب ضيقا في التنفس لمدة 4 أيام على الأقل، ويسبب الموت للأطفال والأجنة! وأضاف د. سليمان أن المستشفى الميداني استقبل في هذه الليلة أكثر من 50 حالة قنص بالرأس، و150 حالة إصابات مميتة ونزيف حاد، و50 حالة استشهدت في الطريق إلى المستشفيات خارج الميدان، و4000 حالة إصابة ما بين كدمات وخرطوش واختناقات وجروح قطعية وعميقة ورصاص حي وكسور. وقال عصام تليمة، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين:" شهادتي التي ألقى الله بها في مجزرة أمس، وقد كنت في الصف الأول منها: كانت سلمية تامة، لم نطلع على كوبري أكتوبر، ولم يكن هناك تخطيط لذلك، فجأة بدأت الداخلية في إطلاق قنابل الغاز، ثم الرصاص الحي والخرطوش، مستعد للشهادة بذلك في كل محافل الدنيا الحقوقية داخلية ودولية، وحسبي الله ونعم الوكيل في كل من اتهم المشاركون في المسيرة بأي عنف، فهو كاذب، ومستعد لأكبر من ذلك، مستعد للمواجهة والمباهلة: أن يدعو كل منا أن الكاذب في كلامه أن يحرق الله قلب أهله بمثل ما حدث في الناس.