كما كان هدم مصنع الحديد والصلب بلا دراسات جدوى فإن قرار المنقلب السفيه السيسي المفاجئ بإعادة مصانع الحديد والصلب بعد إغلاقه في حلوان في 2021 لا وجود له، حيث وصل في مرحلة الإفشال تمهيدا لبيعه للإمارات ،حيث الموقع المباشر على النيل إلى نحو 983 مليون جنيه ديون في 2020، وعدم جدوى استئناف الإنتاج، وتجاوز الديون نصف رأس المال حسب تعديلات قانون القطاع العام. وقال مراقبون: إنه "لم تتغير هذه المبررات، لكن في أغسطس 2025، الحكومة تدرس تحويل الموقع إلى مجمع صناعي للمنسوجات لجذب الاستثمارات، وبعدها بأيام يقرر السيسي استعادة المصنع لإنتاج بلاطات الحديد ما يعني أن السيسي عمل تصفية لمصنع الحديد والصلب ثم بعد 5 سنوات تراجع عن قراره وقرر تشغيله جزئيا". واعتبر المراقبون أن هذا مثالا بسيطا لكيفية إدارة السيسي لمصر، فالرجل لا يحب العلم ولا دراسات الجدوى لكن بيحب "البكالوريا".
وقال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي: إن "فكرة إعادة تشغيل مصنع الحديد والصلب بحلوان غير واقعية، موضحًا أن خطوط الإنتاج والأفران قد توقفت بالفعل منذ سنوات، وأخرجت معداتها وخردتها، وهو ما يجعل تشغيلها مرة أخرى أمرًا شبه مستحيل". وأضاف النحاس، أن إعادة تشغيل المصنع – حتى لو جزئيًا – تتطلب «إعادة إنشاء كاملة من البداية»، بتكلفة تضاهي بناء مصنع جديد، مشيرًا إلى أن إنتاج الشركة في السابق كان يتركز على الزهر المستخدم في مواسير الصرف الصحي وغطاءات البلاعات، وهي منتجات تراجع الطلب عليها مع ظهور بدائل حديثة مثل البوليمرات.
وأشار النحاس، إلى أن القرار السابق بتصفية الشركة كان يستند إلى حجم مديونياتها الضخمة، التي تجاوزت عدة مليارات، مقابل الاعتماد على بيع أصولها وأراضيها لتغطية الالتزامات. وقد شكّل هذا الملف محور مضاربة على السهم في البورصة، مع اعتقاد بعض المستثمرين أن نصيب السهم من الأرض سيحقق عوائد كبيرة.
واستشهد معلقًا امكانية تحقيق أصول المصنع عوائد ضخمه قائلًا : " لكن تصريحات رسمية في ذلك الوقت – خلال ولاية وزير قطاع الأعمال الأسبق هشام توفيق – أوضحت أن المديونيات ستلتهم جانبًا كبيرًا من تلك العوائد".
وأعلنت البورصة المصرية إيقاف التداول على أسهم شركة الحديد والصلب اعتبارًا من جلسة تداول اليوم فى ضوء المخاطبة الصادرة من البورصة للشركة بتاريخ 24/08/2025 بشأن ما تم نشره بخصوص " تشغيل جزء من مصنع الحديد والصلب".
وأشار النحاس، في تصريحات نقلتها مواقع محلية إلى أن ما يمكن التفكير فيه هو تحويل جزء من مساحة المصنع إلى مشروع رمزي أو متحف صناعي يوثق تاريخ الشركة ودورها في دعم الاقتصاد المصري خلال عقود سابقة، لكنه استبعد تمامًا عودة نشاطها الصناعي الأساسي.
وأوضح أن مشكلات تصفية شركات قطاع الأعمال العام لا تتوقف عند الحديد والصلب، بل تمتد إلى مصانع أخرى مثل القومية للأسمنت، حيث لم تستطع الدولة الاستفادة حتى من خردة هذه المصانع بالشكل الأمثل، نتيجة غياب البنية التحتية والمعدات اللازمة لقطع وتدوير الخردة، مؤكدًا أن قطاع الخردة وحده يمثل «ثروة ضائعة» بمليارات الجنيهات.
ولفت إلى أن المعلومة المؤكدة التي ترددت في الوقت السابق أن المصنع لن يعاد تشغيله ككيان لإنتاج الحديد مرة أخرى، وإنما يتم التوجه لتحويله إلى مجمع للغزل والنسيج، لافتًا إلى أن خطوط الإنتاج والأفران الخاصة بالحديد تم تفكيكها وإخراجها بالفعل. اللافت أن وائل النحاس سبق أن صرح لموقع (360) أن "المصنع تكبد خسائر فادحة، ومنتجه هو الأسوأ في الأسواق، كذلك أضاف أن دخول البتروكيماويات أثرت عليه سلبًا فبعد احتكاره لصناعة حديد الزهر لم يعد هناك استخدام لهذا النوع من المواسير، وحل بديلاً عنها البروبلين لعمرها الأطول وسعرها الأقل في مختلف الأسواق، معتبرًا أن هذا التحول في استبدال منتجاته والتي منها أيضًا أغطية البلاعات قد أثر على أرباحه، كما أوقعه في قبضة الخسائر والديون التي بلغت نحو ال7 مليارات جنيه، كذلك أشار إلى أن قطاع الحديد بشكل عام ينزف في مصر ويتكبد خسائر فادحة بداية من عام 2011، وأن القطاع دفع فاتورة بيع الطاقة والحظر التي يعاني منها نحو 26 مصنعًا حتى الآن، كاشفًا أن استغلال أرضه التي تقدر بنحو 2500 فدان سينعكس بتأثير إيجابي على الاقتصاد بعد سداد ديونه وتوفير الدعم الخاص به في موازنة الدولة.". وفي يناير 2020 قرر السيسي تصفية شركة الحديد والصلب بعد سنوات من الخسائر، التي بلغت حتى 30 يونيو 2019 نحو 8.5 مليار جنيه، فيما سجلت المديونيات مبلغاً مماثلاً، وفق بيانات وزارة قطاع الأعمال العام.
وفي نهاية عام 2024، وافقت الجمعية العامة العادية للشركة على مد فترة التصفية لمدة عام جديد اعتباراً من يناير 2025.
وبحسب تصريحات وزير الصناعة والنقل كامل الوزير في 22 أغسطس 2025 قال : " إن الحكومة تدرس إعادة تشغيل مصنع الحديد والصلب في حلوان، بعد نحو خمس سنوات من قرار التصفية، عبر خطة جزئية تشمل تشغيل بعض الوحدات الحيوية. "
وأوضح الوزير في تصريحات صحفية سابقة أن الدراسات الجارية تتضمن إعادة تشغيل وحدة الصب المستمر في "مصنع 7" التابع لمجمع الحديد والصلب من خلال إضافة فرن جديد، لافتاً إلى أن مصر لا تمتلك وحدة مماثلة حالياً، إلى جانب إنشاء وحدة جديدة لإنتاج أعواد الصلب المكعب (باليت).
وفي 17 أغسطس صرح كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، إنه من الممكن دراسة تحويل مصنع الحديد والصلب بحلوان إلى مجمع للصناعات النسيجية والصناعات المغذية لصناعة الملابس الجاهزة وجذب استثمارات أجنبية لهذا المجمع. واعتبرها خطط طموحة أعدتها الحكومة لإحياء شركة الحديد والصلب المصرية عبر دراسات تجريها لتشغيل إحدى وحدات الشركة، وهو ما قابله رجل الأعمال نجيب ساويرس بالانتقاد نظرًا ما قال إنه "ضعف كفاءة القطاع العام"؟! وقال عبر إكس: "ما بنتعلمش القطاع العام مدير فاشل و المال سايب".
ورد على أحد المتابعين أن الصين نجحت حينما فتحت اقتصادها للقطاع الخاص وتحولت من الاشتراكية للرأسمالية، ولديها أكبر الشركات الخاصة في العالم. وقال معلق: "مع الأسف يا دكتور تم دبح ودفن الحديد والصلب وإذا فعلا كانت هناك إرادة لإعادته للحياة فليتم بيع أرض المجمع الحالية وبحصيلة البيع يتم انشاء مصنع جديد على أحد محاور الطرق الصحراوية الجديدة وخلق مجمع سكني بجانب المصنع تماما مثل المجمع القديم ولتكن مدينة جديدة". وكان الخبير الاقتصادي، الدكتور خالد الشافعي اعتبر أن مصنع الحديد والصلب أحد روافد الصناعة المصرية، وقال وقت إغلاقه إنه سيكون خسارة لن تعوضها إتاحة القطاع الخاص، والأمر كان يتطلب مزيدًا من الجهد لوضع استراتيجية لإرجاعه لعصور قوته، وأيًا كانت أسباب الخسارة كان من الممكن تداركها.
وأكد الشافعي وجود أدوات بديلة عن الإغلاق منها إعادة هيكلة الأجور بشكل عام، والاتفاق مع مستثمرين لتطوير المصنع واعطاؤه قبلة الحياة مرة أخرى، أو تشكيل إدارة فنية للتعاطي مع الأزمة القائمة، فالأمر كان يتطلب قدر من الإنفاق بدلًا من قرار الإغلاق.
وعن استبدال منتجات المصنع بغيرها وتأثيره على قدرته الإنتاجية عقب الشافعي في تصريحات قائلاً: "ما كان ينتجه العالم بالأمس. ليس بالضرورة هو ما يحتاجه اليوم أو غد". لا غنى عن الحديد لأنه المادة الخام الأساسية في مختلف الصناعات، كذلك أكد أن الإغلاق ليس أفضل الطرق ولكنه أقصرها لوقف نزيف الخسائر. واعتبروه تجاهلا للحلول التي كان من الممكن أن تعيد إحياء هذا الصرح العظيم، فيما رأى بعض الاقتصاديين أن الحديد والصلب كيان باق لرمزيته عن زمن الاشتراكية والقومية، لكنه كان من الناحية الاقتصادية ليس له أي تأثير على الإطلاق.