حادث التصادم المروع على الطريق الدائري الإقليمي بمحافظة المنوفية، والذي أسفر عن مصرع 19 شخصًا بينهم 18 فتاة من قرية واحدة، آثار غضبًا واسعًا في الشارع المصرى، وفجر موجات من الحزن على ما آلت إليه أحوال البلاد فى زمن الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي الذى لم يترك قطاعا من القطاعات إلا وامتدت إليه يداه بالتخريب والفساد والقتل وسفك اللدماء والاعتقالات والتجويع واغلاق المصانع والشركات ووقف التعيينات ما أدى إلى تزايد اعداد العاطلين عن العمل وتراجع الدخول وانهيار الاقتصاد المصرى وتدنى مستوى المعيشة إلى آخر ذلك من الكوارث الحادث حول رحلة الحياة إلى جنازة جماعية، ل19 زهرة من فتيات مصر، اللاتى خرجن بحثًا عن لقمة عيش شريفة تساعد أسرهن على تلبية احتياجات الحياة، فُعدن فى أكفان ضحايا الإهمال، ورغم ذلك لم تحرك الكارثة ساكنًا عند حكومة الانقلاب سوى بيانات إعلامية تنعى الفتيات التى أزهقت أرواحهن نتيجة الفساد والإهمال. حادث الطريق الإقليمى حلقة جديدة فى مسلسل طويل من الحوادث الدموية التى تحصد أرواح البسطاء يوميًا، واعتاد الأهالى على تكرار الحوادث على هذا الطريق، الذى تحول من وسيلة لربط المحافظات والقرى ببعضها إلى فخ لحصد أرواح الأبرياء، فى تجاهل تام من حكومة الانقلاب. هذا التجاهل دفع المواطنين للتساؤل إلى متى تظل حكومة الانقلاب صامتة أمام طريق يحصد الأرواح ، لماذا لا تتحرك وزارة نقل الانقلاب والإدارة العامة للمرور لتدارك المأساة قبل وقوعها؟.. لماذا لا يتم اتخاذ قرارات جريئة بإعادة تأهيل الطريق ومعرفة أسباب الانحراف وهبوط أجزاء منه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان ؟
قرية السنابسة
قرية السنابسة بمحافظة المنوفية كان لها النصيب الأكبر من كوارث الطريق الإقليمى الذى أصبح يفتقد لأبسط معايير السلامة المرورية بعد أن شيعت القرية فى جنازة مهيبة أبكت العيون وهزت قلوب العالم جثامين 19 ضحية من الفتيات العاملات بإحدى المزارع، دموع تسيل.. وحزن يمتلك القلوب، وبكاء لا ينقطع، .. أم ثكلى يعتصر قلبها الحزن غير مدركة لما حدث تتمنى أن يكون مجرد كابوس ثقيل لكنها الحقيقة المرة التى تعيشها أغلب منازل قرية السنابسة…أب يمسك دموعه على فراق أبنائه، أثناء تلقى العزاء، ورغم كل محاولات التماسك فإن قلبه لا يقوى على تحمل فراقهم، دموعه لا تجف .
ناس غلابة
تحدث أحد الأهالى بقرية السنابسة، عن معاناته من حادث الطريق الإقليمى بعد أن فقد 5 من أسرته ما بين وفيات ومصابين، قائلًا: الناس غلابة والفتيات كانوا بيساعدوا أسرهن على ظروف المعيشة وتجهيز أنفسهن للزواج . وأكد إنه فقد ثلاث فتيات من أسرته وأصيبت اثنتان مشيرًا إلى ان إحدى الفتيات كانت فى كلية الهندسة، وأخرى تبلغ من العمر 20 عامًا وتدرس فى كلية التربية . وأشار إلى أن الفتيات كن يعملن فى أحد المصانع فى تغليف العنب ب120 جنيها فى اليوم، لكنهن لا يعلمن أنهن ذاهبات بلا عودة. وتابع: سهرنا مع بعض يوم الخميس الماضى حتى الساعة الواحدة ليلًا وكأنهن كن يودعننا.. اللى ماتوا كان فيهم عرائس هيتجوزوا آخر الشهر مشيرًا إلى أنهم عاشوا معاناة حقيقية نتيجة توزيع الضحايا على المستشفيات الحكومية، دون مراعاة لشعور الأهالي. وقال: إحنا مش عارفين نعمل إيه.. ما شفتش بنتى قبل ما تروح الشغل.. الفلوس مش هترجع اللى ماتوا.. حسبى الله ونعم الوكيل . وحول معرفتهم بوقوع الحادث، أكد أن أحد السائقين من القرية كان يسير على الطريق ورأى الحادث فقام بإبلاغ الأهالى مشيرًا إلى أن الحزن يسيطر على الجميع من تجاهل مسئولي الانقلاب لتلك الكارثة، وأكد أن الميكروباص الذى كان يقل الفتيات أصبح «خردة» مطالبا وزير صحة الانقلاب بضرورة الاهتمام بالمصابين وصرف العلاج اللازم حتى يخفف ذلك من آلام الأهالى.
19 شهيدة
وقال أحد اهالى القرية : 19 فتاة شهيدة فى سبيل أكل العيش ضحايا حادث الطريق الإقليمى لكل منهن حكاية فى الاجتهاد والمثابرة وتحمل المسئولية منذ صغرهن، والاتجاه الى العمل وكسب الرزق الحلال . وأشار إلى أن إحدى الفتيان عروسة كانت تسعى الى العمل باليومية حتى تتمكن من إعداد وشراء جهاز عرسها مؤكدا أن كرامتهن فوق أى اعتبار لا يتسولن لأحد رغم الفقر، وأضاف : اعتادت الفتيات الضحايا على الاستيقاظ مبكرا تعد كل منهن عدتها وتجهز لقيمات تسد بها جوعها خلال ساعات العمل ..قبل طلوع الشمس تأتى السيارة الميكروباص لتنقلهن من قريتهن بالسنابسة إلى إحدى المناطق المجاورة للعمل فى جمع وجنى العنب، لتحصل كل فتاة فى ختام يومها الشاق على يومية تتراوح ما بين ال120 ل130 جنيها لا تسمن ولا تغنى من جوع فى ظل الغلاء وارتفاع الأسعار، ولكن الفتيات ارتضين برزقهن الحلال حامدات وشاكرات . وأكد أنهن فتيات مكافحات حرمن من كافة متع الحياة، لا يعرفن مصايف وبذخ أولاد الأكابر فى الساحل الشمالي، ولكن القدر لم يمهلهن لتحقيق أحلامهن الوردية.
شيماء رمضان
شيماء رمضان عبدالحميد، من ضحايا حادث الطريق الإقليمى، كانت تحلم بالمستقبل، لكن الموت خطفها قبل أن ترى ما كانت تسعى إليه، شيماء الضحية تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى حكايتها وكفاحها فلم تكتف بحصولها على مؤهل متوسط ولكنها حققت التفوق والتحقت بكلية الهندسة، الفتاة الصابرة ظلت فى كفاحها لم تقل إنها طالبة بكلية الهندسة وتتكبر على أهلها ولكنها كانت نعم الفتاة المصرية القوية، ضربت أروع الأمثلة فى الكفاح التحقت بكلية الهندسة، ظلت تساند نفسها وتغطى مصاريف دراستها، ولم تتردد عن العمل خلال فترة الإجازة الصيفية، واختارت النزول إلى مزرعة للعنب وتقطع مسافات طويلة ذهابًا وإيابًا بسيارة أجرة، للمشاركة فى موسم الحصاد مقابل 130 جنيهًا يوميًا.