الصراع بين ايران والكيان الصهيونى من جهة وبين ايرانوالولاياتالمتحدةالأمريكية من جهة أخرى نسبب فى تهديد كبيرا للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى مصر خاصة فى ظل عجز حكومة الانقلاب عن مواجهة هذه التطورات ولجوئها إلى الاقتراض وخفض قيمة الجنيه ورفع الأسعار وتخفيف أحمال الكهرباء وهو ما تنعكس تداعياته على المواطن ومستوى معيشته التى أصبحت فى الحضيض . يشار إلى أنه في أول أيام الحرب، ارتفع سعر الدولار ليصل إلى 51 جنيها، مقابل 49.50 جنيها ما قبل التصعيد الإيراني الصهيونى، بينما فقز سعر جرام الذهب عيار 21، وهو الأكثر تداولًا في السوق المصرية، بنحو 250 جنيهًا بنسبة 5.3%، بدعم التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، مما عزز الطلب العالمي على الذهب كملاذ آمن. كما سجَّل المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية، تراجعًا في بدايات تعاملات، يوم الأحد الماضي، بنسبة 7.5 في المائة، في «أكبر» خسائر منذ عام 2020.
الغاز الصهيوني
وبالنسبة للغاز، قررت الشركات الموردة للغاز الصهيوني إغلاق حقل ليفياثان، وهو ما كان له تأثيره على احتياجات البلاد من الغاز خلال فترة الصيف. فيما قررت وزارة البترول بحكومة الانقلاب تفعيل خطة الطوارئ الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعي، وأوقفت إمدادات الغاز لبعض الأنشطة، مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة وتشغيل بعض المحطات بالسولار، وذلك في إجراء احترازي حفاظًا على استقرار شبكة الغاز الطبيعي وعدم اللجوء لتخفيف أحمال شبكة الكهرباء . ولم تتوقف التأثيرات الاقتصادية على مصر، عند الغاز والبورصة والذهب والدولار، بل وصلت إلى إيرادات قناة السويس، بعد تهديدات إيران بإمكانية إغلاق «مضيق هرمز». وصعدت أسعار النفط إلى مستوى 77 دولارا للبرميل وسط توقعات المحللين أن تقفز أسعار النفط بشكل حادّ عقب القصف الأمريكي للمنشآت النووية الإيرانية والقصف الايرانى للقواعد الأمريكية فى الخليج .
فى هذا السياق أكد الخبراء، أن التأثيرات الاقتصادية لهذه التطورات على مصر أشد وأقوى من التأثيرات السياسية . وتوقعوا أن تنعكس هذه التأثيرات بشكل مباشر على السوق، وارتفاعات في أسعار جميع السلع؛ نتيجة الزيادة المتتالية في الدولار، بالإضافة إلى انخفاض السياحة وتراجع الاستثمار.
ميزان المدفوعات
من جانبه قال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، إن تداعيات الضربات العسكرية المتبادلة بين إيران والكيان الصهيونى ودخول أمريكا على خط الحرب تفرض نفسها على المشهد الاقتصادي، رغم البُعد الجغرافي لمصر عن ساحة الاشتباك المباشر، لافتًا إلى أن هذه التطورات تحدث موجات ارتداد سريعة في أسواق ناشئة كالسوق المصرية، التي ما زالت تعاني هشاشة في بعض المؤشرات الأساسية. وأضاف «أبو الفتوح» في تصريحات صحفية، أن التأثير في البداية ظهر في سوق الصرف، حيث تراجع الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الأجنبية مؤكدا أن استمرار التوتر يدفع بعض المستثمرين الأجانب إلى التحوّط، مما يزيد الطلب على الدولار محليًا، ومع ارتفاع أسعار النفط، تبدو فاتورة الاستيراد معرضة للزيادة، وهو ما قد يشكل ضغطًا على ميزان المدفوعات في الأجل القصير. وبالنسبة لقطاع السياحة أوضح أنه رغم أن مصر بعيدة عن مسرح العمليات، إلا أن تجربة الأعوام الماضية تُظهر أن السياح، خصوصًا من أوروبا وآسيا، غالبًا ما يتعاملون مع المنطقة ككتلة جغرافية واحدة، متوقعا أن يؤثر استمرار التصعيد على وتيرة الحجوزات، خاصة في موسم الصيف . وأشار «أبو الفتوح» إلى أنه بالنسبة لقناة السويس، لا مؤشرات حاليًا على تراجع في أعداد السفن، لكن أي اضطراب في أمن الملاحة الإقليمية أو ارتفاع كبير في تكلفة التأمين قد يدفع بعض الخطوط الملاحية لإعادة النظر مؤقتًا في مساراتها، موضحا أن التأثير هنا يعتمد بشكل كبير على مدة التوتر وحدّته . وحول واردات الطاقة أكد أن أي ارتفاع إضافي في أسعار النفط العالمية سيزيد من أعباء الموازنة المصرية، وقد يستدعي الأمر إعادة تقييم بعض بنود الدعم أو تسعير المنتجات البترولية، وهو ما ستكون له آثار اجتماعية واقتصادية لا يمكن تجاهلها. وقال «أبو الفتوح» ان هذه التطورات، تبدو في ظاهرها قصيرة الأجل، لكنها قد تتحول إلى عوامل ضغط ممتدة إذا طال أمد التصعيد أو دخلت أطراف جديدة على خط المواجهة، مطالبا حكومة الانقلاب بأن تتحرك بسرعة، ليس فقط لتخفيف المخاطر، بل لاستثمار الفرص.
أسعار النفط
وقال الخبير الاقتصادى الدكتور عادل عامر، إن استمرار الضربات المتبادلة بين إيران والكيان الصهيونى ودخول الولاياتالمتحدة الحرب ستؤثر على أسعار النفط بشكل مباشر. وأضاف «عامر» في تصريحات صحفية أن تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز والذي يمر من خلاله 30% من الغاز والوقود العالمي، سيتسبب في ارتفاع أسعار الوقود عالميًا، لافتًا إلى أن ذلك سيؤثر أيضًا على حركة التجارة العالمية وإيرادات قناة السويس. وأشار إلى أن الحرب تعني بداية لموجة تضخمية جديدة، خاصة مع ارتفاع الدولار والذهب الفترة الماضية كرد فعل طبيعي للأحداث الجيوسياسية. وتوقع «عامر» أن تظهر الأثار السلبية لهذه الموجة بشكل قوي على سلاسل الإمداد والسلع في حالة استمرار الحرب لمدة تزيد على أكثر من 6 أشهر، وهي فترة انتهاء الاحتياطي الاستيراتيجي للبلاد مؤكدا انخفاض أسعار الذهب والدولار، في حالة انتهاء الحرب.