في مشهد متكرر يؤكد فشل المنقلب عبد الفتاح السيسي في إدارة الاقتصاد، أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قفزة جديدة في معدلات التضخم، ما حوّل عيد الأضحى من مناسبة للفرح إلى موسم للنكد والضيق لدى ملايين المصريين. ارتفع معدل تضخم أسعار المستهلكين في المدن إلى 16.8 % في مايو، مقارنة ب13.9% في إبريل، متجاوزاً حتى توقعات المحللين الذين قدّروا وصوله إلى 14.9%. وتزامنت هذه الأرقام الكارثية مع تسابق المصريين على شراء مستلزمات العيد، لتصدمهم الأسعار وكأنها "كابوس متكرر"، كما وصف أحد المواطنين على فيسبوك. أسعار "تقصم الظهر".. والجنيه لا حول له ولا قوة التقرير الرسمي كشف أن التضخم الشهري ارتفع بنسبة 1.8%، مدفوعاً بزيادات حادة في أسعار الفاكهة (13.4%)، اللحوم والدواجن (1.2%)، الأسماك (2.4%)، بينما استمرت أسعار الحبوب والخبز في الارتفاع البطيء والمستمر، بنسبة 0.1%، ما ينهك الفقراء أكثر من غيرهم. وتأتي هذه القفزة وسط تراجع متواصل لقيمة الجنيه، مما يُفقد رواتب الموظفين والمعاشات قيمتها الشرائية بشكل شبه يومي. المصري البسيط بات عاجزاً عن شراء كيلو لحم، أو حتى تجهيز "كحك العيد"، الذي كان يُعد من أساسيات الاحتفال. موسم الأعياد يتحول إلى موسم الأحزان على مواقع التواصل، عبّر المواطنون عن بؤسهم بعبارات تختصر الواقع. كتب أحدهم: "أول مرة في حياتي أحس إن العيد جاي وأنا زعلان.. لا فرحة ولا لحمة ولا حتى لبس جديد للعيال." بينما علّق آخر ساخرًا: "السيسي بيهني الشعب بالعيد بطريقته الخاصة.. تضخم وبنزين أغلى وعيشة أمر!" وشهدت الأيام الأخيرة استباق الجهاز المركزي لنشر تقرير التضخم، إذ صدر قبل موعده المعتاد بستة أيام، ما فسره البعض أنه محاولة لامتصاص الغضب الشعبي المتوقع مع اقتراب عيد الأضحى. الجنرالات ينهبون.. والشعب يختنق في وقت ينشغل فيه النظام العسكري ومؤسساته الاقتصادية في بناء أبراج العاصمة الإدارية ومشروعات ترفيهية بلا جدوى، يعاني 70% من المصريين من أجل شراء احتياجات يومهم. ومع كل هذا، تُنفذ الحكومة قرارات صندوق النقد الدولي بحذافيرها، على حساب المواطن. ففي إبريل الماضي، رفعت لجنة تسعير الوقود الأسعار بنسبة تصل إلى 14.8%، استجابة لطلب الصندوق، وهو القرار الذي كان له أثر مباشر في تضخم إبريل ومايو، وسط تجاهل تام لأثره المدمر على النقل وأسعار السلع. الانهيار قادم.. والإفلاس ليس ببعيد في ظل هذه المؤشرات، وتحذيرات خبراء الاقتصاد من تباطؤ النمو، وتراجع الإنتاج، وانكماش القطاع الخاص غير النفطي، يبدو أن باب الإفلاس بات قريبًا، مع استمرار النظام في تجاهل الأولويات الحقيقية وتقديم مصالح الجنرالات والمستثمرين الأجانب على حساب الشعب. وإن كانت الحكومة تروّج لانخفاض التضخم مقارنة بذروته في سبتمبر 2023 (38%)، فإن المواطن لا يرى هذا "التحسن" في واقعه اليومي، حيث بات مجرد شراء مستلزمات العيد يمثل عبئًا لا يطاق.