بحضور النقيب.. افتتاح مصيف المهندسين بالمعمورة بعد تطويره في الإسكندرية    محافظ كفرالشيخ: انطلاق قافلة دعوية كبرى من مسجد الضبعة بالرياض    في أول جمعة من العام الهجري الجديد.. افتتاح مسجد "آل يعقوب" بقرية سفلاق بسوهاج    "القومي للطفولة" يحبط زواج طفلة 14 عاما بمحافظة قنا    الرقابة المالية تستعرض تجربتها الرائدة في إطلاق أول سوق كربون طوعي مراقب ومنظم أمام وفد ليبي يضم جهات حكومية    "البترول": نجاح أعمال الحفر ببئر "ظهر 6" وإضافة 60 مليون قدم مكعب يوميًا إلى الإنتاج    الصديقة ب35 والتيمور ب40 جنيهاً.. جولة داخل سوق الجملة بأكتوبر.. فيديو    مقتل العالم النووي الإيراني سليمان سليماني جراء الهجمات الإسرائيلية    ثنائي الأهلي يزين التشكيل الأفريقى المثالى لمرحلة المجموعات فى مونديال الأندية    أوكرانيا: اعتراض 365 صاروخا وطائرة مسيرة اطلقتها روسيا خلال الليل    قبل أن يتم عامه ال25.. هالاند يدخل نادي ال300 هدف    مصدر ل'الفجر': تشيلي ترغب في مواجهة مصر وديا    محافظ البحر الأحمر يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 73.1%    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث مروري بقنا    جميعهن فتيات.. ننشر أسماء ضحايا حادث الإقليمي بالمنوفية    السيطرة على حريق بمحول كهرباء في كفر شكر بالقليوبية    الإثنين المقبل.. انطلاق فعاليات معرض الفيوم للكتاب    بصحبة شقيقتها.. ملك زاهر تحتفل بعيد ميلادها وهذا ما قالته (صور)    حكم وفضل صيامه.. متى أول عاشوراء 2025؟    خطيب المسجد النبوي: صوم التطوع في شهر المحرم أفضل الصيام بعد رمضان    صحة الغربية تحقق في واقعة تبدل جثتين في مشرحة مستشفى زفتي العام    «الصحة» تطلق حملة قومية للتبرع بالدم في جميع المحافظات    نجاح أول عملية تكميم معدة لطفلة بالمنظار بمستشفى جامعة أسيوط    الحكومة تحدد ضوابط العمرة الجديدة لعام 1447    إيرادات الخميس.. «المشروع x» يحافظ على صدارة شباك التذاكر    الرئيس اللبناني يدين التصعيد الإسرائيلي على منطقتي النبطية وإقليم التفاح    الحكومة تنفي خصخصة الجامعات الحكومية وتؤكد: "مملوكة للدولة"    انخفاض أسعار الذهب عالميًا ومحليًا وسط هدوء التوترات الجيوسياسية    ضبط قضايا اتجار غير مشروع في النقد الأجنبي ب4 ملايين جنيه    كأس العالم للأندية| تفوق جديد ل صن داونز على الأهلي    اليوم.. عرض ملحمة السراب بقصر روض الفرج ضمن مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    نيللي كريم عن «هابي بيرث داي»: فكرته لمست قلبي والسيناريو عميق    أسماء أبو اليزيد بعد مسلسل فات الميعاد: لو رأيت رجلا يعتدي على زوجته سأتمنى أن أضربه    مصرية من أوائل الثانوية العامة بالكويت ل«المصري اليوم»: أهم حاجة الثقة في ترتيبات ربنا    النواب يوافق على اعتماد إضافي للموازنة ب 85 مليار جنيه (تفاصيل)    محافظ الجيزة يعتمد المخططات التفصيلية لأحياء الدقى والعمرانية وبولاق الدكرور    حصيلة الانزلاق الأرضي في كولومبيا ترتفع إلى 16 قتيلا    مستوطنون يعتدون على منازل جنوب الخليل.. وإصابة فلسطينية في مسافر يطا    السيطرة على حريق نشب فى ثلاثة سيارات ملاكى بحى شرق أسيوط    طب عين شمس: توزيع المهام.. وإدارة غرف العمليات باتت جزءًا من تقييم الأطباء    ماكرون: ترامب عازم على التوصل لوقف إطلاق نار جديد في غزة    سعر الحديد اليوم الجمعة 27 يونيو 2025    محمد شريف ينتظر 48 ساعة لحسم مصيره مع الأهلى.. والزمالك يترقب موقفه    خطيب الأقصى: ظهور نتنياهو في أنفاق المسجد تحد لإثبات السيادة ولن يكسبوا ذرة تراب منه    ياسر ريان: طريقة لعب ريبيرو لا تناسب أفشة.. وكريم الديبس يحتاج إلى فرصة    كريم محمود عبدالعزيز يتصدر تريند جوجل بسبب مملكة الحرير    شروط التسجيل لاختبارات القدرات بالثانوية العامة 2025    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    حبس عنصر إجرامي لقيامه بجلب وتصنيع المخدرات بالقليوبية    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    الإيجار القديم والتصرف في أملاك الدولة، جدول أعمال مجلس النواب الأسبوع المقبل    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيتنام وغزة.. مقارنة بين مقاومتين


مفكر وكاتب سياسى
شهد العالم في الفترة الممتدة من نوفمبر/ تشرين الثاني 1955 إلى 30 أبريل/ نيسان 1975، ما عرف بحرب "الهند الصينية" الثانية، وهي الحرب التي عرفت فيتناميًا، وبين الرأي العام العالمي، بحرب المقاومة الفيتنامية ضد أميركا. وقد شملت أيضًا المقاومتين الكمبودية واللاوسية.
صحيح أن أحداثًا كبرى، أو هامة، عالميًا قد حدثت في تلك الفترة نفسها، إلا أنها جميعًا لم تزحزح بقاء المقاومة الفيتنامية عن صدر الأخبار، ولا سيما بسبب صمودها في مواجهة، أشدّ العمليات الأميركية شراسة وقسوة.
وقد جمعت بين القتل الجماعي وقصف هانوي، عاصمة فيتنام الديمقراطية الشعبية المستقلة في الشمال. كما شملت تدمير قرى بأسرها، وإحراق غابات بالنابالم. ووصل عدد القتلى والجرحى، ثلاثة ملايين. وهنالك من يقدّر الرقم بأنه يشمل القتلى من دون الجرحى.
وكانت أميركا في هذه الفترة، قد حلت مكان الاستعمارين: البريطاني والفرنسي على مستوى عالمي، كما تكرسّت زعيمة للدول الغربية، ومعسكرها المناهض للدول الاشتراكية، في ذلك الوقت، ودول التحرّر الوطني التي مثلتها حركة دول عدم الانحياز.
ولكن أميركا دخلت في تراجع عام، بعد هزيمتها العسكرية في فيتنام في العام 1975. وكانت هزيمة مدويّة. وقد شاع منظر التعلّق بطائرات الهليكوبتر، هربًا من فوق أسطح السفارة الأميركية في سايغون، عاصمة جنوبي فيتنام.
دام التراجع الأميركي في مصلحة توسّع النفوذ السوفياتي إلى بداية عهد ريغان في أميركا (1981-1989) وعهد مارغريت تاتشر في بريطانيا (1979-1990)، وهي المرحلة التي استوعبت فيها أميركا نتائج هزيمتها في فيتنام، كما هزيمتها بانتصار الثورة الإسلامية 1979 في إيران.
وبدأت هجمة إستراتيجية على الاتحاد السوفياتي الذي كان بدوره في حالة تآكل داخلي، بما يشبه "أعجاز نخل خاوية" كما تبين لاحقًا. وقد انتهى إلى السقوط من الداخل في العام 1991، ومعه المعسكر الاشتراكي، لا سيما في شرقي أوروبا.
أما الدول الاشتراكية في آسيا، الصين وفيتنام وكوريا الشمالية، كما كوبا، فبدت أكثر تماسكًا في الظاهر. ولكن مع مظاهر تراجع هنا وهناك. ولكن من دون "ثورات خضراء" داخلية، كما حدث في دول شرقي أوروبا، أو في الاتحاد السوفياتي نفسه.
فقد شهدت مرحلة انهيار الاتحاد السوفياتي ومعسكره انقلابًا في ميزان القوى العالمي عسكريًا وأيديولوجيًا وسياسيًا، سمح لفوكوياما بأن يتحدث عن "نهاية التاريخ" بانتصار ديمقراطية الغرب.
ولم يكن حال الدول الاشتراكية في آسيا، أفضل ولو من ناحية بعض المظاهر، بما راح يحدث من تغيّرات داخل النظام نفسه. ولكنها لم تأخذ الشكل السوفياتي، أو شكل دول شرقي أوروبا. ويجب أن تُستثنى جمهورية كوريا الشمالية التي ذهبت إلى التشدّد أكثر، بتثبيت النظام الاشتراكي الذي أسسه كيم إيل سونغ؟
على أن العودة إلى فيتنام التي خرجت من حرب المقاومة 1975 منتصرة، وقد وحدّت "الفيتنامَين:" الشمالي والجنوبي، ولكن سرعان ما انحازت إلى الاتحاد السوفياتي، بسبب إعادة إنتاج التناقض التاريخي بين الصين وفيتنام. علمًا أن الصين كانت الأكثر تفانيًا في دعم ثورة فيتنام، ومقاومتها.
وكان هو تشي منه يعبّر عن ألم شديد من سياسات الاتحاد السوفياتي، بعد أن انتقلت أميركا، لقصف هانوي، عاصمة دولة فيتنام الديمقراطية الشمالية، وكانت جزءًا من المعسكر الاشتراكي.
الأمر الذي كان يوجب على الاتحاد السوفياتي، التدخل حتى استنادًا إلى معادلة الحرب الباردة. ولكنه ابتلع هذا العدوان الذي كان من المفروض، أن يعتبره عدوانًا عليه، وعلى المعسكر الاشتراكي، وليس مجرد عدوان على دولة فيتنام، كأنها خارج المعسكر الاشتراكي، وكانت (فيتنام) في مقدمته منذ العام 1954، بعد انتصار المقاومة على الاستعمار الفرنسي في معركة ديان بيان فو.
وقد عرفت الحرب الأميركية على هانوي عام 1972، بحرب طائرات ال 52 الجبارة في ذلك الوقت، من حيث محو أحياء بأسرها أو حرق غابات بالنابالم. واعتبرت من أشرس حروب التدمير والقتل الجماعي وكثافة النيران. الأمر الذي جعل صمود دولة فيتنام الشمالية وشعبها، وتصعيد القتال في الجنوب، النموذجَ الأرقى، لقتال شعب مستضعف، ضد أعتى دولة استعمارية إمبريالية في العالم.. وكان نموذجًا استثنائيًا على مستوى المقاومات الشعبية بعد الحرب العالمية الثانية حتى العام 1975.
هذا، ويمكن القول إن تأثير المقاومة في فيتنام على المقاومة الفلسطينية كان شديدًا من حيث التعلم منه، والاقتداء به، والتصميم على مواصلة المقاومة، بالرغم مما تواجهه من صعاب وتضحيات ومخاطر. وكان من المفترض أن يكون ملهمًا، لحركة فتح خصوصًا، بأن تترجم شعارها "ثورة ثورة حتى النصر". ولكنها بدلًا من ذلك، ومع بدايات الثمانينيات، أخذت تجنح إلى تبني مشروع التسوية، والاستعداد للتخلي عن المقاومة، كما حدث في اتفاق أوسلو الكارثي (1993). وللأسف، وفي الفترة نفسها، راحت فيتنام توثق علاقاتها بأميركا.
ولكن الذي أنقذ الموقف، هو انتقال راية المقاومة من فيتنام، إلى حركتي حماس والجهاد وحزب الله في لبنان، وبدعم إيراني، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ المقاومة، عالميًا. ولكن بمرجعية إسلامية تختلف من الناحية المرجعية والأيديولوجية، اختلافًا جوهريًا، عن المقاومة الفيتنامية، والمقاومة الفلسطينية (فتح – م.ت.ف).
طبعًا القوانين الحاكمة في الحرب، لا تتغيّر، بتغيّر أفكار أو مصالح، أو طبائع المتحاربين، أما الذي يمكن أن يتغيّر، فكيفية تعاطي كل طرف مع هذه القوانين، وما يمكن أن يُعطى لكل عامل من شروط الانتصار، من درجة أهميّة. وذلك مع كيفية التعاطي، وموازين القوى.
ففي الحالة التي دخل العامل الإسلامي فيها، لم يتغير ميزان القوى العسكري العام، من حيث التفوّق في النيران، في مصلحة الكيان الصهيوني والدعم الأميركي. ولكن التغيّر الأبرز، حدث مع عملية طوفان الأقصى، وما تلاه من حرب بريّة، وحرب تدميريّة، وإبادة بشريّة.
فقد ارتفع مستوى قدرات قيادة المقاومة، وقوات المقاومة، ارتفاعًا نوعيًا، في ظل تحصّن استثنائي في الأنفاق، واستخدامها في المعارك التكتيكيّة (أو ما سمّي بالمواجهات الصفرية، أو الاشتباكات الصفرية) مما سمح لها أن تقارن مع حرب فيتنام، وحتى التميّز عليها من حيث القتال، ضمن مساحة جغرافيّة صغيرة جدًا، ومحاصرة بالكامل، وعلى مدى قارب السنة والنصف، بل جاوزه، في مقابل الجيش الصهيوني المدعوم عسكريًا وسياسيًا من أميركا. فضلًا عن تقدّم تكنولوجي هائل.
الأمر الذي تميّز عن مقاومة فيتنام، التي امتلكت مشاركة دولة فيتنام الشمالية، وإمدادًا لا يتوقف بالسلاح والغذاء، ومختلف الاحتياجات عبر قطار متواصل، على مدى الأربع والعشرين ساعة يوميًا، من قِبَل الصين، فضلًا عن الدعم السوفياتي، وعشرات الدول الاشتراكية.
الأمر الذي يسمح للكثيرين، أن يعزو ما تحقق من إنجازات عسكرية في قطاع غزة، إلى المعجزات، أو القدرات الأسطورية غير البشرية، أو ما فوق بشرية، أو ما فوق ما يدخل ضمن قوانين الحرب.
ولكن هؤلاء في نهاية المطاف يعجزون، عن تفسير ذلك، من الناحيتين العسكرية والمعنوية، والقيادية والإيمانية، والمعنوية على مستوى الأفراد. وهذا بدوره يخضع لقوانين الحرب، مهما بلغت أهمية دوره، ما دام الذي يجري يتم عبر حرب واقعية خاضعة للتفسير الواقعي والعلمي والعسكري والبشري، وخاضعة لقوانين الله في الهزيمة والانتصار في الحروب. وقد تساوى أمامها جميع المتحاربين.
أما التدخل الإلهي في هذه الحرب، فهو لا يختلف عن التدخل الإلهي في كل الحروب، وذلك باعتبار الهزيمة "من عند أنفسكم"، واعتبار الانتصار "من عند الله". ولكن من عند الله هنا، لا يعني التدخل المباشر، والمعجزة أو الأسطورية، وإنما يدخل ضمن مراعاة سنن الله التي هي سنن الحرب، مثل الإعداد وحسن القيادة، والتحصّن والذكاء، وامتلاك الشجاعة والإيمان، كما مثل ما يصيب العدو من عوامل الخراب الذاتي، كالفسق والفجور والفزع والشيخوخة، وهذه كلها من أسباب النصر.

بكلمة، إن تميّز حرب المقاومة في قطاع غزة على حرب المقاومة في فيتنام، قابِل للتفسير العسكري والسياسي والمعنوي الموضوعي، وهو كذلك. ولأنه كذلك أمكنت المقارنة، وإلا لو كان، ما في حرب المقاومة في غزة، سلسلة متواصلة من المعجزات والكرامات، لما جازت، وأمكنت المقارنة بين المقاومتين.
نقلا عن موقع الجزيزة نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.