أدانت جبهة "الخلاص الوطني" المعارضة في تونس، الأحكام القضائية الصادرة السبت الماضي في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، معتبرة أنها "انتقامية" و"تمثل وصمة عار في جبين السلطة والقضاء". وشملت الأحكام أكثر من 40 شخصية بين سياسيين ورجال أعمال ونشطاء، وبلغت في أقصاها 66 عامًا سجنا، وهي العقوبة التي طالت رجل الأعمال المعروف كمال لطيف. كما حُكم على الناشط السياسي خيام التركي ب48 عامًا، والقيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري ب43 عامًا.
ووُصف الملف من قبل المعارضة بأنه ذو طابع سياسي، يهدف إلى "تصفية الخصوم وتكميم الأفواه المنتقدة للرئيس قيس سعيّد"، الذي تتهمه أطياف واسعة من النخبة السياسية ب"الانقلاب على الشرعية الدستورية منذ تجميده البرلمان في يوليو 2021".
محاكمة في غياب المتهمين وجاءت الأحكام بعد جلسات عقدتها المحكمة الابتدائية في 4 مارس و11 أبريل الماضيين، وسط غياب المتهمين عن المحاكمة، واحتجاجات لأهاليهم خارج قاعة المحكمة.
وتراوحت العقوبات بين 13 و66 عامًا، ومن بين المحكومين: رضا علي الجيلاني (16 سنة)، وعبد الحميد الجلاصي، والسيد محمد الفرجاني، والصحبي عتيق، وكمال البدوي (13 سنة لكل منهم).
كما أصدرت المحكمة أحكامًا بالسجن 18 سنة ضد قيادات بارزة في المعارضة مثل عصام الشابي (أمين عام الحزب الجمهوري)، ورضا بلحاج (رئيس ديوان رئاسي سابق)، وغازي الشواشي (وزير سابق)، وجوهر بن مبارك، والناشطة شيماء عيسى.
تهم فضفاضة وملف توسع تدريجيا ووفقًا للوكالة الرسمية للأنباء في تونس، شملت لائحة التهم "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وتكوين وفاق إرهابي، ومحاولة تبديل هيئة الدولة، وإثارة الفوضى، والإضرار بالأمن الغذائي والبيئة".
وانطلقت التحقيقات في فبراير 2023، وشهدت توسعًا مستمرًا شمل شخصيات من أطياف مختلفة، ما عزز الشكوك حول الطابع السياسي للقضية.
الشابي: مظلمة وراءها السلطة السياسية وصف أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة "الخلاص"، القضية بأنها "مظلمة كبرى تقف وراءها السلطة السياسية"، مشيرًا إلى أن التعتيم على المحاكمة وغياب المتهمين دليل على "رغبة النظام في قمع العمل السياسي وتجريمه".
وقال في بيان للجبهة إن "الحكم طال نُخبة من قادة المعارضة السّياسيّة، التي لم ترتكب جرما غير المعارضة المدنيّة السّلميّة"، مضيفًا أن "العديد من المتهمين لا علاقة لهم بالشأن العام أصلًا".
سمية الغنوشي: "مسلسل مكسيكي" بإخراج رديء وفي تعليق ساخر، وصفت سمية الغنوشي، ابنة رئيس البرلمان المنحل ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، القضية بأنها "مسلسل مكسيكي طويل" بإخراج سيئ، مؤكدة أن القضاء "يعمل بأوامر من النظام المنقلب على الشرعية".
وقالت في تسجيل مصوّر إن ملف "التآمر" بدأ بمجموعة صغيرة من الشخصيات ثم توسع لاحقًا ليشمل أسماء لا علاقة لها بالسياسة، مضيفة أن والدها "أدرك منذ البداية عبثية هذه المحاكمات المفصّلة على المقاس"، وأنه قرر مقاطعتها، مشيرة إلى أنه "يسخر منها كلما نقل له المحامون مستجدات الملف".
وختمت بالقول إن والدها "يُقحم في كل القضايا كما يُضاف الملح للطعام"، في إشارة إلى تكرار الزج باسمه في ملفات ذات طابع سياسي.