نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، اليوم السبت، شريط فيديو عُثِرَ عليه في هاتف مسعف استشهد بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي مع 14 آخرين من زملائه في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في 23 مارس/ آذار الماضي، وقالت الصحيفة إنها حصلت على الشريط من دبلوماسي كبير في الأممالمتحدة طلب عدم الكشف عن هويته. واستهدف هجوم إسرائيلي طواقم الهلال الأحمر والدفاع المدني الفلسطيني في رفح أثناء تأدية مهامهم الإنسانية الشهر الماضي، بحسب ما ذكرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، التي أشارت في بيان، إلى أن الطواقم الطبية كانت متوجهة إلى منطقة الحشاشين لتقديم الإسعافات الأولية للمصابين جراء قصف إسرائيلي، قبل أن تتعرض لنيران كثيفة من قوات الاحتلال، ما أدى إلى استشهاد أفرادها. وأعلنت الجمعية، الأسبوع الماضي، العثور على جثامين 14 شهيداً، بينهم ثمانية من مسعفي الجمعية، وخمسة من أفراد الدفاع المدني الفلسطيني، إضافة إلى موظف تابع للأمم المتحدة، وذلك بعد أسبوع من فقدان الاتصال بهم، إثر الهجوم الإسرائيلي.
ويظهر شريط الفيديو الذي عُثِرَ عليه في الهاتف المحمول لأحد المسعفين، أن سيارات الإسعاف وشاحنة الإطفاء التي كانوا يتحركون فيها، كانت تحمل علامات واضحة، وكانت أضواء إشارات الطوارئ مضاءة عندما أطلق الجنود الإسرائيليون وابلاً من النيران عليها، ما يدحض ادعاءات الاحتلال بأن "بعض المركبات جرى التعرف عليها وهي تقترب بطريقة مريبة من دون أضواء أو إشارات طوارئ باتجاه الجنود".
وقالت "نيويورك تايمز" إنها تحققت من موقع الفيديو، الذي التُقط في جنوب مدينة رفح صباح يوم 23 مارس، مشيرة إلى أنه صُوّر في ما يبدو أنه الجزء الداخلي لمركبة متحركة، ويظهر قافلة من سيارات الإسعاف وسيارة إطفاء، تحمل علامات واضحة، مع تشغيل المصابيح الأمامية والأضواء الوامضة، وهي تسير باتجاه شمال رفح في الصباح الباكر. رابط الفيديو https://x.com/_Assaf_MD/status/1908375085380989188?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1908375085380989188%7Ctwgr%5E3906be40af4d1eab0f468deaa19763ef4adc0385%7Ctwcon%5Es1_c10&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.alaraby.co.uk%2Fpolitics%2FD981D98AD8AFD98AD988-D984D980D986D98AD988D8B1D98AD988D8B1D983-D8AAD8A7D98AD985D8B2-D98AD8AFD8ADD8B6-D8B1D988D8A7D98AD8A9-D8A7D984D8A7D8ADD8AAD984D8A7D984-D8ADD988D984-D985D8ACD8B2D8B1D8A9-D8A7D984D985D8B3D8B9D981D98AD986-D8A8D8B1D981D8AD وبحسب شريط الفيديو، توقفت القافلة عندما صادفت مركبة انحرفت إلى جانب الطريق، ليتبيّن أنها إحدى سيارات الإسعاف التي أُرسلت سابقاً لإسعاف المدنيين الجرحى، وتعرضت لهجوم. وشوهد عمال الإنقاذ، اثنان منهم على الأقل يرتديان زياً رسمياً، يخرجون من شاحنة إطفاء وسيارة إسعاف تحمل شعار الهلال الأحمر، ويقتربون من سيارة الإسعاف التي انحرفت إلى جانب الطريق، قبل أن تنطلق أصوات إطلاق نار كثيف، إذ شوهد وسُمع في الفيديو وابل من الطلقات النارية يصيب القافلة.
ووفق "نيويورك تايمز"، اختفى في هذه اللحظة الفيديو، لكن الصوت بقي مستمراً لمدة خمس دقائق، يُسمع فيه إطلاق النار المتقطع، ورجل يقول باللغة العربية إن الإسرائيليين موجودون في المكان، قبل أن ينطق الشهادتين مرات عدة. وفي الخلفية، يُسمع ضجيج من أصوات عمال الإغاثة والجنود وهم يصرخون بأوامر باللغة العبرية، من دون أن يكون واضحاً ما يقولونه، وفق الصحيفة الأميركية. حكومة غزة: جريمة رفح إعدام وحشي
وفي السياق، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم السبت، تعليقاً على شريط الفيديو، أن الجيش الإسرائيلي نفذ إعداماً وصفه ب"الوحشي وغير المسبوق" بحق الطواقم الطبية والدفاع المدني في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوب القطاع، في 23 مارس الماضي.
وقال المكتب الحكومي: "في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الأسود، وثّق مقطع فيديو لحظات إعدام بشعة ومتعمدة ارتكبها جيش الاحتلال النازي بحق الطواقم الطبية والإنسانية وفرق الدفاع المدني، الذين استهدفهم بدم بارد أثناء أداء واجبهم الإنساني النبيل في المهمة الإنسانية وإنقاذ الأرواح". وأضاف أن مقطع الفيديو الذي "عُثر عليه في هاتف مسعف فلسطيني وُجدت جثته في مقبرة جماعية، كشف أن سيارات الإسعاف والدفاع المدني التي استُهدفت كانت تحمل علامات واضحة ومضيئة تدل على طبيعتها، وكانت أضواء الطوارئ تعمل لحظة استهدافها".
وشدد على أن ما أظهره الفيديو "ينسف بالكامل رواية الاحتلال الإسرائيلي الكاذبة والمضللة التي زعم زوراً أن المركبات اقتربت بطريقة مريبة من دون إشارات واضحة، بينما يفضح الفيديو أكاذيب جيش الاحتلال". وعدّ المكتب الحكومي هذه الجريمة "انتهاكاً صارخاً لكل المواثيق الدولية"، وحمّل المجتمع الدولي "مسؤولية السكوت عنها". وطالب ب"فتح تحقيق دولي مستقل في جريمة إعدام الطواقم الطبية والدفاع المدني"، وإرسال "لجان تقصّي حقائق إلى المواقع المستهدفة، وزيارة المقابر الجماعية التي أخفت إسرائيل وراءها فصولًا من الرعب والإبادة الجماعية الممنهجة". محمود بصل: إعدام المسعفين في رفح جريمة تفوق التخيل
من جهته، اعتبر المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل أن إعدام إسرائيل لمسعفين ورجال إطفاء جريمة تفوق التخيل ولم تحدث بتاريخ القرن الحديث، قائلاً إن الفيديو المسرّب يثبت أن الطواقم كانت ترتدي الزي الخاص بالعمل الإنساني وتضيء إشارات الإنارة بشكل واضح لا لبس فيه.
وطالب بصل في تصريح لوكالة الأناضول، بتشكيل لجنة تحقيق دولية وأممية لمباشرة العمل في تفاصيل واقعة إعدام الطواقم الطبية والإنسانية ومحاسبة إسرائيل، قائلاً: "بعد توثيقات الفيديو المسرّب، على المنظمات الدولية والأممية البدء بمحاسبة إسرائيل على جريمة إعدام العاملين في المجال الإنساني". وأضاف: "الفيديو المسرّب يكذب كل مزاعم الجيش الإسرائيلي عن واقعة إعدام طواقمنا وأفراد الهلال الأحمر في رفح".
بدوره، أشار المكتب الإعلامي للجان المقاومة في فلسطين، إلى أن الفيديو الذي بثته صحيفة نيويورك تايمز، والذي يكشف الرواية الكاذبة الصهيونية حول جريمة ومجزرة موظفي الدفاع المدني والهلال الأحمر في رفح، يكشف كذب مزاعم العدو الصهيوني، ويدلّل أن كل ما يتحدث به الجيش الصهيوني وقادة العدو ما هو إلا افتراءات مكشوفة وباطلة، تهدف إلى تبرير جرائمهم النكراء.
وقال: "الفيديو الذي بثته النيويورك تايمز يكشف الخلل القيمي والأخلاقي والإنساني المريع الذي أصاب المنظومة الدولية، وتخاذل المجتمع الدولي ومؤسساته كافة عن أخذ دورها في وقف المجازر والإبادة الجماعية ومحاسبة مرتكبيها"، مشيراً إلى أن "ما يشهده قطاع غزة على مرأى ومسمع من العالم، هو مسلسل متواصل من جرائم حرب وإبادة جماعية موثقة وتطهير عرقي كامل، تنفذها العصابات الصهيونية الفاشية الصهيونية بتواطؤ ودعم وسلاح وتشجيع أميركي وتخاذل دولي، وصل لحد الشراكة في هذه الجرائم". وشدد على أن "الجرائم الصهيونية المتصاعدة بحق النساء والأطفال والشيوخ بحاجة إلى تحرك عربي وإسلامي شعبي ورسمي فاعل وجاد لوقفها، وحان الوقت لكي تكون الأمة بمستوى التحديات التي تواجه وجودها".
والأسبوع الماضي، استنكرت وزارة الصحة الفلسطينية "الجريمة البشعة" التي ارتكبها الاحتلال بحق الطواقم الطبية، مؤكدةً أن بعض الشهداء عُثر عليهم وهم مقيدو الأيدي، وقد أصيبوا في الرأس والصدر قبل أن يُدفنوا في حفرة عميقة بهدف إخفاء معالم الجريمة، وطالبت الوزارة المنظمات الأممية والجهات الدولية بإجراء تحقيق عاجل ومحاسبة الاحتلال على هذه الانتهاكات، داعيةً إلى توفير الحماية للطواقم الطبية وضمان وصولها الآمن إلى المحتاجين وفق ما تكفله القوانين الدولية.